كتبت دنيز عطاالله حداد في صحيفة “السفير”:
لم يتغير الكثير في المشهد الأرمني في الانتخابات البلدية. على عادتهم، التزم الأرمن، تحديداً حزبي «الطاشناق» و«الهنشاك»، بما تعهدوا به في تحالفهم مع «تيار المستقبل» دعماً لـ«لائحة البيارتة». عكست صناديقهم التزاماً شبه تاماً باللائحة. لذلك، أسبابه السياسية والسوسيولوجية وتفاصيل كثيرة متراكمة. الخلاصة في السياسة أن الأرمن، حلفاء الرئيس سعد الحريري (الهنشاك)، وخصومه (الطاشناق) صوّتوا دعماً للائحته.
هذا في بيروت. فماذا عن سائر المناطق التي للأرمن حضور فيها؟
يرادف اسم «برج حمود» الأرمن. فالبلدة المكتظة بسكانها من كل الطوائف والأعراق والبلدان يضبط إيقاعها الحضور الأرمني، تحديداً حزب «الطاشناق». فالثوب التوافقي الذي يفصّله الحزب ترتديه البلدية. وقد درجت العادة أن تفوز بلدية برج حمود بالتزكية. منذ سنوات طويلة والأمر على حاله. لم يتغير اليوم شيء.لا انتخابات بلدية في برج حمود. تم التوافق على اللائحة وعلى اسم مارديك بوغوصيان رئيساً لها، ولن يخوض أحد معركة خاسرة ويغامر بمواجهتها. والمساعي حثيثة وشارفت على نهايتها في موضوع المختارين.
ليس بعيداً من برج حمود، للأرمن حضور انتخابي مؤثر في عدد من بلدات المتن وفي جونية. في هذه المناطق يعود الانقسام الى مربعه السياسي. ففي جونية ينحاز «الطاشناق» الى «لائحة كرامة جونية» التي يرأسها جوان حبيش ويدعمها «التيار الوطني الحر» و«الكتائب». التزام المحازبين هنا مضمون، كما يؤكد أعضاء في اللائحة. اما التزام المناصرين، خصوصاً من يقيمون في المنطقة، وليسوا فقط من المسجلين على لوائح الشطب فيها، فيخضع لحسابات مختلفة.
المفارقة ان معظم الأرمن في جونية هم من مؤيدي حزب «الهنشاك»، وهم مسجلون في شكل اساسي في منطقة صربا، وعددهم على لوائح الشطب نحو 540 صوتاً. أما في غدير فعدد المسجلين 380 ناخباً أرمنيا وفي حارة صخر 242 ناخباً، ويرجح أن ينتخب ما بين 50 الى 60 في المئة من أعداد المسجلين.
يقف»الهنشاك» بحسب النائب الحزبي سيبوه كالباكيان الى جانب «لائحة التجدد» التي يرأسها فؤاد البواري ويدعمها كل من منصور البون، فريد هيكل الخازن ونعمت افرام. ويؤكد كالباكيان أننا «كحزبيين نلتزم تماماً اللائحة التي ندعمها. فليس مقبولاً لا في السياسة ولا في الأخلاق أن نفعل عكس ذلك. هذا ما فعلناه في بيروت وسنفعله في جونية».
لا مرشح أرمنياً في جونية، لكن للأرمن مرشحان في سن الفيل. الأول لـ «الهنشاك» على لائحة نبيل كحالة المدعومة من حزب «الكتائب» وهو أواديس يرميان. في مواجهته مرشح آخر من «الطاشناق» هو أندريه طافوقجيان على لائحة جوزيف شاوول.
من سن الفيل الى انطلياس تتغير التحالفات. فللأرمن مرشح في البلدة على اللائحة التي يدعمها النائب ميشال المر، والتي تواجه سائر الأحزاب محلياً.
تخضع التحالفات الأرمنية في الانتخابات البلدية الى مجموعة اعتبارات، تتقدمها المصلحة الأرمنية ، ثم إدارة الشأن المحلي ويليهما الخيار والتحالف السياسي. يفعل الأرمن ذلك وفي وعيهم نقطتان أساسيتان يحرصان على ان تعكسهما اي انتخابات. الاولى إظهار الارمن كتلة انتخابية صلبة وموحدة. والثانية حشد اكبر عدد من الناخبين تأكيداً على الحجم والحضور والرغبة بالمشاركة، خصوصاً ان نسباً كبيرة من الارمن قد هاجرت منذ الحرب اللبنانية الى اليوم.
وفق هذه المعايير نجح الأرمن في برج حمود كما في انتخابات بيروت حيث كان الحزبان الارمنيان في لائحة واحدة. فدخل ارام ماليان (عن الهنشاك) الى البلدية بـ 43453 صوتاً. وفاز عن «الطاشناق» كل من هاكوب ترزيان بـ 42605 أصوات وساهاك كيشيشيان بـ 41364 صوتاً.
لكن لمن تكون الغلبة في الانتخابات البلدية الآتية؟ هنا التحالفات وحدها تقرر مصير الحزب الأرمني الرابح. اما الخاسرون من سائر الأحزاب والقوى السياسية، فغالباً ما يحمّلون الأرمن مسؤولية ترجيحهم كفة على أخرى، وهذا ما لا يحتاج الى تعمّق في علم النفس لفهم اسبابه ودوافعه وخلفياته.