أكد مصدر وزاري للوكالة “المركزية”، أنّ ثمة عاملين حفّزا حصول الانتخابات البلدية والإختيارية، أولهما خارجي ـ مالي، فالمنظمات الدولية التي تساعد لبنان في مجالات عدة، سواء على صعيد تحمل أعباء النزوح أو في تنفيذ مشاريع انمائية تربوية او استشفائية او اجتماعية في المناطق كافة، لم تعد منذ سنوات تقدّم مساعداتها للبنان عن طريق حكومته أو مؤسساته الرسمية، كون الكباش السياسي الداخلي يعيق عمل المؤسسات الدستورية وبالتالي يعرقل قبولها اي هبات او منح، فتبقى مجرد مشاريع منسية في أدراج المجلسين النيابي أو الوزاري ولا تعرف طريقها الى التنفيذ. كما انّ إحجام المنظمات عن التعاطي في مساعداتها مع السلطات اللبنانية نابع ايضاً من خشية متزايدة لديها من الفساد المستشري في مفاصل الدولة حيث تتخوف من ان تهدر الاموال التي تحوَّل من قبلها ولا تذهب الى أهدافها المرجوة.
وعليه، يلفت المصدر الى انّ المجموعات الدولية هذه أبلغت من يعنيهم الامر أكثر من مرة، بأنها مستعدة لمساعدة لبنان لكن عبر هيئات غير حكومية أو عبر “البلديات” حيث تسهل مراقبة طريقة صرف الهبات وتنفيذ المشاريع، وقد ارتأت اعتماد الاسلوب هذا بشكل خاص، بعدما لاحظت، خلال المؤتمرات الدولية التي نظمت لمساعدة الدول المضيفة للاجئين، أن ملفات لبنان غير مكتملة وينقصها وضوح في الرؤيا والمطالب.. ليس بعيدا، يتوقف المصدر عند موضوع آني متعلق بـ “حزب الله” الذي يشارك بقوة في الانتخابات البلدية وقد أعلن الاثنين الماضي فوزه بـ60 بلدية بقاعا، ليسأل “هل ستستثني المنظمات الدولية البلديات التابعة للحزب من جدول مساعداتها، لا سيما في ظل الحصار المالي المفروض عليه والذي تزايد في أعقاب قانون العقوبات الاميركية عليه”؟
ويمضي المصدر شارحاً العامل الثاني خلف الدفع نحو الانتخابات البلدية، وطابعه محلي ـ سياسي. فكل طرف يحاول عبر الاستحقاق الجارية فصوله اليوم، إظهارَ حجمه الشعبي وقدرته على التأثير في الشارع، ذلك انه يصبو الى “تقريش” نتائجها في اللعبة السياسية الداخلية وفي الملفات الكثيرة المطروحة على بساط البحث ومنها الانتخابات الرئاسية وقانون الانتخاب، كما ان القوى السياسية تحاول تحديد حجمها الحقيقي بمعزل عن حلفائها، عشية الحديث المتزايد عن انتخابات نيابية لا بد ان تعقب الاستحقاق البلدي بعد ان جزم رئيس مجلس النواب نبيه بري ان لا تمديد بعد اليوم، طارحا مبادرة تقضي باجراء الانتخابات البلدية اولا على ان يعقبها انتخاب رئيس ولو بمن حضر.
ويختم المصدر مشيراً الى انّ مسوّغات الانتخابات النيابية ببعديها المحلي والخارجي تدل الى واقع غير سليم يعيشه لبنان، حيث فقدت دولته ثقة المجتمع الدولي الذي بات يفضل التعاطي مع السلطات المحلية على الدولة. واذ يؤكد ان الانتخابات الرئاسية كفيلة باعادة وضع البلاد على السكة الطبيعية، يلفت الى ان الانتخابات البلدية يجب ان تكون جزءا من دينامية ديموقراطية أوسع يشهدها لبنان لا ان تكون وسيلة لافراز بديل من الدولة العاجزة أو أداة لقياس قوة كل طرف شعبياً.