Site icon IMLebanon

مجموعة الخرافي تسيّل أرض المطار

KharafiGroup
يخيّم شبح الأزمة النفطية والخلافات العائلية فوق مجموعة الخرافي التي عمدت إلى تسييل بعض ملكياتها في لبنان والكويت. قبل نحو أسبوع باعت المجموعة قطعة أرض في لبنان في منطقة الغولف ــ بئر حسن بقيمة 67 مليون دولار، علماً بأنها وقعت في شباط الماضي اتفاقاً مع شركة ادبتيو لبيع حصّتها في شركة أمريكانا البالغة 68%

محمد وهبة

قال عاملون في القطاع العقاري، إن تاجر العقارات موسى شرف وشركاءه وقعوا اتفاقاً مع مجموعة الخرافي الكويتية لشراء العقار 197 ــ الشياح البالغة مساحته 32175 متراً مربعاً.

الدفعة الأولى وضعت في حساب أمانة لدى أحد المصارف قبل أيام من توقيع العقد بأيام، علماً بأنه اتّفق أن تكون نسبتها 10% من الثمن الإجمالي المتفق عليه بقيمة 67 مليون دولار. الدفعة الأولى مُوّلت من مصرف صغير على أن تكون حصّة شرف 50% والباقي يتوزّع مناصفة على الشركاء. واتفق أيضاً على تسديد باقي الثمن البالغ 60.3 مليون دولار على ثلاث دفعات، وان مصرف لبنان والخليج هو الذي سيتم عبره تحويل الاموال.
لكن اللافت، ما تردد بين وسطاء مطلعين ان بعض الدفعات ستكون نقدية. وان هذا الامر سيكون محل تدقيق ومتابعة من قبل جهات مصرفية عليا في بيروت، خشية ان تنطوي هذه العملية على مخالفة لاجراءات مكافحة تبييض اموال. مع العلم ان احد المعنيين بالصفقة نفى علمهم بالامر. واشار الى وجود ضمانات مصرفية مقدمة من الشاري الى البائع.
هذه الأرض مؤلّفة من 12 عقاراً جرى ضمّهم إلى بعضهم البعض على مرحلتين؛ الأولى كانت في 2001 وشملت 10 قطع أرض، والثانية في 2005 وشملت قطعتي أرض. بعد ضمّ كل هذه العقارات، وبعدما استملكت منها الدولة ما يكفي لتخطيط أتوستراد المطار، بلغت مساحة الأرض الإجمالية 32175 متراً مربعاً. أما ملكيتها فهي تعود لعائلة الخرافي منذ أكثر من 16 سنة على النحو الآتي:
ــ 31.7% لشركة دانا العقارية المملوكة من فوزي وجاسم الخرافي.
ــ 22.5% لشركة وربة العقارية المملوكة من فوزي وجاسم وناصر الخرافي.
ــ 15.3% لشركة بوبيان العقارية المملوكة من فوزي وجاسم وناصر الخرافي بالإضافة إلى شركة مسجلة في جزر الكايمان اسمها هاريتج جلوي لبنان ليمتد ويمثّلها موظّف في مجموعة الخرافي هو الفرد فخري ابراهيم.
ــ 13.7% لمناف ناصر محمد عبد المحسن الخرافي.
ــ 9.8% لشركة لـ لؤي جاسم محمد الخرافي.
ــ 6.8% لحسام فوزي الخرافي.

وبحسب المعطيات المتداولة بين تجار العقارات، فإن مجموعة الخرافي اشترت هذه الأراضي على مراحل وبأسعار متفاوتة، بمعدل وسطي بلغ 200 دولار للمتر المربع الواحد، أي أن مجمل الثمن المدفوع بلغ 6.5 مليون دولار، وبالتالي ستحقق المجموعة ربحاً ريعياً بقيمة 60.5 مليون دولار من دون أن يكون هناك أي قيمة مضافة في هذه الأرض، مستفيدة من الغطاء السياسي والقانوني الذي يوفّره مجلس الوزراء وقانون تملك الأجانب في لبنان. هذا القانون يتيح لأي أجنبي تملك مساحة تزيد عن 3 آلاف متر مربع بشرط إقامة مشروع عليها ضمن مهلة 5 سنوات قابلة للتجديد لخمسة سنوات أخرى، وعلى أن يصدر مرسوم يجيز هذا الأمر عن مجلس الوزراء.
السجلات الرسميّة لهذه الملكية، تفيد أن عائلة الخرافي استحصلت على مرسوم من مجلس الوزراء يجيز لها شراء هذه الأرض بهدف إنشاء مشروع عليها ضمن مهلة 5 سنوات، إلا أن هذه المجموعة، مثلها مثل كل المجموعات الخليجية التي اشترت أراضي في لبنان، كان هدفها تحقيق أكبر ريع من المضاربة على سعر الارض، فاستفادت من تجديد المهلة لخمس سنوات إضافية انتهت في 3/4/2011. ورغم مرور المهلة القانونية، إلا أن ملكية الارض بقيت ضمن مجموعة الخرافي من دون أي حسيب أو رقيب، مثلها مثل آلاف العقارات غير المبنية التي تحمل تراخيص انتهت مهلتها الإضافية من دون إنجاز أي مشروع عليها.
في هذا الوقت، كانت المجموعة الكويتية تعاني من أزمة سيولة ضخمة دفعتها إلى اتخاذ قرار مع شركائها في مجموعة زين للاتصالات، لبيع شبكة اتصالات منتشرة في 10 دول أفريقية بقيمة 10.7 مليار دولار (مجموعة الخرافي تملك 26% من مجموعة زين)، لكن أزمتهم لم تنتهِ، فحاولوا بيع “زين” لشركة فيفاندي الفرنسية، ثم لشركة اتصالات الإماراتية، ثم لشركة هندية… المحاولات باءت بالفشل في ظل معارضة بعض الشركاء في زين لهذا الأمر. غير أن أزمة الخرافي كانت مستمرّة في ظل الخلافات بين أفراد الاسرة حول قيادة المجموعة، وخصوصاً بين بدر ناصر الخرافي، ولؤي جاسم الخرافي. فالمعروف أن أملاك الشركة لم توزّع بين ورثة محمد عبد المحسن الخرافي ولا بين ورثة الورثة الكثر.

وضع المجموعة كان يستدعي إيجاد سيولة وفكفكة العقد بين الورثة. خرجت بعض الأفكار عن بيع مركز الثقل الأساسي في ثروة المجموعة، أي أسهم شركة “أمريكانا”. المجموعة تملك عبر شركة الخير 68% من شركة “أمريكانا” التي تدير سلسلة علامات تجارية ومطاعم… واتفقت المجموعة مع شركة ادبتيو الإماراتية بعد مفاوضات فاشلة مع شركة صافولا السعودية قبل نحو سنة ونصف السنة.
في موازاة هذه الصفقة كانت مجموعة الخرافي تعمل على خطّ بيع ملكياتها في لبنان وبينها قطعة الأرض في منطقة الغولف ــ بئرحسن مساحتها 32175 متراً مربعاً. في عام 2011 كانت المجموعة تفاوض مع شركة مملوكة من الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي لبيع هذه الأرض بقيمة تزيد عن 90 مليون دولار، إلا أنه لم يتفق على السعر… وقبل نحو سنة فاوضت مع رجل الأعمال وسام عاشور وشريكه السابق موسى شرف لبيعه الأرض بقيمة 65 مليون دولار، لكن شرف وشركاءه الجدد قدّموا عرضاً أعلى بقيمة 3 ملايين دولار لمجموعة الخرافي وأتمّوا الصفقة قبل أيام، مع الاخذ بالاعتبار، أن أحد الشركاء هو باسل نبيه بري، ويعتقد على نطاق واسع بأنه لعب دوراً مباشراً في التواصل مع آل الخرافي لاقناعهم بالتخلي عن تفويض عاشور.
مشكلة هذه الأرض، أنها تقع ضمن مشروع اليسار على أوتوستراد طريق المطار بالقرب من ملعب الغولف، ويمر فيها خطّ الصرف الصحي الاساسي المقرّر ضمن هذا المشروع. سابقاً، كان الهدف من عمليات الضم والفرز التي انتجت هذا العقار، هو بناء مجمع سياحي كبير، بينه فندق من الدرجة الاولى يتبع لمجموعة “حياة ريجنسي”، وهو الأمر الذي تعثر بعدما فشل مشروع “ماريوت” في المنطقة نفسها، وتراجع مستثمرين لبنانيين بارزين عن الدخول في المشروع.
فما هو مشروع شرف وشركائه الجدد؟
يقول العاملون في القطاع العقاري، إن شراء هذه الأرض في هذا الوقت بالذات يعدّ “مغامرة” عقارية، فلا يمكن الرهان على ارتفاع أسعار الأرض ولا يمكن الرهان على مبيعات مسبقة لمساحات تفرز منها، ولا يمكن الرهان أيضاً على أي مشروع سياحي. وبالتالي، إن هذه المغامرة تتطلب تمويلاً ليس متاحاً في هذه الفترة إلا لبعض الأشخاص الذين يريدون أن يبقوا بعيدين عن الأضواء لأسبابهم الخاصة.

مجموعة الخرافي

منذ وفاة أبرز رجالاتها ناصر الخرافي في نيسان 2011، توالت الأنباء عن خلافات بين أفراد العائلة حول قيادة المجموعة، وحول تصفية الأصول وطريقة التعاطي مع الأزمة المالية. وترافق ذلك مع ضغوط مارستها المصارف الدائنة للمجموعة، خصوصاً لإتمام صفقة بيع “امريكانا” بعدما بلغت خسائر المجموعة في البورصة بضعة مليارات من الدولارات منذ الأزمة الكبيرة في البورصات العربية، والتي عرفت باسم “آب الأسود” (2015). مع الاشارة إلى أن مجموعة الخرافي تسيطر على %14 من البورصة الكويتية، من خلال ملكيات مباشرة تصل إلى 12 مليار دولار، معظمها مرهونة للمصارف، وسط أحاديث تزداد يومياً حول خلافات تواجه الجيل الثالث من عائلة الخرافي.