للخبر وقعه. بنك «عوده» يترك لبنان وينقل مقر إدارته العامة إلى دولة الإمارات. لم يُحسم بعد هل تكون الوجهة النهائية العاصمة أبو ظبي أم إمارة دبي. لكن يبدو أن الموضوع بات في مراحله الأخيرة مع السلطات المالية والقانونية في الامارات. وستكون هذه الرخصة الأولى التي تمنحها السلطات الاماراتية، منذ أكثر من 20 عاماً، لبنك خارجي ليمارس أعماله على أراضيها
نادر صباغ
تؤكد مصادر مصرفية مطلعة ان إدارة بنك عوده بدأت، منذ فترة، البحث في نقل الإدارة العامة للمصرف وجزء كبير من فريق العمل الأساسي إلى خارج البلد. لم تأت هذه الخطوة من فراغ، بل جاءت تماشيا مع توجهات أبداها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في أكثر من مناسبة، بضرورة تضافر جهود كل المعنيين للمحافظة على سلامة الوضع النقدي في لبنان.
بحسب مطلعين، يبدي سلامة هذه الأيام حرصاً متزايداً على ضمان الاستقرار المالي والنقدي في البلد، ومحاولة تجنيب القطاع المصرفي أي “خضات” تأتي من الخارج، بسبب أزمات أو تعثرات لا يملك المصرف المركزي القدرة الكاملة على التحكم بكل مفاصلها، خصوصاً أن المصارف اللبنانية تشهد أصلاً كمّاً كبيراً من الضغوطات، ولا يحتاج الأمر إلى “وجع رأس” إضافي.
التوسع الخارجي في قاعدة أعمال بعض المصارف اللبنانية ــــ والتي يمثل “عوده” نموذجاً جليا لها ــــ والأزمات الاقتصادية والمالية التي تعصف بالمحيط، وحتى ببعض الدول التي كانت تعد ملاذاً آمناً للاستثمارات، دفعت بسلامة إلى مزيد من التشدد حيال عمل المصارف اللبنانية محلياً ــــ خصوصاً إذا كان حجم اعمالها يفوق الناتج المحلي كحال “عوده” ــــ لأن أي ضرر يلحق به، سيؤدي إلى أزمة لا تحمد عقباها، سيما أن أكثر من نصف أعمال “عوده” اليوم هو خارج لبنان، كتركيا ومصر وعدد من الدول الاوروبية…
«عوده» أم إثنان؟
في حال تمت الخطوة ونقلت المجموعة مقرها إلى الخارج، السؤال الذي يطرح: هل سيخضع عمل البنك لرقابة الهيئات الناظمة في أبو ظبي أم لرقابة الهيئات الناظمة في لبنان؟ بمعنى هل سيصبح بنك عوده في لبنان فرعاً إقليمياً بعد مباشرة عمله إنطلاقاً من أبو ظبي؟ يبدو أن الأمر لم يحسم في هذه الجزئية الأساسية بشكل نهائي بعد، وإن كانت مصادر مطلعة أشارت إلى أن هناك توجهاً لدى إدارة البنك لقيام كيانين منفصلين، بالإبقاء على بنك عوده لبنان ليكون مختصاً بالعمل محلياً، وفصل الأعمال الخارجية للبنك وإلحاقها ببنك عوده (الدولي) الذي سيعمل إنطلاقا من الامارات.
في سياق متصل، ذكرت معلومات بأن ممارسة “عوده” للعمل المصرفي على اساس الرخصة الممنوحة من قبل السلطات الاماراتية ستترافق مع خطوة رئيسة ستتعلق بإعادة هيكلة بعض المحافظ لدى المجموعة، وابرزها محفظة البطاقات الائتمانية. وبحسب المعلومات، فإن هذه المحفظة ستنتقل إلى شركة ستكون تابعة للمصرف، وستكون للرئيس نجيب ميقاتي حصّة وازنة فيها قد تتجاوز نسبتها 40% بحسب مطلعين.
إنطلاق “عوده” بهذه الخطوة إلى الإقليمية، أو حتى العالمية، في رأي خبراء اقتصاديين، لها إيجابيات كثيرة تفوق بكثير السلبيات المتوقعة. فاليوم، يتركّز أكثر من نصف نشاط البنك خارج لبنان، وهو في وضعه الحالي مقيّد، شاء أم أبى، بالقيود التي تفرض على عمل المصارف اللبنانية والتي يُتوقع ان تزداد وتيرتها في الفترة المقبلة، وهو بالتالي يحتاج إلى مزيد من التحرر من سقف المخاطر السيادية وتوسيع قاعدته الخارجية وزيادة رأسماله. وفي هذا الاطار أشارت معلومات الى إمكانية دخول مساهمين جدد بنسبة قد تصل إلى 25% بعد إتمام عملية الانتقال.
كذلك يسعى “عوده”، من خلال الانتقال خارجياً، إلى تحسين تصنيفه الائتماني وخفض تكاليف الاقتراض وتوسيع قاعدة المساهمين، وأن يطرح نفسه باعتباره مصرفاً إقليمياً أو حتى دولياً، وليس مجرد قصة نجاح لبنانية.
المجموعة توضح
في رده على ما أثير عن احتمال نقل مقرّ المجموعة إلى خارج لبنان، أوضح بيان صادر عن مجموعة “عوده” الاتي:
أوّلاً: لم يتّخذ بنك عوده أيّ قرار بشأن هذه المسألة.
ثانياً: إذا تمّ اتّخاذ قرار مماثل وعند اتّخاذه، سيعلن البنك ذلك انسجاماً مع سياسة الإفصاح التي يتّبعها ومع المتطلّبات القانونيّة المرعيّة الإجراء. وحتى ذلك الحين، يبقى كلّ حديث في هذا الصدد مجرّد تكهّنات.
ثالثاً: إنّ بنك عوده يدرس باستمرار الخيارات الإستراتيجيّة الكفيلة بتعزيز القيمة المضافة لمساهميه كما لأصحاب المصالح، وبوجهٍ خاصّ عملائه.
رابعاً: إنّ بنك عوده، انطلاقاً من موقعه كأكبر مجموعة مصرفيّة في لبنان، يحرص دوماً على مواصلة تعزيز ريادته في السوق اللبنانيّة، وهي ريادة تندرج في صميم عمله ونجاحه. وإنّ لبنان هو الركيزة الأساسيّة لنمو المجموعة في ظلّ التنظيم الحكيم والرقابة الفعّالة لمصرف لبنان.
مهما تكن النتيجة النهائية التي ستؤول إليها العملية بتفاصيلها الصغيرة، يؤكد معنيون إن الخطوة إن تمت لن يكون لها أي أثر سلبي على المصرف وعملائه وأعماله محليا، بل على العكس ستكون فرصة لمزيد من التطوير والنمو للمجموعة وستفتح لها آفاقا، لا يسمح وضعها الراهن بتحقيقه.