IMLebanon

ما بين “القوات” و”المستقبل”: معركة بيروت تعمق أزمة الثقة

lebanese-forces-and-future-movement

 

 

كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية:

ربح الرئيس سعد الحريري معركة بيروت البلدية بالأرقام ولكنه لم يربحها في السياسة.

لم يكن راضيا عن النتائج المحققة ولم يكتم غيظه وعدم رضاه وإنما بادر من اللحظة الأولى الى فتح النار على حلفائه المسيحيين محملا إياهم مسؤولية الفوز الهزيل لـ«لائحة البيارتة» والرقم الكبير الذي أحرزته لائحة «بيروت مدينتي» رغم الفارق الكبير في الأحجام والإمكانات.

واتهم الحريري حلفاءه بـ«التقصير والإهمال واللامبالاة والعجز والفشل في حشد الناخبين» ولامس كلامه مع أوساطه حد «التخوين» والتشكيك بأنهم شجعوا على انتخاب لائحة «بيروت مدينتي» ولم يتدخلوا لمنع حدوث ذلك وإنما تواطأوا من تحت الطاولة… ولم يخل كلام الحريري من لغة التهديد عندما أشار الى أن ما جرى في انتخابات بيروت البلدية سينسحب على الانتخابات النيابية، ملوحا بإعادة نظر في التحالفات واللوائح وأنه لن يكون رافعة لمرشحي الأحزاب المسيحية.

بعد أيام من الصمت أمضتها القوات اللبنانية في مراجعة للوضع وفي قراءة سياسية لما حدث في انتخابات بيروت وما تخللها من إشكالات وملابسات، بدأت القوات تخرج عن صمتها للرد على كلام الحريري الذي تعتبره مسيئا في حقها ومخطئا في توصيف الواقع. وقد يكون الكلام الصادر عن النائب أنطوان زهرا هو الأكثر وضوحا وقساوة في الرد في صيغة تساؤل: هل نحن أتباع لسيد اسمه المستقبل لنخونه في «MTV» المباشر، زهرا قال في مقابلة مع قناة الانتخابات البلدية؟ لماذا لا نقول إن تيار المستقبل خاننا في زحلة؟ مع العلم أنه أعلن أنه سيقف على حياد، لكن جمهوره لم يلتزم ذلك. وفي بيروت هو من شطب القوات وليس العكس.

 

ماذا عن نسبة المشاركة في المناطق الأخرى؟ كل الناس قصرت ويجب معالجة هذا التقصير بالحوار، لا ارمي المسؤولية والاتهامات على الآخر. هم يشتكون تقليديا أن هناك إمرة لا ترد في القوات، فهل أصبحت القوات اللبنانية الآن لا تمون على محازبيها؟… ولكن الرد السياسي «الأكثر تفصيلا» هو الذي يتم التداول به في دوائر القوات اللبنانية وأوساطها وتبرز فيه النقاط التالية:

1 ـ هناك مشكلة يواجهها الرئيس سعد الحريري في شارعه ومع جمهوره، لا يمكن إنكارها وطمسها، كما لا يمكن رميها على الآخرين وتحميل مسؤوليتها لحلفائه… فإذا كانت لائحة «بيروت مدينتي» نالت نحو 9 آلاف صوت في الدائرة الأولى (المسيحية)، فإنها نالت 17 ألف صوت في الدائرة الثالثة (السنية)، وهذا رقم لا يستهان به ويدل على أن المزاج السني العام طرأ عليه تبدل ولم يعد «مبايعا» لزعامة الحريري لأسباب كثيرة منها وجوده الطويل في الخارج بعيدا عن قواعده، وأزمته المالية، وسياسته غير المستقرة بدءا من الذهاب الى دمشق في إطار «س س» مرورا بـ«الشراكة الحكومية والحوارية مع حزب الله»، وصولا الى خياراته الرئاسية وما تسببت به من خلافات مع فريقه (ريفي والضاهر) ومع أبرز حليف له في 14 آذار سمير جعجع.

2 ـ القوات اللبنانية ليست عاجزة عن حشد الأصوات والتصويت الذي جرى لا يعكس الحكم الشعبي للأحزاب المسيحية حيث يكون الوضع مختلفا في الانتخابات النيابية، والتصويت المسيحي كان «تصويتا سلبيا واعتراضيا» على مجمل الوضع المشكو منه، من المجلس البلدي السابق الذي لم يفعل شيئا للأشرفية وكان أداؤه سيئا، والمناصفة فيه شكلية من دون أي مشاركة في القرار الذي يحتكره رئيس البلدية… الى الأداء السياسي العام لتيار المستقبل، الى الوضع العام الضاغط والذي أدى بالمواطنين الى خيبة وإحباط ونقمة وقرف في ظل أزمات النفايات والفساد والصفقات والسمسرات.

3 ـ بدل أن يلقي الحريري باللائمة على المسيحيين ويتهمهم بالتخاذل والتقصير أو الغدر والخيانة، عليه أن يقرأ بهدوء وتمعن انتخابات بيروت لاستخلاص العبر وتحديد سبب «أزمته» مع المسيحيين وكيفية معالجتها، ولعدم توسيع شق الخلافات والشرخ في العلاقات وفي التحالف السياسي الذي يهتز تكرارا في الانتخابات الرئاسية والبلدية ولكنه لا يسقط… بانتظار ما سيكون عليه الحال في الانتخابات النيابية.