Site icon IMLebanon

عن التحالف الثنائي المسيحي … وجدلية الـ 86 في المئة

كتبت ألين فرح في صحيفة “النهار”:

لا شك في أن المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية شدّت الأنظار الى الثنائي المسيحي “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” المتحالف للمرة الأولى. فقد كثرت التكهنات عن قوة التحالف وصموده، وعن إمكان “اجتياحه”، مسيحياً، البلدات والمدن التي يتحالفان فيها معاً.

بعد المرحلة الأولى من الاستحقاق المحلي، توقف خصوم هذا الثنائي عند نسبة الـ86 في المئة التي كثر اللغط حولها. إذ اعتبر طرفا تفاهم معراب أنها تشكّل نسبة مؤيدي المصالحة، فيما اعتبر خصومهما أنهما يروّجان للقول إنهما يشكّلان 86 في المئة من المسيحيين، علماً أنهما يعتبران الحزبان الأكبر مسيحياً. مع ذلك، لم يدّع التحالف يوماً، رغم تشكيله الأغلبية المسيحية، انه يختزل الارادة المسيحية، بدليل إدارة الاختلاف في الانتخابات المحلية وعدم تحوّله خلافاً عند عدم التوافق بينهما في أكثر من بلدة ومدينة. وفي هذا الصدد، أكد مصدر قريب من الثنائي المسيحي لـ”النهار” أن جدلية الـ86 في المئة من الأصوات جاءت الانتخابات البلدية والاختيارية لترسّخها لا لتلغيها. والدليل القاطع أن “القوات” و”التيار” لم يتوافقا في معظم البلديات، لكنهما لم يتصادما في أي منها، وبنسبة 100 في المئة، وان الأيام المقبلة والاستحقاقات المرتقبة ستؤكد ثبات هذه النظرية وأحقيتها وتصاعد وتيرتها.

كذلك لم يدّع التحالف يوماً أن بيوتاً سياسية عريقة تقفل أو أخرى تفتح، “فهذا أمر لم يكن هدفاً في ذاته للتحالف، بل إن من يقفل بيته هو الذي يضع المفتاح في قفله، فضلاً عن أن الانتخابات النيابية هي التي تقرر مصير البيوتات السياسية”، وفق مصدر متابع. ولا نستطيع أن نغفل أن من يقرأ جيداً نتائج انتخابات زحلة وبيروت يدرك أن إرادة التغيير، كي تتظهر وتبرز وتنفذ الى جسم القرار، عليها حتماً أن تدخل إطاراً سياسياً نزيهاً يوائمها ويشبهها ويضيف اليها خبرة وتمرّساً وفاعلية، وقد بانت هذه الإشارات بوضوح.

فزحلة كانت لها رمزيتها الخاصة لأنها أولاً عاصمة الكثلكة والمدينة المسيحية الأكبر في لبنان، وثانياً لأنها باكورة الاستحقاق الانتخابي البلدي، وكان لا بد أن ترسل دلالات واضحة في اتجاه صمود هذا التحالف وتجذره في المكون المسيحي على الأقل. علماً أن لكل مرحلة انتخابية خصوصيتها، وكذلك لكل مدينة، من دون إغفال دور العائلات والحاجات الانمائية.

في المقابل، لم يؤثر التحالف المسيحي الجديد على العلاقة بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، وينفي مصدر قريب منهما تصدّع العلاقة بينهما، جازماً بأنهما “لم يكونا يوماً قريبين كما اليوم”. فالأمر مناهض تماماً للواقع، إذ إن انتصار التحالف المسيحي العريض في زحلة لم ينل على الإطلاق من قوة تفاهم 2006 بين “حزب الله” و”التيار”، بل على العكس. ووفق معلومات “النهار” أن ما تمّ الاتفاق عليه في حارة حريك بين مرجعيتين بارزتين مقرّبتين من العماد ميشال عون وقيادات “حزب الله”، ولا سيما نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم المتولي شؤون المعركة البلدية، قد طبّق بحذافيره في معركة زحلة، بعدما أدرك الحزب أن الأمر يتجاوز الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، ذلك أن انخراطه في المعركة في الشكل الذي انخرط فيه يقرّبه من الطيف المسيحي الواسع من دون أن يرتّب عليه التزامات سياسية تجاه أي فريق سياسي معيّن، لم تصل به العلاقة بعد الى نضج التوافق بحدوده الدنيا. والمقصود هنا “القوات اللبنانية”. يكفي النظر الى عدد المقترعين الشيعة للائحة التحالف، وإن فاضلوا المرشحين العونيين، والى نتيجة علي الخطيب الفائز الأخير على لائحة التحالف، وفرق الأصوات بينه وبين أول الخاسرين، كي نعرف اتجاه الأصوات. فكيف يمكن الكلام اذاً على تصدّع العلاقة؟