كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:
بما تيسّر من جهد عوني قواتي حاول «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» تسويق «منتج» التفاهم المسيحي الثنائي في قضاء بعبدا تماماً كما في الأقضية الأخرى، لكن الغلّة لم تكن على قدر المطلوب. على مسافة أيام قليلة من فتح صناديق الاقتراع يحاول «أهل التفاهم» تمرير الانتخابات في بعض البلدات «بالتي هي أحسن» تحت شعار «العائلات عايزه كده».
لا مقارنة بين عدد قاطني الحازمية (نحو 50 ألفاً) ومن سيتوجّه من أهل البلدة الأحد المقبل الى صناديق الانتخاب حيث يقدرّ عددهم بأقل من ألفي ناخب، ومع ذلك فالمعركة ستكون ذات دلالات هامة، أولاً لأن اللائحة الثانية «العونية» ستكون في مواجهة رئيس البلدية جان الأسمر الذي يتحصّن بخبرة 12 عاماً في العمل البلدي وله سجلّ طويل في العلاقة المباشرة مع أهالي الحازمية، وثانياً بسبب الموقف القواتي الملتبس في هذا الإطار. في هذه البلدة حاول العونيون والقواتيون إرساء تفاهم «حبّي» مع رئيس البلدية الحالي لكن المفاوضات وصلت الى الحائط المسدود.
طالب «التيار» بحصة من ثلاثة أعضاء في المجلس البلدي الذي يضمّ 12 عضواً، لكن عرض الأسمر كان أقلّ من المطلوب حيث وافق على عضو واحد لـ «التيار»، إضافة الى وضعه «فيتو» على بعض الأسماء، كما يقول ربيع طراف منسّق هيئة قضاء بعبدا في «التيار». لذلك أخذ العونيون قرارهم بدعم لائحة جورج باسيل (رئيساً) وزياد عقل (نائباً للرئيس).
وتؤكّد أوساط «التيار» في هذا السياق أن «خيار «القوات» يتراوح بين دعم اللائحة الثانية أو ترك الحرية للناخبين لكن ليس دعم الأسمر».
لكن لـ «القوات» مقاربة مختلفة، إذ يقول مسؤول «القوات» في بعبدا جوزف أبو جودة «لقد قمنا بعملية احتساب أصوات (بوانتاج) في الحازمية، وكفريق حزبي لا يمكننا خوض معركة غير مضمونة النتائج وليست لصالحنا».
وإذ يشير أبو جودة الى تأثير العائلات الأساسي في هذا النوع من الاستحقاقات البلدية يلفت الى «العلاقة القوية والجيدة التي تربطنا بجان الأسمر خصوصاً من جانب شباب «القوات» في الحازمية، وهو قريب منّا في السياسة وحليفنا، وبالتالي لا يمكننا فرض معركة بوجه الرجل قد لا تقبلها القاعدة القواتية، لذلك فإن القرار القواتي السياسي هو الحياد، فيما يميل قرار شباب «القوات» على الأرض إلى دعم جان الأسمر الذي تشهد البلدة على إنجازاته».
الأسبوع الماضي أعلنت لائحة جان الأسمر من منزل الدكتور ميشال فغالي الذي خاض المعركة البلدية بوجه الأسمر عام 2010 في حضور منسّق «القوات» جوزف أبو جودة، فيما يشدّد الأسمر على «ان لائحته مدعومة من «القوات» و «الكتائب» و «الأحرار» و «العائلات»، لافتاً الى أن «المفاوضات فشلت مع العونيين لأننا لم نتوافق على حصتهم في اللائحة، فلجأوا الى خيار اللائحة الثانية».
في فرن الشباك طالب العونيون والقواتيون بحصة من ثلاثة أعضاء لكل حزب لكن الرفض كان الجواب التلقائي من جانب رئيس البلدية الحالي ريمون سمعان الذي وافق على تمثيل «التيار» و «القوات» بعضوين فقط، كما التزم بتبديل طفيف ضمن لائحته، مع العلم أن جانين عون، إبنة شقيق ميشال عون وشقيقة القيادي في «التيار الوطني الحر» نعيم عون، قد التحقت باللائحة، لكن بصفتها العائلية لا الحزبية كما تقول أوساط «التيار».
في المقابل حاول «التيار» مقابل دعمه لائحة شارل أبو حرب (رئيساً) المقرّب من «القوات» والعميد أنطوان أبو رجيلي (نائب الرئيس ومستقل) فرض شرط الولايتين بحيث يتولّى أبو حرب رئاسة السنوات الثلاث الأولى ويليه مسعود نهرا في النصف المتبقي من الولاية، لكن التوافق لم يحصل فآثر «التيار» ترك الكلمة للعائلات.
يقول ربيع طراف منسّق هيئة قضاء بعبدا في «التيار» «لم نتفق مع شارل أبو حرب، وسنترك الحرية للناخبين»، لافتاً الى أن «أحد العوامل الأساسية لعدم سيرنا في لائحة أبو حرب هو مدى تكافؤ المعركة ومدى ارتياحنا للتركيبة». أما أبو جودة (القوات) فيقول «نحن بالمضمون لسنا ضد ريمون سمعان ولا نريد خوض معركة ضدّه وتركنا الحرية للناخبين».
من جهته يؤكد أبو رجيلي العميد السابق في الجيش «أننا نخوض معركة ضد الفساد حيث تقدّمتُ شخصياً بدعوى ضد ريمون سمعان في ديوان المحاسبة والنيابة العامة المالية، وضد نهج أعاد فرن الشباك الى الوراء لناحية الخدمات»، لافتاً الى «أن «القوات» تدعمنا «من تحت لتحت» لأنها لا تريد خوض مواجهة مباشرة مع سمعان، اما العونيون فيرفعون شعار التغيير والإصلاح لكنهم يتحالفون مع رموز الفساد في المناطق».