كشف الرئيس الأرجنتيني الأسبق، السوري الأصل كارلوس منعم، عما كان من أسرار الدولة طوال 21 سنة مضت، وملخصه أن حزب الله قام في منتصف آذار 1995 بقتل ابنه الوحيد آنذاك، كارلوس منعم جونيور، المعروف دلعا باسم “كارليتوس” في الأرجنتين التي كان منعم رئيسها لولايتين، بدءا من 1989 ولعشر سنوات.
قتلوه في حلقة من سلسلة انتقامات دموية، استهدفت بها إيران زعزعة الأمن الأرجنتيني، وعائلة رئيسها منعم آنذاك، ففي أرشيف المعلومات عن هذه السلسلة المعقدة من الانتقامات، والتي لا تزال محاكم الأرجنتين تتداول بشأنها للآن، ولدى “العربية ” معرفة بشأنها مما يتداوله الإعلام الأرجنتيني، أن طهران “ساندت منعم في حملته الانتخابية الأولى” لقاء وعد بأن يزودها، إذا ما فاز، بصاروخ طراز Condor (العقرب) طورته الأرجنتين في الثمانينيات، وكان من نوع متطور، مداه 150 كيلومترا، بطول 8 أمتار ووقود صلب، مع رأس متفجر يزن 400 كيلوغرام.
إلا أن منعم “تراجع على ما يبدو عما وعد به الإيرانيين، ربما بضغط أميركي ذلك الوقت”، طبقا لتلخيص السبب الذي تكرره وسائل الإعلام الأرجنتينية، ولا تزال، نقلا دائما عن مسؤولين على دراية بأسباب الانتقام الإيراني وبالتحقيقات، ولأنه تراجع عما وعد به، وشحن القيادة الإيرانية بالحقد عليه، فقد قررت طهران أن ترد بالأسوأ، وبما لم تره الأرجنتين في تاريخها من إرهاب جاءها من الخارج.
قبل الطلاق، منعم وزوجته وابناهما سليميتا وكارلوس منعم جونيور، القتيل في هليكوبتر يحققون بتحطمها الآن.
أول رد كان تفجيراً هز بوينس آيرس، واستهدف في 1992 مقر السفارة الإسرائيلية، حيث قتل 29 وجرح 80 آخرون، وبعدها بعامين، اهتزت العاصمة بتفجير ضخم نفذه سائق سيارة “فان” انتحاري، اقتحم بها وهي مكتظة بأكثر من 300 كيلوغرام من المتفجرات، مقر “الجمعية الإسرائيليةـ الأرجنتينية، المعروفة باسمAMIA اختصارا، فقتل 85 وجرح وشوه 300 آخرين.
أما الرد الثالث، والأمضى والأمرّ على منعم، فهو مقتل ابنه بارتطام هليكوبتر كان يقودها، واصطدمت بعمود كهرباء قرب العاصمة، ومعه قتل في “الحادث” صديق كان برفقته. ومالت التحقيقات، طبقا لما راجعته “العربية” في صحف أرجنتينية، منها La Nacion المحلية، إلى أن الهليكوبتر ربما تعرضت لعمل تخريبي أسقطها، وهو ما ظلت تقوله مطلقة منعم وأم القتيل، السورية الأصل سليمى جمعة، وتكرره باستمرار في كل مناسبة.
أما منعم، فكان وسط استغراب الجميع، يرفض التعليق على الحادث بأكثر من أنه كان قضاء وقدرا، ويتهم مطلقته وأم ابنته سليميتا بالمبالغة والجنون، علما أن مجهولين قاموا بعد دفن ابنه في المقبرة الإسلامية بالعاصمة، بتخريب قبره والعبث حتى بترابه، في حقد واضح عليه وعلى أبيه. مع ذلك بقي منعم صامتا ويعتبر الحادث طبيعيا، وانصرف إلى حياته الشخصية فيما بعد، فتزوج ورزق بابن آخر، واعترف أيضا بأبوته لابن ثان من خارج الزواج، أنجبته عضو بالبرلمان الأرجنتيني كانت لها علاقة عابرة به، ثم قضت في 2003 انتحارا بعمر 51 سنة، واسمها مارتا ميسا. أما مولد ابنها فكان في 1995 عام مقتل الابن الوحيد لمنعم.
الابن القتيل والطائرة التي تحطمت لارتطامها بعمود كهرباء قرب العاصمة والتفجيران في السفارة والجمعية
وأمس الجمعة، اعترف منعم المولود قبل 85 سنة في الأرجنتين، لأبوين سوريين مهاجرين، أن وزير الخارجية الأرجنتيني الأسبق، الراحل فيما بعد غيدو دي تيلا، أكد له نقلا عن مصادر موثوقة في سفارات أجنبية، لم يسمها منعم، أن حزب الله هو من قتل ابنه الذي كان هاويا للطيران وقيادة السيارات السريعة، وقضى بعمر 26 سنة.
إلا أن منعم الذي كشف ذلك في جلسة عقدتها محكمة بشأن التحقيق مجددا بمقتل كارلوس منعم جونيور، لم يشرح سبب التزامه الصمت طوال21 سنة مرت على مقتل ابنه الوحيد ذلك الوقت.
وسأله القاضي الاتحادي الأرجنتيني، كارلوس فيلافويرتي روسو، عمن قتلوا ابنه ولماذا، فأجاب منعم أنه يعرف “من وكيف ولماذا” تمت تصفية ابنه “إلا أنني لا أستطيع ذكر الأسماء لأنها لا تزال من أسرار الأمن القومي” وكرر مرتين عبارة مهمة، وجدتها “العربية.نت” بارزة عن غيرها بوسائل إعلام أرجنتينية، زارت مواقعها الجمعة، وفيها قال: “أؤكد أن ابني قتل بعملية إجرامية” مضيفا، وفق ما نقلت الصحف، أن الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري، هو من طلب منه عدم الكشف عمن قاموا بقتل ابنه من حزب الله، ومن ساعدهم داخل الأرجنتين.