IMLebanon

المقاومة المصرفية للحصار الأميركي لـ”حزب الله”.. مستحيلة

BanqueDuLiban

عزة الحاج حسن

خرج “حزب الله” عن صمته وأعلن جهاراً رفضه التام القانون الأميركي المتعلّق بـ”منع ولوجه إلى المؤسسات المالية الأجنبية وغيرها من المؤسسات”، معتبراً أن التزام المصارف اللبنانية بتطبيقه بمثابة مصادرة للسيادة اللبنانية النقدية.

“حزب الله” لم يكتفِ بهذا القدر من الرفض، بل وصف التعاميم التي أصدرها المصرف المركزي لرسم أصول التعامل مع القانون الأميركي بـ”الإنصياع غير المبرر لسلطات الانتداب الأميركي النقدي على لبنان، والتي من شأنها أن تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الإفلاس”.

إلا أن مخاوف الحزب من دفع القانون الأميركي بالمصارف اللبنانية إلى قطيعة فئة واسعة من اللبنانيين، يتناقض مع تأكيدات سابقة لعدد من قيادات الحزب بعدم تعامله مع القطاع المصرفي اللبناني، ولكن الأوان قد فات لمناقشة مدى تعامل الحزب مع المصارف اللبنانية، فالقانون الأميركي صدر والقطاع المصرفي اللبناني بأركانه كلها يتهيأ لتطبيقه.

بعيداً من السياسة وحيثيات استهداف القرار الأميركي لـ”حزب الله” ومحاولة محاصرته مالياً، وبعيداً من العلاقة غير محددة الأطر التي تربط “حزب الله” بالقطاع المصرفي اللبناني، لا بد من طرح سؤال عن حجم العواقب والتداعيات وطبيعتها، في حال أخذت المصارف اللبنانية بدعوة “حزب الله” لإعادة النظر في القانون الأميركي وقررت عدم التقيد به.

الأمين العام للمصارف العربية وسام فتّوح، يقول إنه “لا يمكن لأي مصرف لبناني أو عربي أو أجنبي أن يرفض التقّيد بالقانون الأميركي، لأن المصارف الأميركية المراسلة ستبادر تلقائياً إلى قطع علاقاتها مع المصرف “غير الممتثل” إنطلاقاً من التزامها القانون المذكور”.

ولا ننسى أن العمليات المصرفية كلها تمر عبر البنوك المراسلة، يضيف فتوح في حديثه إلى “المدن”، وفي حال عدم التزام أي مصرف بالقانون الأميركي الذي يفرض عقوبات على “حزب الله”، سيتعرّض حكماً إلى فرض عقوبات من جانب الولايات المتحدة. من هنا، لا بد للمصارف من التقيد لحماية نفسها وتجنباً لأي عقوبات عليها.

أما بالنسبة إلى طبيعة تطبيق المصارف اللبنانية القرار الأميركي، فقد تناول التعميم رقم 137 الذي أصدره حاكم مصرف لبنان بتاريخ 3 أيار/ مايو 2016 مسألة في غاية الأهمية، وهي ضرورة “إبلاغ هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان فوراً بالإجراءات والتدابير التي قد تتخذها تماشياً مع مضمون القانون الأميركي والأنظمة التطبيقية الصادرة بشأنه، ولاسيما لجهة تجميد أو إقفال أي حساب عائد لأحد عملائها أو الإمتناع عن التعامل أو عن فتح أي حساب له وتوضيح الأسباب الموجبة التي تبرر اتخاذ هذه الإجراءات والتدابير”. ويرى فتوح في هذا البند من التعميم إنصافاً للعملاء والمصارف على السواء، إذ يمنع المصارف من عشوائية التطبيق ويحصر قطع العلاقات مع الأشخاص المعنيين بعد التحقق من ارتباطهم بالحزب.

وعن اعتراض “حزب الله” على تعميم مصرف لبنان في شأن تطبيق القانون الأميركي، يوضح فتوح أن المصارف عموماً، اللبنانية وغير اللبنانية، ليست مخيّرة بل مجبرة على التقيد بالقانون، و”إلا فإنها ستتعرض لعزلة مالية تحجبها عن التعامل مع مصارف العالم إلى حين فك سيطرة الدولار الأميركي على إقتصاد العالم”.

تجنباً لأي عزلة مالية وحفاظاً على سلامة القطاع المصرفي، يؤكد أحد خبراء الإقتصاد، المقربين من “حزب الله”، وجوب تقيد المصارف بالقانون الأميركي وأنظمته التطبيقية، لكنه يوضح سبب قلق الحزب من القانون ورفضه له فيقول: “هناك خشية لدى كتلة الوفاء للمقاومة من إستغلال المصارف هذا القانون لتجاوز مبدأ السيادة الوطنية وإتخاذ إجراءات تعسفية أو مبالغة أو عشوائية تتجاوز نطاق القانون الأميركي وأنظمته التطبيقية من خلال إقفال حسابات أو الامتناع عن فتحها أو تجميدها لأشخاص معنويين أو طبيعيين لا ينتمون إلى الحزب ومقربين منه أو متعاطفين معه أو يعيشون في بيئته، خصوصا أن مصرف لبنان ترك في تعميمه للمصارف تحمل مسؤولية قراراتها. وهنا الخطورة على الوضع الاجتماعي في لبنان”.
ويرى الخبير الإقتصادي في حديثه إلى “المدن” أنه كان حرياً بمصرف لبنان تحديد أُطر تحرك وكيفية تعامل المصارف مع القانون الأميركي، كما يجب على مصرف لبنان تحديد الإجراءات الممكنة ضمن نطاق القانون الأميركي وليس عليها إعطاء الحرية المطلقة للمصارف وذلك حفاظاً على الأمن الاجتماعي في لبنان.

تعميم مصرف لبنان بإلزامية التقيد بالقانون الأميركي وضعه في مواجهة مع “حزب الله” الذي أكد “عدم السكوت”، ولكن مصادر مصرف لبنان ترجّح عدم تراجع المركزي عن تعاميمه التطبيقية لعدم توافر خيارات أكثر أماناً ولإصرار مصرف لبنان على عدم إدراج أي مصرف لبناني على لائحة العقوبات الأميركية أو إقفال المصارف الأميركية والأوروبية المراسلة حساباته لديها وقطع التعامل معه من جهة وتجنيب القطاع المصرفي العزلة المالية المحتملة من جهة أخرى.