ساهم تهاوي سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، في انتعاش مبيعات السيارات المستعملة بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية، يأتي ذلك في الوقت الذي تراجعت فيه واردات السيارات الجديدة في ظل ارتفاع أسعارها والقيود التي وضعها نظام بشار الأسد على عملية الاستيراد، ومنها زيادة قيمة الجمارك والضرائب.
وعاشت السيارات المستعملة ركوداً حاداً، خلال فترة ما قبل اندلاع الثورة عام 2011، إثر زيادة عدد وكلاء استيراد السيارات الحديثة وإنتاج سورية لسيارات “شام” والتطلع لإنتاج سيارات “لادا” بالتعاون مع حليفي النظام؛ إيران وروسيا، إلا أن الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية أعادا الحياة لسوق السيارات المستعملة خلال الفترة الأخيرة.
وحسب توقعات التجار، ستواصل مبيعات السيارات المستعملة انتعاشها على حساب السيارات الجديدة، في الفترة المقبلة.
وفي هذا السياق، يقول تاجر سيارات بمنطقة الحجر الأسود بالعاصمة دمشق، نزار عامر، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن النشاط عاد إلى سوق السيارات المستعملة أخيراً، بسبب قلة استيراد السيارات الحديثة ورفع الرسوم الجمركية وضريبة الإنفاق الاستهلاكي، ما أوصل سعر السيارة الكورية لأكثر من 3 ملايين ليرة (نحو 6 آلاف دولار)، كما زادت السيارات الأوروبية بشكل كبير، حيث يبلغ سعر سيارة أودي الألمانية 20 مليون ليرة (نحو 39 ألف دولار) فتراجع الإقبال على شرائها بسبب ضعف القدرة الشرائية للسوريين.
وحول أسعار السيارات المستعملة بدمشق، يشير عامر، إلى أنها تراوح بين 2 و5 ملايين ليرة، بحسب النوع وسنة الصنع، مشيراً إلى إقبال السوريين على السيارات الرخيصة وذات قطع الغيار المتوفرة، بسبب غلاء وندرة قطع الغيار.
وكشف مدير النقل بمحافظة دمشق ياسر محمد، في تصريحات صحافية، مؤخراً، أن عدد السيارات التي تم نقل ملكيتها (المستعملة) هذا العام في مديرية نقل دمشق بلغت 35596 سيارة، منها 30093 سيارة خاصة، و5503 عامة.
وأوضح محمد أنه على الرغم من الغلاء الكبير في أسعار السيارات المستعملة، إلا أن حركة بيعها وشرائها نشطة، حيث يتم إنجاز 490 معاملة نقل ملكية يومياً بدمشق، مرجعاً الأسباب إلى توقف حركة الاستيراد.
وتوقفت معظم وكالات السيارات بسورية عن الاستيراد، ما قلل من عدد السيارات الجديدة بالسوق السوري، حسب مسؤول بقسم مبيعات في شركة سيارات بمنطقة معربا بدمشق، سابقاً، محمد الصاوي لـ”العربي الجديد”.
وأشار الصاوي إلى أن نسب ارتفاع الأسعار بأسواق السيارات المستعملة، أقل بكثير من معدلات ارتفاع الحديثة، فسعر الدولار تضاعف 12 مرة، وزادت الرسوم وأجور النقل وحجز المرافئ، مقترحاً ضرورة أن تسمح سورية باستيراد السيارات المستعملة، لأنها برأيه الحل الوحيد لتعويض عدد السيارات التي خرجت عن الخدمة خلال سنوات الحرب، بسبب القصف أو عدم إمكانية الإصلاح.
وارتفع سعر الدولار في السوق السوداء إلى أكثر من 640 ليرة في حين يبلغ سعره الرسمي 512 ليرة.
واستغرب الخبير الاقتصادي صلاح يوسف التهكمي، لـ”العربي الجديد”، منع نظام الأسد استيراد سيارات مستعملة، رغم أنه قرار شخصي، في حين يسمح باستيراد آلات مستعملة للمنشآت والمصانع السورية.
وفي المقابل أكد العامل السابق بشركة سيارات “افتوماشين” الحكومية، محمد العلو، لـ”العربي الجديد”، أنه ليس في مصلحة الوكلاء والحكومة السماح باستيراد السيارات المستعملة، نظراً لمخاطرها على السلامة ومحدودية الرسوم الجمركية المستوفاة من استيرادها.
وقال العلو إن المؤسسة العامة للتجارة الخارجية باعت بمدينة دمشق وعبر مزاد علني خلال شهر آذار/ مارس الماضي، 724 سيارة وآلية متنوعة منها 387 سيارة سياحية مستعملة من مختلف السعات والماركات، ضمن ما سمّي آنذاك ضغط الإنفاق الحكومي وتقليل عدد سيارات المسؤولين.
وأضاف العلو أن تراجع سعر الليرة السورية هو السبب الحقيقي في ارتفاع أسعار السيارات، مشيراً إلى أن الاستيراد عبر شركة “افتوماشين” الحكومية والوكلاء قد تراجع من نحو 90 ألف سيارة عام 2010 إلى أقل من 200 سيارة عام 2015.
وأكد علو أن السيارات الأوروبية المستعملة منتشرة كثيراً في المناطق المحررة، وإن بدأت أعدادها بالتناقص خلال العام الأخير بسبب إغلاق الحدود التركية السورية، وأن أسعارها تراوح حسب النوع وسنة الصنع، لكنها أقل سعراً من السيارات بمناطق سيطرة النظام.
وذكرت أرقام المديرية العامة للجمارك بدمشق، أن عدد السيارات السياحية المستوردة عبر الوكلاء والتجار بلغ عام 2010 نحو 87 ألف سيارة، أما في عام 2011 فقد انخفض إلى 34 ألف سيارة، وفي عام 2012 إلى 2600 سيارة وفي 2013 وصل العدد إلى أقل من 1100 سيارة، ولا يكاد يصل إلى 1000 سيارة خلال عامي 2014 و2015 .
وتشير أرقام وزارة النقل بسورية إلى أن عدد السيارات المسجلة في مديريات النقل، بكافة المحافظات السورية، من ذات الحمولة التي تزيد على 4 أطنان بلغ 181000 سيارة زراعية، و9600 سيارة صناعية، و6300 سيارة تجارية، وعدد السيارات المسجلة ذات الحمولة التي تقل عن 4 أطنان يبلغ 179500 سيارة زراعية، و4700 سيارة صناعية، و2400 سيارة تجارية.