Site icon IMLebanon

عمليات الاستحواذ العابرة للحدود 2016

acquisitions

ميغا باهري

على الرغم من ربع عام عاصف شهده الاقتصاد العالمي، وتأرجح الأسواق وسط وجهات نظر وآراء ومشاعر متقلبة ومتضاربة حول تقييم المخاطر، أثبتت عمليات الاندماج والاستحواذ مرونتها بصورة مدهشة. وإلى جانب تهافت المستثمرين الصينيين للفوز بالصفقات الكبرى، تتطلع شركات أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية إلى أوروبا بحثاً عن فرص زهيدة، وفقاً لتقرير جديد أعدته شركة المحاماة (Baker & McKenzie).

ويرى التقرير أنه بعد نتائج قياسية في الربع الأخير من عام 2015، شهد نشاط الصفقات العابرة للحدود بداية بطيئة هذا العام، بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي الصيني، وتراجع أسعار النفط، والتهديد البريطاني بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب تقلب أسواق الأسهم، مما دفع المستثمرين إلى التزام المزيد من الحذر.

كما أورد إعلان المشترين عن إتمام 1,202 صفقة عابرة للحدود، بقيمة 324 مليار دولار وبارتفاع نسبته 14% في القيمة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي وبالرغم من انخفاض الحجم بنسبة 10%. وقد اعتلى الصينيون القمة بتحطيم رقم قياسي في إجراء عمليات الاندماج والاستحواذ الخارجية التي بلغت 83.2 مليار دولار خلال ربع عام واحد. فيما شملت الصفقات الصينية الخارجية عدداً من القطاعات: الكيماويات وخدمات الأعمال والمستهلكين، لتؤشر على رغبة صينية بدخول مجال تقنيات التصنيع المتقدمة، والمعرفة التكنولوجية ببناء العلامات التجارية العالمية.

وقد كانت أكبر صفقة عقدت في الربع الأول من هذا العام، استحواذ (ChemChina) الحكومية على شركة الكيماويات الزراعية السويسرية (Syngenta) مقابل 45.8 مليار دولار، كجزء من جهود تدعيم إنتاجها الزراعي، في ضوء ازدياد استهلاك الطبقة السكانية المتوسطة للأغذية. من جهة ثانية، سعى المشترون الصينيون لإبرام سلسلة من الصفقات في أمريكا الشمالية شملت قطاعات: العقارات وخدمات الأعمال والإعلام والصناعات الاستهلاكية، بلغ مجموعها 26.9 مليار دولار.

وفي خضم نشاط الصفقات المبرمة بين أمريكا الشمالية والاتحاد الأوروبي خلال الفترة نفسها من هذا العام، سيما في قطاع الرعاية الصحية- أعلنت الشركة الأمريكية لصناعة الأدوية البديلة (Mylan) في شهر فبراير/ شباط، عن رغبتها في الاستحواذ على شركة الصناعات الدوائية السويدية المتخصصة (Meda) مقابل ما يقرب من 10 مليارات دولار.

وأبرم المشترون من أمريكا الشمالية 6 من بين أضخم 10 صفقات عابرة للحدود، بقيمة إجمالية بلغت 66.7 مليار دولار. وكان نصفهم مشترون كنديون يسعون وراء صفقات ضخمة في أميركا، مثل: استحواذ (Waste Connections Inc.) على (Progressive Waste Solutions) مقابل 7.9 مليار دولار. وفي أمريكا اللاتينية، أدى إبرام (Inversora Carso)، الذراع الاستثمارية لقطب الأعمال المكسيكي كارلوس سليم- لصفقتين ضخمتين إلى دفع قيمة عمليات الاستحواذ التي أبرمتها المنطقة في الاتحاد الأوروبي إلى 8.9 مليار دولار، وهي مستويات قياسية في ربع عام واحد. كما تضمنت الصفقات استحواذ (Inversora Carso) على شركة الإنشاءات الإسبانية (Fomento de Construcciones y Contratas) مقابل 7.4 مليار دولار، وشراء شركة العقارات الإسبانية (Realia) مقابل 1.4 مليار دولار.

يقول مايكل دي فرانكو، رئيس قسم عمليات الاندماج والاستحواذ العالمية في (Baker & McKenzie): “ستظل الأسواق المتقدمة هدفاً جذاباً للمستثمرين الذين يجرون عمليات الاستحواذ من مناطق أخرى في عام 2016، وتحديداً المستثمرون من منطقة آسيا والمحيط الهادئ ممن يبحثون عن فرص جديدة للتوسع والنمو. إن برنامج التيسير الكمي المستمر الذي ينتهجه المصرف المركزي الأوروبي، يعني استمرار اعتبار الأصول في الاتحاد الأوروبي ذات قيمة من وجهة نظر المستثمرين في آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا الشمالية، ممن يجرون عمليات الاستحواذ. أما المستثمرون المستعدون لتحمل المخاطر، فتبدو لهم الأصول في بريطانيا أرخص ثمناً، بسبب الانخفاض المستمر في سعر الجنيه واحتمال خروجها من الاتحاد الأوروبي. وفي هذه الاثناء، قد نشهد المزيد من استثمارات الشركات الصينية في عام 2016، والتي ستتجاوز بسهولة الأرقام المحققة في قارتي أمريكا الشمالية وأوروبا”. ويضيف: “إنها تشير أيضاً إلى تحول في الاستراتيجية الاستثمارية الصينية.

كما يقول دانيان زهانغ، رئيس مكتب (Baker & McKenzie) في شانغهاي: “من الأسواق الناشئة إلى الاقتصادات المتقدمة، ومن قطاعات الطاقة والموارد الطبيعية إلى التكنولوجيا والخدمات المالية- تستهدف الشركات الصينية العلامات التجارية والمواهب والأصول الأخرى التي تساعدها على زيادة قدرتها التنافسية في بلادها وفي الخارج. ونتوقع استمرار هذا التوجه خلال عام 2016، مع اتجاه الاقتصاد الصيني نحو الاستقرار، وعزم البلاد على التحول من اقتصاد تقوده الصناعة منخفضة الجودة إلى اقتصاد يركز على الاستهلاك والخدمات”.