أعربت مصادر دبلوماسية غربية عبر الوكالة “المركزية”، في معرض تقويمها للمرحلة الاولى من الاستحقاق الاحد الماضي ـ الى جانب ترحيبها باجراء الانتخابات البلدية ضمن آجالها الدستورية المحددة ـ عن أسفها لنسبة المشاركة الهزيلة في العملية الانتخابية لا سيما في بيروت والتي تركت خيبة كبيرة لديها، مستغربة برودة اللبنانيين في التعاطي مع الاستحقاق وغياب حماستهم للانتخابات التي تشكل اللبنة الاهم التي يقوم عليها صرح الديموقراطية، مضيفة “وكأن اللبنانيين نسوا معاني هذه الديموقراطية وأصولها واعتادوا شواذ التمديد والفراغ وتأقلموا معه، وهذا مؤشر خطير”. واعتبرت المصادر انّ “الارقام التي حملتها انتخابات الاحد، لا سيما في بيروت، تكشف حالة قنوط وحتى “قرف” باتت تتحكم بالمواطنين. فالاحزاب على تنوعها ورغم حملات الحشد والتجييش التي أطلقتها قبل الاستحقاق، عبر المهرجانات الشعبية والخطب المتلفزة وسواها، لم تتمكن من استنهاض قواعدها الشعبية وحملها الى صناديق الاقتراع حيث لم تتخط نسبة المشاركة الـ20%، ربما لانّ الازمات التي اكتوى منها الناس في السنوات الماضية وأفظعها أزمة النفايات، قضت نهائيا على خيط الامل الرفيع الذي كانوا لا زالوا يعلقونه على الطبقة السياسية الحاكمة.
لكن المصادر تتوقف أيضا عند عجز المجتمع المدني الذي توحد تحت سقف لائحة “بيروت مدينتي” عن كسب دعم الرأي العام وتأييده حيث لم ينجح في رفع نسبة المشاركة في الانتخابات، مع ان التصويت القوي لصالح هذا الفريق كان يمكن ان يظهر رغبة اللبنانيين بالتغيير وتمسكهم بالديموقراطية. وتستطرد: “ربما المجتمع المدني الذي علا صوته اثر أزمة النفايات قبل ان يعود وينقسم على نفسه، يحتاج الى تأطير والى تنظيم صفوفه أكثر والى قيادة ترأسه، كما يحتاج الى الابتعاد عن الفوضى وتحديد مشروع عمله بوضوح، ليتغلب على المنظومة القائمة ويكسب الرهان في المستقبل، فالـscore الذي حققته “بيروت مدنيتي” يدل الى ان الناس تريد الخروج من الواقع الذي تتخبط به لكنها غير مقتنعة بما يتم طرحه كبدائل”. الا ان المصادر تشير الى ان “هذا المجتمع المدني، الذي لا يزال اليوم “نواة”، رهاننا عليه كبير، كونه بعيداً من الاصطفافات السياسية التقليدية وعابرا للمذاهب والطوائف”، آملة ان يشتد ساعده ويتمكن من تحقيق خرق في الواقع اللبناني القائم.
وتنتقل المصادر الى البقاع لتلفت الى انّ الانتصارات التي حققتها الجهات الحزبية أتت هزيلة، ما يدل بوضوح الى ان النقمة الشعبية على السياسيين وعلى الاحزاب تكبر، مذكرة بأن “حزب الله” اضطر الى ارسال نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الى المنطقة والى اصدار تكليف شرعي، لحمل قواعده على النزول الى صناديق الاقتراع، في حين احتاج رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى الظهور على الشاشات يوم الاحد لحضّ قواعدهما على المشاركة في العملية الانتخابية لا سيما في زحلة، الامر الذي يعكس درجة فقدان الثقة الكبيرة التي وصلت اليها علاقة اللبناني بالسلطة.
لكن المصادر تجدد أخيرا تمسكها بالديموقراطية التي لا يزال لبنان رغم كل شيء يتمتع بها، في حين يفتقدها معظم محيطه، وتعرب عن أملها بأن تتحسن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية في مراحلها المقبلة، مؤكدةً انّ هذا الاستحقاق مهم وعلى اللبنانيين المشاركة فيه رغم عدم رضاهم من الواقع الحالي، ليثبتوا تمسكهم بالاصول الديموقراطية وتداول السلطة.