فكفردبيان في الإنتخابات النيابية عام 2009 كانت خشبة الخلاص للائحة العونيين والعماد ميشال عون تحديداً، إذ صبّت أكثرية الأصوات لهم وأنقذتهم من فخّ السقوط في وجه لائحة قوى «14 آذار» التي إرتكبت هفواتٍ جعلتها تخسر المعركة النيابية آنذاك.
مرّت الإنتخابات البلدية عام 2010 بسلام على عاصمة الجرد، وفاز جان عقيقي برئاسة البلدية متحالفاً مع عائلة زغيب، لكن بعد مرور السنوات الست، والكلام عن مصالحة «التيار الوطني الحرّ» و«القوّات اللبنانية»، يظهر جلياً أنّ العصب العائلي ما زال الأقوى ويتفوّق على مختلف القوى الحزبية مهما أُبرَمت تفاهمات وصيغت تحالفات جديدة.
«التيار» يقف على الحياد
واللافت في بلدة من البديهي أن تكون للأحزاب الكلمة الفصل فيها حيث يبلغ عدد المسجلين على لوائح الشطب نحو 5000 ناخب غالبيتهم الساحقة موارنة، هو تقدّم العائلات الى الصفوف الأمامية وتراجع القوى الحزبية وعلى رأسها «التيار الوطني الحرّ» وتركه الحرّية لناخبيه، حيث يؤكّد منسق «التيار» في كسروان الفتوح جيلبير سلامة لـ«الجمهورية» أنّ «تيارنا لا يدعم لائحة معيّنة في كفردبيان، والمعركة عائلية بامتياز ولن يصدر أيّ موقف رسمي يؤيّد لائحة على حساب أخرى، وهذا بات واضحاً لجميع المرشحين والناخبين».
يسيطر جوّ من الترقّب والحذر في شوارع وأزقّة البلدة المرتفعة عن سطح البحر، لكنّ برودة الطقس لم تنعكس على الحماوة الإنتخابية، وبات المشهد موزّعاً على ثلاث لوائح من المفترض أن تكتمل وتُعلَن إثنتان منها اليوم، واللافت أيضاً أنّ المرشحين الثلاثة هم من ثلاث عائلات: نائب الرئيس الحالي أنطوان زغيب، جاك عقيقي، وبسّام سلامة.
تقاسُم عائلي
إتخذ رئيس البلدية الحالي جان عقيقي قراراً بعدم الترشّح مجدّداً لولاية جديدة، ونتيجة الإتفاق الضمني الذي أبرم بين آل عقيقي وآل زغيب عام 2010، فقد نزل الى المعركة نائب الرئيس انطوان جورج زغيب، حيث يشرح لـ«الجمهورية» أنه «في الدورة الماضية كانت الرئاسة لعائلة عقيقي ونائب الرئيس لعائلتنا، وبما أننا على تحالف، فقد ترشحت للرئاسة ونائب الرئيس سيكون من عائلة عقيقي والرئيس جان يدعمنا»، مؤكداً أنه «مرشح كلّ عائلات كفرذبيان وبالتأكيد مرشح عائلتي زغيب وعقيقي».
ويوضح أنّ «المعركة التنافسية ديموقراطية والمرشح جاك عقيقي سيأخذ من كلّ العائلات وليس من عائلته فقط أو يشكل ضربة لتحالفنا»، مرجحاً إكتمال اللائحة اليوم، ومشيراً إلى أنّ «»التيار» و»القوات» هما مَن يُحددان موقفهما، لكنّ الجوّ العام يدلّ على أنهم ميالون إلينا».
على رغم أنّ الإنتخابات البلديّة تشبه بعضها في كلّ الدورات، لكنّ ما يميّز إنتخابات كفردبيان هذه المرّة هو تنافس ثلاث لوائح أساسيّة، ما يدلّ على
أنّ عامل التشطيب سيلعب دوراً مهماً، ومن الممكن أن يوصل مجلساً بلدياً من اللوائح الثلاث، وهنا يبرز تحدٍّ جديد في الإنسجام بين الأعضاء الـ15 المكوّنين للمجلس، خصوصاً إذا لم تستطع أيّ لائحة حصد الغالبية التي تمكّنها من الفوز بالرئاسة.
لم يَمنع الإتفاق الذي حُكي عنه بين عائلتي زغيب وعقيقي عام 2010، من ترشّح إحدى الشخصيات المنافسة من عائلة عقيقي في وجه أنطوان زغيب، وفي هذا الإطار، يُحاول المرشّح الى رئاسة البلدية جاك عقيقي الطمأنة إلى أنّ الجوّ هادئ وليس هناك أيّ أمر غريب.
ويشير لـ«الجمهوريّة» الى أنّ «تحالف انطوان زغيب هو مع قسم من بيت عقيقي لا كلّ العائلة». ويقول: «أنا مهندس ولديّ مشاريع في المنطقة والبلدة، وهدفي تنفيذ مشاريع إنمائية في كفردبيان، وبالطبع عائلتي تدعمني لكن لديّ صداقات مع كلّ العائلات ولا أخوض الانتخابات على أساس التحدّي بل من أجل التنافس الديموقراطي».
وإذ يُرجّح الإعلان عن اللائحة اليوم، يرى «أنّ ولادة ثلاث لوائح في البلدة ظاهرة صحيّة، ما يكسر حدة التشنّج ويُكثر الخيارات»، معتبراً أنّ «الجميع أهل وسنتعاون مع بعضنا بعد يوم الإنتخاب وظهور النتائج».
3 لوائح
تتميّز كفردبيان بعائدات بلديتها المالية المرتفعة، وبالتنوّع العائلي والحزبي، حيث هناك ثلاث عائلات كبيرة لكلّ واحدة مرشّحها، وهم بالتدرّج عقيقي، زغيب، سلامة، إضافة الى عائلات أخرى لعبت دوراً في تاريخ البلدة وكسروان.
وفي ظلّ الحديث عن دعم حزب الكتائب اللبنانية للائحته، يؤكّد المرشح بسام سلامة لـ«الجمهوريّة» أنّ «لائحته مؤلّفة من جميع الحزبيين والعائلات، فنحن خلعنا ثوبَ العائلية والحزبية وارتدينا ثوبَ البلدة لأنّ مشروعنا هو إنماؤها وتطويرها». ويقول إنّ الخميس هو الموعد المقرّر لإعلان اللائحة، «ونتمنّى أن يكون التنافس ديموقراطياً ولخدمة الصالح العام».
بعد تراجع الأحزاب عن خوض معركة كبيرة في البلدة وترك الساحة للعائلات، يؤكد منسّق «القوات» في كفردبيان شربل زغيب لـ»الجمهورية» أنّ «البلدة تنام على شيء وتستفيق على آخر، وليس هناك تركيبة نهائية حتى الساعة والاتجاه هو لتأليف ثلاث لوائح»، موضحاً أنّ «المعركة تأخذ الطابع العائلي وليس السياسي، فـ«القوات» لم تحسم قرارها نهائياً ومن المرجح أن نحسمه الجمعة أو السبت»، مشيراً من جهة ثانية الى أنّ «كلّ الكلام عن دعمنا لائحة على حساب أخرى هو شائعات».
وعن التنسيق مع «التيار»، يشدّد على أنّ «التنسيق موجود لكن علينا رؤية اللوائح أولاً لنبني على الشيء مقتضاه».
ستنتهي المعركة الإنتخابية مساء الاحد، ويتوّج الفائز. لكن بعد ذلك، يجب الإنصراف الى درس البنية الإجتماعية والسياسية في كسروان كما في بقيّة لبنان، ومحاولة معرفة سرّ تماسك العائلات وصمودها على رغم التغيّرات في القوى السياسية وكأنّ طانيوس شاهين لم يمرّ من هنا، لأنّ غالبية الأحزاب دخلت وذهبت وبقيت العائلات التي تشكّل «التسونامي» الذي يشرذم أكبر التكتلات السياسية وأقوى الأحزاب.