Site icon IMLebanon

المخالفات في الضمان لا تنتهي وعرّابوها يحوّلونه مستودعاً لتوظيف الأقارب و…!

NSSFDaman

 

سلوى بعلبكي

على الرغم من فضح أمرهم، لا يتوانى بعض المسؤولين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن القيام بمخالفات جسيمة، آخرها مخالفات تتعلق بالعقود الرضائية مع اشخاص لا يملكون المؤهلات العلمية والخبرة العملية اللازمة للقيام بمهمات تعتبر بالاصل وظيفيّة أو موكلة بصفقات مع شركات أخرى.

ارتبطت وديعة توما بالصندوق بموجب عقد اتفاق رضائي (عقد اشغال) للقيام بأعمال الترجمة والتعريب رقم 16 تاريخ 20/6/2005 جرى تجديده سنوياً حتى آخر تجديد في 2/1/2016 بالرقم 39 وقعه المدير العام للضمان تنفيذاً لقرار مجلس الادارة رقم 938 جلسة عدد 603 تاريخ 16/12/2015. كذلك ارتبط محمد مهدي سليمان بالصندوق بموجب عقد اتفاق رضائي (عقد اشغال) للقيام بأعمال خدمات المعلوماتية رقم 37 تاريخ 27/2/2007 جرى تجديده سنوياً حتى آخر تجديد في 2/1/2016 بالرقم 29 الموقع من المدير العام بدون قرار من مجلس الادارة، وذلك مقابل مبلغ سنوي مقطوع يدفع على ست دفعات متساوية في نهاية كل شهرين بعدما يتم تقديم تقرير مفصل بالأعمال التي قام كل منهما بها. كما تمت زيادة قيمة هذه العقود بشكل دوري حتى وصلت الى مبلغ 54 مليون ليرة سنوياً لوديعة توما ومبلغ 48 مليون ليرة سنوياً لمحمد مهدي سليمان.
وبهذا يكون عضو مجلس الادارة مهدي سليمان قد خالف أحكام المادة 35 من نظام مجلس الادارة التي تنص على أنه “لا يجوز أن يكون لرئيس وأعضاء مجلس الادارة أي منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في الصفقات التي يجريها الصندوق”، وذلك عبر الضغط على المدير العام باجراء عقد رضائي لولده محمد، اضافة الى ادخال ابنته الى الصندوق تحت مسمّى عاملة فاتورة.
وبطريقة مكشوفة، تقدم العضو المذكور بكتاب الى مديرية التفتيش والمراقبة التابعة لملاك الصندوق الاداري يدلي بموجبه بوجود اجراء غير مصرح عنهم يعملون في الصندوق، طالباً اجراء المراقبة لتحديد مدى خضوعهم لأحكام الضمان، ومن ثم تقدم بعدها كل من وديعة توما ومحمد سليمان بكتب يطلبون فيها إعتبار عقودهم بمثابة عقود عمل مع الصندوق، بما دفع مدير التفتيش المراقبة عياد السباعي إلى تكليف المفتش الأول انس شبو بأمر المهمة رقم 844/23 لاجراء رقابة محصورة على ادارته.
وفي خطوة مثيرة للجدل، عمد رئيس اللجنة الفنية سمير عون، وبناء على اتفاق مع رئيس مجلس الادارة والمدير العام، على ان يكون عمل توما علاوة على اعمال الترجمة ضمن مكتب رئيس اللجنة الفنية خلال اوقات الدوام العادي، متعمداً مخالفة العقد الرضائي الموقع مع توما تمهيداً للادعاء لاحقاً بأنه لم يعد جائزاً اعتبار العقد بمثابة العقد الرضائي، بل هو مخالف لأحكام الفقرة 12 من المادة السابقة التي تنص بـأن “يعقد نفقات اللجنة الفنية رئيس اللجنة أو من ينتدبه لهذه الغاية”.
كذلك ادلى عون في افادته المقدمة الى المفتش الموظف في الصندوق بأن توما تستلم البريد وتوقّع على دفتر الذمة ضمن مكتبه، موحياً أنها تعمل تحت سلطته واشرافه، في محاولة منه لاخضاعها الى أحكام الضمان، فيما قالت توما في افادتها انها ملتزمة العمل لمصلحة الصندوق ولا تعمل في مكان آخر بسبب وجودها يومياً في الصندوق، بالرغم من أن الوقوعات على افادة الخدمة العائدة لها تفيد عكس ذلك، كونها تعمل في مؤسسة اخرى وتخضع لأحكام الضمان عن تلك المؤسسة.
اما في ما يتعلّق بمحمد سليمان، فقد نفى المدير العام للضمان في افادته أن يكون خاضعاً لأي تبعيّة اداريّة أو تنظيميّة في الصندوق. الا ان سليمان قال في إفادته إن المفتش يعمل في الصندوق بصفة تقني متخصص بصيانة أجهزة الكومبيوتر والطابعات، وانه يقوم بمهماته خلال اوقات الدوام الرسمي ويخضع لمراقبة مدير الاحصاء والمبرمج لدى الصندوق واشرافهما، وانه لا يعمل لحساب اي شخص طبيعي أو معنوي غير الصندوق. علماً ان الوقوعات على افادة خدمته تفيد عكس ذلك، كونه يعمل ايضاً في مؤسسة أخرى ويخضع لأحكام الضمان عن تلك المؤسسة.
على الرغم من كل ما ورد اعلاه، خلص تقرير التفتيش رقم 5/44 و6/44 بتاريخ 28/1/2016 الى اخضاع كل من وديعة توما ومحمد مهدي سليمان الى أحكام قانون الضمان باعتبارهما من العاملين لحساب المؤسسة العامة.
إلاّ أن القصّة لم تنته هنا. فبدلاً من فسخ عقود الاتفاق بالتراضي وتسوية المخالفة الحاصلة مع ما يترتّب على الصندوق من موجبات قانونية، طلب المدير العام من مجلس الادارة بموجب كتابه رقم 1197 بتاريخ 20/4/2016 استكمال الاجراءات النظامية لوضعية كل من توما وسليمان وتحديد الآلية المناسبة لتسديد أجور كل منهما. فيما ذهب رئيس اللجنة الفنية في الصندوق الى ابعد من ذلك، إذ خلص في رأيه رقم 22 تاريخ 19/4/2016 الى وجوب تطبيق أحكام المواد 65، 66 و67 من نظام المستخدمين المتعلّقة باستخدام متعاقدين مع الصندوق واعطائهم كامل الحقوق الوظيفية للمستخدمين في ملاكه، مخالفاً بذلك رأي مجلس شورى الدولة في شأن حصر التعاقد في الصندوق بمباراة يجريها مجلس الخدمة المدنية. هذا ما دفع عضو مجلس الادارة فضل الله شريف الى الطلب من مجلس الادارة بموجب كتابه رقم 238 تاريخ 3/5/2016 الى رد كتاب المدير العام للصندوق رقم 1197 والطلب منه احالة المفتش الاول أنس شبو على المجلس التأديبي لمخالفته أصول المراقبة والتفتيش.
هذه العقود الرضائية الموقعة مع الصندوق مخالفة للأصول القانونية لاجراء العقود في الادارات العامة، فلم يتم استقصاء اسعار عند إجراء هذه العقود او تجديدها، كما أن المهمات الموكلة بالعقود لتوما وسليمان هي اساساً مهمات وظيفيّة لوظائف موجودة في الملاك الاداري للصندوق. كما ان اصل العقد الرضائي الموقع مع سليمان لا ينطبق على أي من البنود الواردة في المادة 124 من النظام المالي في الصندوق، والتي تمّ على اساسها اجراء العقد. فسليمان غير حائز على أي شهادة اكاديمية في المعلوماتية، كما أن الصندوق متعاقد أساساً مع شركة متخصّصة بالمعلوماتية والتي تشمل مهماتها صيانة أجهزة الكومبيوتر، إضافة الى شركة أخرى لصيانة الطابعات.
هذه المخالفات تقتضي، وفق المتابعين، تدخل ديوان المحاسبة والنيابة العامة المالية لمحاسبة المخالفين، خصوصاً أنه في حال وافق مجلس الادارة على الاستمرار بعقديهما فستصل قيمة المبالغ التي يتقاضيانها في السنة الاخيرة لخدمتها الى 20 مليون ليرة شهرياً لكل منهما، اضافة الى ضرب الاستقرار الوظيفي في الصندوق من خلال محاولة تمرير عقود وهمية من جهة، وعدم تعيين ناجحين في الفئة الثانية عبر مباراة اجراها مجلس الخدمة المدنية قبل 18 شهراً، من جهة أخرى.