أكد الرئيس سعد الحريري أن إنتخاب رئيس للجمهورية يجدد الثقة بالنظام اللبناني، مشيرًا الى ان جهوده منصبة على اقناع سائر القوى السياسية لإنتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن.
الحريري قال خلال كلمة القاها في ختام أعمال منتدى الاقتصاد العربي، “ان لبنان أثبت مناعة عالية بفضل جيشه وقواه الأمنية وتمسّك أبنائه بالاستقرار ورفضهم للعنف”، لافتًا الى ان لبنان يشهد أجمل مظاهر الديموقراطية في الانتخابات البلدية التي تجري بهدوء ونزاهة وشفافية.
وشدد “اننا قادرون على العودة إلى النمو”، مشيرًا الى أن تيار المستقبل منكب على وضع خطةٍ تعيد إطلاق عجلة الاقتصاد الوطني عبر تحسين بيئة الأعمال بدءاً من إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما تشمل خطتنا إعادة تفعيل النشاط السياحي عبر حملةٍ إعلانية عالمية لتسويق السياحة في لبنان، واعتبر انه من المعيب أن كهرباء لبنان ليست 24/24، مضيفًا: “نحضّر خطة لإعادة تفعيل النشاط السياحي تضمّ أيضاً إنجاز مشروع ميترو ونقل بحري في لبنان”.
واضاف: “نسعى كذلك للعودة إلى مشروع تحسين وتطوير المداخل الجنوبية والشمالية للعاصمة. كما ترمي الخطة إلى إطلاق مناقصات التنقيب واستخراج النفط والغاز وإقرار قانون نظام الصندوق السيادي، لحفظ العائدات للأجيال المقبلة إضافة إلى تخصيص جزءٍ منه لتخفيض الدين العام”.
وتابع: “كما تركز الخطة على تحسين الأوضاع الاجتماعية بسلسلة إجراءات أهمها تمويل وتوسيع شبكة المستفيدين من البرنامج الوطني لاستهداف الفقر”.
وتوجه الى العرب بالقول: “إذا كان لبنان قادراً على الحفاظ على استقراره وحيويته الديموقراطية ومستوى التعليم والطبابة والخدمات في ظل كل هذه الأزمات، تخيلوا فقط ما يمكنه اجتراحه من فرصٍ وآفاقٍ استثمارية عندما تبدأ هذه الأزمات بالانحسار”.
وهذا نص الكلمة:
أصحاب المعالي والسعادة،
أيها الحضور الكريم،
تجتمعون في بيروت اليوم بينما تشهد المنطقة المحيطة اضطراباتٍ وحروباً وويلات، وهذا بحد ذاته دليلٌ أن لبنان يبقى وسيبقى بإذن الله مكاناً للحوار والنقاش الهادئ وتبادل الأفكار البناءة والخبرات، والتقاء العقول العربية النيرة لمصلحة العرب واقتصاداتهم ومجتمعاتهم.
لقد أثبت لبنان، وعلى الرغم من الحرائق التي تحيط به ومن الضغط الهائل لإخوانه النازحين ومن الأزمة السياسية المتمثلة بفراغٍ يدوم منذ عامين في رئاسة جمهوريته، أثبت بلدنا مناعةً عالية بفضل جيشه وقواه الأمنية وبفضل تمسك أبنائه المخلصين بالاستقرار وبالنظام الديمقراطي ورفضهم العنف بأي شكلٍ من أشكاله في العلاقات بين مكوناته الروحية أو السياسية.
وها هو لبنان، وسط كل الحرائق الإقليمية يشهد أجمل مظاهر الديمقراطية في انتخاباتٍ بلدية في كل مدينةٍ وقرية تجري بنزاهةٍ وشفافيةٍ وهدوء تحت أعين العرب والعالم.
ومن أسباب هذا الاستقرار الذي تشهدونه أمام أعينكم وتشهدون عليه بمجرد حضوركم، أن القوى السياسية الأساسية في البلاد تعلمت دروس الحرب الأهلية وقررت رفض أي انزلاقٍ باتجاهها مجدداً.
ولن أتردد في التأكيد، أننا في تيار المستقبل، فخورون بإرث مؤسسنا الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومصممون على متابعة رسالتنا بأن نكون السد المنيع في وجه التطرف وركن الاعتدال والعيش الواحد والوحدة الوطنية والاستقرار في لبنان.
وها هي الانتخابات البلدية في بيروت تؤكد في نتيجتها السياسية تمسك أهل العاصمة والحمد لله بهذا النهج وهذه الرسالة وهذه المدرسة.
أيها الأخوة والأخوات.
إن قرارنا وقرار معظم اللبنانيين الحفاظ على استقرار بلدنا وسلمه الأهلي وأمنه، لا يكفي في ظل تراجع النمو الاقتصادي مع ما يرافقه من ارتفاعٍ في معدلات البطالة لا سيما في الفئات الشبابية وانعكاساتها الاجتماعية والسياسية التي ينبغي أن تكون على رأس أولوياتنا.
وفي هذا المجال تحديداً، فإننا في لبنان نملك ما يكفي من الطاقات والخبرات والعقول وأثبتنا في السابق قدرةً على الإنجاز تسمح لي القول أمامكم أننا قادرون بإذن الله على العودة إلى النمو وإيجاد فرص العمل وتحريك عجلة الاقتصاد والاستثمار وتحسين البنى التحتية وإطلاق المجال أمام المبادرات الخاصة والعامة.
ونحن في تيار المستقبل منكبّون على وضع خطةٍ تعيد إطلاق عجلة الاقتصاد الوطني عبر تحسين بيئة الأعمال بدءاً من إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما تشمل خطتنا إعادة تفعيل النشاط السياحي عبر حملةٍ إعلانية عالمية لتسويق السياحة في لبنان.
وبرأينا أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص يجب أن تشمل قطاعات أساسية، مثل الكهرباء والاتصالات، ومنها إجراء مناقصات لتلزيم القطاع الخاص، إنشاء وتشغيل عدة معامل لا يقل انتاجها عن 1000 ميغاوات لتأمين التيار الكهربائي 24 ساعة يوميا في كل الأراضي اللبنانية. فمن المعيب أننا حتى اليوم لا تتوفر الكهرباء لدينا 24 على 24 ساعة، ونحن نعلم أن القطاع الخاص قادر على القيام بهذه المشاريع والتمويل موجود والمصارف جاهزة لذلك، لكن المشكلة أننا لم نستكمل القانون.
ويجب تخفيض تعرفة الاتصالات والانترنت وخصخصة الخلوي، لأنه لا يوجد بلد في العالم اليوم لم يخصخص قطاع الخلوي، وإعطاء تراخيص جديدة للحزمة العريضة لتشجيع استثمارات جديدة في شبكات High speed fibre-optics عبر الأراضي اللبنانية.
ولدينا أيضا خطة لإشراك القطاع لخاص في شبكة النقل العام، ونحن ندرس مشروع إنشاء “مترو”، لا سيما مع زحمة السير الخانقة التي نعانيها، ومشروع نقل بحري بين المدن الساحلية مع إلزام البلديات في المدن الكبيرة تأمين مواقف للسيارات على عقاراتها.
ونسعى كذلك للعودة إلى مشروع تحسين وتطوير المداخل الجنوبية والشمالية للعاصمة. كما ترمي الخطة إلى إطلاق مناقصات التنقيب واستخراج النفط والغاز وإقرار قانون نظام الصندوق السيادي، لحفظ العائدات للأجيال المقبلة إضافة إلى تخصيص جزءٍ منه لتخفيض الدين العام.
كما تركز الخطة على تحسين الأوضاع الاجتماعية بسلسلة إجراءات أهمها تمويل وتوسيع شبكة المستفيدين من البرنامج الوطني لاستهداف الفقر، ففي لبنان اليوم وصلت نسبة الفقر إلى 27%، لذلك لا بد من تدعيم هذه الصناديق لمساعدة المحتاجين في كل لبنان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وتأمين تغطية صحية لكل لبنانيٍ غير مشمول بأي تغطيةٍ صحيةٍ أخرى.
أخيراً وليس آخراً أذكر من الخطة ما يتعلق بحلٍ دائمٍ لأزمة النفايات، وإجراء مناقصات التفكك الحراري وتمويل الإدارة المستدامة للنفايات الصلبة.
أيها الأخوة والأخوات،
إن هذه القدرة التي يكتنزها القطاع الخاص اللبناني والرؤية الاقتصادية الواضحة والمدروسة التي نملكها بصفتنا تيار الإنجاز والإنماء في لبنان وتفاؤلنا بإعادة استقطاب إخواننا العرب واستثماراتهم ومشاريعهم إلى بلدنا، كل هذا يبقى مرهوناً بوضع حدٍ للشلل في مؤسسات الدولة الناتج عن الفراغ في رئاسة الجمهورية.
لذلك فإن جهودنا منصبةٌ حالياً على إيجاد مخرجٍ لهذه الأزمة ولإقناع سائر القوى السياسية بضرورة انتخاب رئيسٍ لجمهوريتنا في أسرع وقتٍ ممكن. لأن انتخاب الرئيس يليه دستوراً وحكماً تشكيل حكومةٍ جديدة، ثم تجديد البرلمان اللبناني في انتخاباتٍ نيابية، وتفعيل كافة مؤسسات الدولة وعملها.
ومن شأن هذه العملية السياسية أن تجدد الثقة باستقرار النظام اللبناني وبمواصلة الإصلاحات البنيوية في اقتصاده القائم على حرية المبادرة والتنافس ومرونة قطاعه الخاص وإبداعات اللبنانيين وعقولهم.
باختصار، أقول لإخواننا العرب عموماً ولصانعي القرار الاقتصادي والاستثماري منهم بشكلٍ خاص:
إذا كان لبنان قادراً على الحفاظ على استقراره وحيويته الديمقراطية ومستوى التعليم والطبابة والخدمات في ظل كل هذه الأزمات، تخيلوا فقط ما يمكنه اجتراحه من فرصٍ وآفاقٍ استثمارية عندما تبدأ هذه الأزمات بالانحسار بإذن الله.
شكراً لمجموعة الاقتصاد والأعمال على تنظيم هذا المنتدى، وشكراً لكم على إتاحة الفرصة لي للكلام المباشر والصريح معكم، وإلى اللقاء دائماً في عاصمتكم بيروت وكل لبنان.
عشتم وعاش لبنان.