IMLebanon

لماذا لا تكون بيروت 12 بلدية؟

Municipal-Council-of-Beirut

 

 

 

 

كتبت دنيز عطاالله حداد في صحيفة “السفير”:

لا يُبدي حزب «الكتائب اللبنانية» حماسة لتسييس الانتخابات البلدية. يحاول المسؤولون في الحزب تجنّب التعليق، قدر الإمكان، على مسار الانتخابات البلدية ونتائجها، سواء في بيروت أو في زحلة. ينسحب ذلك أيضاً على المرحلة المقبلة من الانتخابات في جبل لبنان والتي يُفترض أن لـ «الكتائب» فيها حصة أكبر.

لا يفعل الكتائبيون ذلك ترفعاً أو تخففاً من مسؤوليات. فبرأي مصدر مسؤول في الحزب أن الانتخابات البلدية «تنافس محلي على قضايا إنمائية تتداخل فيها العائلات والحسابات المناطقية، ولا تعكس بالضرورة المواقف السياسية لا للأفراد ولا للتحالفات السياسية. فما تفرزه البلديات من انحيازات وانقسامات ومواقف لا يجسّد دائماً القناعات السياسية للأفراد. والدليل الأبرز على ذلك أن حزب الكتائب نفسه يتحالف في كل بلدة ومنطقة، بحسب ما يرتئيه محازبوه ومناصروه في بلداتهم وقراهم، ومع مَن يعتبرونه قادراً على الإنجاز وتحقيق إضافة ما».

يرى الحزب الصورة بشموليتها في بيروت. يتفهّم مواقف النائب سعد الحريري وخياراته البلدية التي التزم «الكتائب» بها، لكنه يتفهم أيضاً تراجع أعداد الناخبين أو حتى اختيارهم اللائحة المنافسة لـ «لائحة البيارتة»، أي «بيروت مدينتي».

في رأي المصدر المسؤول أن «المشاركة الضعيفة لدى الناخب البيروتي، مردّها في شكل أساسي الى يأس الناس من قدرتهم على التغيير أو تسجيل أي فارق». يعزو ذلك إلى أسباب كثيرة، لكن أبرزها «قانون الانتخاب الذي يجعل بيروت دائرة واحدة. فهل من المعقول أن يُنتخَب عضو بلدية بعشرات أضعاف أصوات بعض أعضاء المجلس النيابي؟ لماذا لا يتم اعتماد بيروت 12 دائرة انتخابية، أي 12 بلدية، تجتمع في اتحاد واحد، كما يحصل في باريس؟».

لكن ألا يعني ذلك اتحاد الطوائف البلدية؟ يجيب المصدر «أوليس اتحاد الطوائف أفضل بكثير من صراع الطوائف المعلن والمضمر؟ ألا يشكل ذلك دافعاً للناس لتنتخب إيماناً منها بأن صوتها سيصل ويمكن أن يحدث فرقاً، أقله على المستوى المحلي الضيق؟».

يعترف أنه «حصل تفلّت من عدد من المناصرين، إن لم يكن من المحازبين، لجهة الالتزام بالتصويت. وعلى الأرجح هذا ما حصل مع معظم الأحزاب التي انتخب مناصروها وفق رؤيتهم الخاصة».

عدم الرغبة الجدية في خوض غمار البلديات في «البيت المركزي» في الصيفي، ليس انتقاصاً من أهمية البلديات أو دورها، ولا تعففاً سياسياً. هو محاولة لوضع الأمور في نصابها، سواء البلدية أو السياسية. فمنذ ترؤس النائب سامي الجميّل رئاسة «الكتائب» انخرط في ورش عمل على أكثر من مستوى، يمكن تلخيصها تحت عنوان البحث عن دور «الكتائب» في مستقبل لبنان.

على هدي هذه الفكرة تجري «محاولة إعادة قراءة تاريخ الكتائب منذ عام 1936 والإجابة على مجموعة أسئلة، منها: أين أخطأنا وأين أصبنا؟ وقد قمنا بمراجعة نقدية متقدّمة وإن بقيت ضمن إطارها الداخلي. ونحاول تعميق قراءتنا وصولاً الى فلسفة الحزب ودوره، مستفيدين من تجربته الواسعة بمراحل متعددة منذ ما قبل استقلال لبنان الى اليوم، مدققين في أسباب الأزمات وباحثين عن حلول، آملين الوصول لخلاصات يمكن البناء عليها. يترافق ذلك مع ورشة تنظيمية في مجمل القطاعات».

لكن رياح السياسة في البلد تجري عكس ما تشتهيه رئاسة الكتائب الشابة والطموحة. فبرأي المصدر الكتائبي المسؤول أن «الأزمات المتراكمة، من الفراغ في رئاسة الجمهورية الى المعارك الحكومية الى ازمة النفايات الى التحالفات السياسية غير المفهومة، الى غيرها من التحديات اليومية وآخرها الانتخابات البلدية، تفرض نفسها وأولوياتها». لكن الأكيد أن «الخلاصات الأولية التي تتأكد يوماً بعد يوم واستحقاقاً بعد استحقاق هو أننا نعيش في نظام مأزوم، بلغ حداً يستدعي إعادة نظر بنيوية في تركيبته وآليات عمله».