Site icon IMLebanon

عون يمنح عدوان أثمن هديّة في حياته!

georges-adwan-2

كتب فراس الشوفي في صحيفة “الأخبار”:

عرف النائب جورج عدوان من أين تؤكل الكتف. ولحظّه وخبرته، أوكِل بإدارة ملفّ الانتخابات البلدية في الشوف عن القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر معاً. ما في جيب عدوان لعدوان، وما في جيب التيار… لعدوان أيضاً!

ربّما لم ينل النائب جورج عدوان هديّة في حياته أثمن من تلك التي منحه إياها رئيس تكتّل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون مؤخّراً.

ببركة عون، بات نائب رئيس حزب القوات اللبنانية يدير ملفّ الانتخابات البلدية في الشوف، ممثّلاً القوات والتيار معاً!

في سنوات ما بعد “تسونامي 2005”، كان عدوان يحسب حساباً للعونيين. فعلى الرّغم من أن تحالف قوى 14 آذار مع الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل منحه المقعد الماروني بدلاً من العونيين، الذين حسمت الصناديق المسيحية في الشوف تفوّقهم على باقي القوى المسيحية في 2005 و2009، كان العونيون ينافسونه في كل بلدة، يغلقون بيت الدين في وجهه، ويطبِقون على الدامور، ويشاركونه بحصّة الأسد في بلدته دير القمر.

إلّا أن عدوان، الذي وصل الشوف بـ”عونييه” و”قواتييه” وزعاماته المسيحية المحلية بعد “ورقة إعلان النوايا” إلى يديه، على طبقٍ من فضّة، لم ينتظر آخر لحظة حتىّ يرتّب ملفاته الانتخابية. بل على العكس، يؤكّد أكثر من مصدر شوفي، عوني وقواتي، أن عدوان أدى “فروضه المنزلية”، و”حسم جزءاً كبيراً من الاستراتيجية الانتخابية في الشوف، قبل أكثر خمسة أشهر”، في وقت كان لا يزال فيه العونيون “يتحزّرون” إن كانت الانتخابات البلدية ستجرى أم ستؤجّل. وجاء استعداد عدوان، في وقت تركت فيه الانتخابات الداخلية في التيار آثارها السلبية على التنظيم، فوُضِعَ “المحترفون” على الرف، وتركت الساحة لـ”الناشئة”، فيما عدوان يعمل بالسياسة منذ أكثر من 40 عاماً.

في دير القمر، تعلن اليوم لائحة مكتملة “لا حزبية” باسم “دير القمر بلدتي” برئاسة السفير ملحم مستو، وتضمّ شقيق عدوان بيار عدوان. في مقابلها، لائحة على رأسها رئيس البلدية السابق فادي حنين، مدعومة من رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون والوزير السابق ناجي البستاني، الذي أخرجه تحالف العونيين والقواتيين مرغماً من عباءة التيار الوطني الحرّ. ومع أن منسّق التيار في دير القمر فريد عطية حاول الترشّح على اللائحة، ومعه ثلاثة أعضاء عونيين، وكذلك العميد أدونيس نعمة، الحائز على رضى الرابية، إلّا أن عدوان حسم التوجّه: “لا حزبيين، بل لائحة تجددية تغييرية من الكفاءات”. وعليه، خسر التيار عونييه والبستاني، في ضربة واحدة. هذا إن لم يدخل مخاتير الدير، الذين اختارهم عدوان، في حسابات الخسارة للتيار.

ومن دير القمر إلى بيت الدين ومعاصر بيت الدين، يتخبّط العونيون بلائحتين متقابلتين في كلّ من البلدتين. في بيت الدين يواجه رئيس البلدية طوني عازار لائحة أخرى من العونيين، وفي المعاصر يواجه العوني ناجي عازار لائحة عونية أخرى. لا قواتيين هنا، فلا ضير إن تصارع العونيون. بينما في المطلّة، تألفت لائحة برئاسة إرنست عيد (مقرّب من القوات ومرشّح القوات في الدورة الماضية) مع نائب الرئيس كلود يوسف، والأخير هو واحدٌ من ثلاثة سيتناوبون على منصب نائب الرئيس، وهو مقرّب من عدوان، لكنّه من حصّة التيار!

وصعوداً نحو معاصر الشوف، حيث الثقل العوني، تتخبّط لائحتان مشكّلتان من العائلات، أقواها على رأسها جورج شكر، ويتداخل فيها القواتيون والعونيون بالتحالف مع عائلات درزية، فيما يحاول الاشتراكي النأي بنفسه، والسير بتعليمات النائب وليد جنبلاط بضرورة الحفاظ على العرف و”حقوق المسيحيين”، في البلدية والمخترة، ولو على حساب حصّة الاشتراكي. ومجدّداً، يترك عدوان العونيين يتخبّطون موزّعين على لائحتين متقابلتين.

ومن أعالي الجبل، إلى ساحله، تمعن المعركة الانتخابية في الدامور، البلدة المارونية الأكبر في الشوف، في تمزيق التيار الوطني الحر. عضو المجلس السياسي للتيار في الشوف جوزف رزق الله مرشّح في لائحة رئيس البلدية الحالي شارل الغفري، فيما يدعم الوزير السابق ماريو عون لائحة الياس العمّار، التي على الرغم من زيارتها العماد عون بالأمس، لم يعلن العماد تأييدها، بينما لا يخفى أن عدوان يدعم الغفري، أو الأقل، لا يأخذ موقفاً علنياً يحسم وجهة المعركة، وفي حسابات عدوان ثقل الغفري وأصواته في الانتخابات النيابية المقبلة.

ومن الساحل إلى البرجين، حيث “لم تركب” بعد لوائح واضحة ولا تزال تتخبّط العائلات، يُضطر وزير التربية السابق جوزف الهاشم للجوء إلى عدوان، فيما كانت زعامته المحليّة في الماضي جزءاً من قوّة العونيين. ومثله الوزير السابق الياس حنّا في جون، التي حتى ساعة كتابة هذه السطور، لم يحسم فيها القواتيون موقفهم من مرشّح التيار الأبرز لرئاسة بلدية جون، ورئاسة اتحاد إقليم الخروب الجنوبي العميد المتقاعد سليم الخرياطي.

وتبدو الرميلة الانعكاس الوحيد الحقيقي للتحالف بين التيار والقوات، بعد أن انقلب الرئيس الحالي جورج الخوري على النائب الياس عطالله بعد 12 عاماً من الدعم، فانتقل عطالله إلى ضفّة القوات والتيار للتحالف في لائحة مقابلة ضد الخوري. وعلى ما تقول مصادر البلدة، فإن عدوان نجح في سحب المرشّحين الحزبيين القواتيين، ورشّح مكانهم مقرّبين منهم غير حزبيين يرضون العائلات. وتبدو كفرقطرة استثناءً أيضاً، إذ خاض فيها التّيار في الماضي معركة ضد رئيسة البلدية الحالية ألين نصار المحسوبة على جنبلاط، وسجّل رقماً عالياً، فيما تحالف معها منسّق التيار في البلدة طوني يونس هذه الدورة، في مقابل لائحة تضمّ قواتيين وعونيين.

أمّا في عين زحلتا وعمّاطور، حيث يركّب السوريون القوميون الاجتماعيون وبعض المقرّبين من التيار لوائح في مواجهة لوائح الاشتراكي، يقف عدوان على الحياد. يتفرّج على خصومه يتخبطّون، ولا يتدخّل. لا “يزعّل” العونيين والقوميين، ولا يربك جنبلاط.

حتى في البلديات التي فازت بالتزكية والتوافق، ككفرنيس والفوّارة، لا يوفّر عدوان هاتفه للاتصال بالمرشحين الفائزين وتهنئتهم، وبالمخاتير الفائزين، فالتوافق أيضاً من تعبه.

كلّ هذا لا يراه نائب رئيس القوات سوى تنفيذ للتكليف الذي شرّفه به العماد عون، و”الثقة التي منحه إياها لإدارة المعركة الانتخابية”. “أنا أعمل بما يمليه عليّ واجبي وضميري لجهة الحفاظ على العيش المشترك والوجود المسيحي في الشوف وتنفيذاً لورقة إعلان النوايا”، يقول عدوان لـ”الأخبار”. أما الحديث عن “اختطافه” التيار الوطني الحر في الشوف، فهذا “صيدٌ في الماء العكر”.