Site icon IMLebanon

حزب الله “يفش خلقه” بالمصارف.. والمراسيم تسير

hezbollah money

كتبت باسمة عطوي في صحيفة “المستقبل”:

يتخذ الهجوم الحاد لـ”حزب الله” على القطاع المصرفي اللبناني، على خلفية تطبيق المراسيم التنفيذية للقانون الاميركي لمحاصرة الحزب أبعادا متعددة، لما لهذا الهجوم من تداعيات ليس فقط على الساحة السياسية والمصرفية اللبنانية، بل على صورة لبنان المصرفية الدولية وعلاقاته المالية العالمية التي يتأثر بها آلاف من المغتربين اللبنانيين إن لم نقل الشعب اللبناني ككل، ناهيك عن حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها وهي أن القطاع المصرفي هو الرئة الوحيدة السليمة التي يتنفس من خلالها الإقتصاد اللبناني منذ بدء الازمة السورية وتأثيراتها على لبنان، وهو عمليا القطاع الوحيد الذي يدخل الاوكسيجين إلى شرايين الدولة اللبنانية بعد الشلل والضمور الذي أصاب أكثر من قطاع إقتصادي.

هذا المشهد العام للدور الذي يلعبه القطاع المصرفي لإبقاء الاقتصاد اللبناني على قيد الحياة، يجعل الكلام الصادر عن كتلة “الوفاء للمقاومة” في بيانها اول من امس، وقد اعتبرت فيه أن “القانون يؤسس لحرب إلغاء محلية يسهم في تأجيجها المصرف المركزي وعدد من المصارف”، بمثابة سؤال برسم مسؤولي الحزب أنفسهم للإجابة عنه، لأنهم يعرفون تماما أن خروج القطاع المصرفي اللبناني عن السياق العالمي، هو”إلغاء سريع” ليس فقط للقطاع بل للقمة عيش الشعب اللبناني المغترب والمقيم، ويطرح سؤالا آخر عن الفائدة من هذا الهجوم سوى المزيد من التوتير الداخلي. أما الجواب فهو “خليط من المعطيات السياسية والاقتصادية” على حد تعبير عضو كتلة “المستقبل” النائب غازي يوسف لـ”المستقبل”، معتبرا “أن التهديدات من حيث الشكل هي في غير مكانها، لأن التهديد يجب أن يوجه إلى من وضع القانون، أي الولايات المتحدة الاميركية، وليس لبنان أو القطاع المصرفي الذي يطبق القانون كونه مرتبطا بالنظام المصرفي العالمي ولا خيار لديه سوى تطبيق نصوص هذا القانون وإتخاذ الاجراءات اللازمة لذلك”.

ويضيف:” لا شك أن لهذا الهجوم تداعيات على الوضع الاقتصادي اللبناني، الذي هو في الاصل مهزوز نتيجة إهتزاز القطاع السياحي ونضوب قطاع الاعمال والاستثمار والخدمات، ولم يبقَ سوى القطاع المصرفي كقطاع وحيد يغذي بقاء الدولة على قيد الحياة وليس علينا سوى دعمه” .

ويوافق عضو الكتلة النائب جمال الجراح على كلام يوسف، لافتا الى “أن النظام المصرفي اللبناني مرتبط بالنظام المصرفي العالمي أي أن إقتصادنا “مدولر”، وأي سوء في العلاقة مع النظام المصرفي العالمي يؤدي إلى خراب كامل للقطاع المصرفي اللبناني، لأن المصارف اللبنانية مرتبطة بالمصارف المراسلة في الخارج وكل الودائع والقروض الدولية وأموال المغتربين اللبنانيين لا يمكن أن تمر إلا عبر هذا النظام العالمي، وبالتالي لبنان مضطر الى تطبيق هذه القوانين أو مواجهة الافلاس الذي يطال ليس حزب الله بل كل الشعب اللبناني”.

في لغة الاقتصاد والمال البحتة، لا تبعد تفسيرات أهل الاختصاص عن أهل السياسة،ويلفت الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـ”المستقبل”، أن “على المصرف المركزي لعب دور أكبر لجهة الايضاح لمراكز القرار المالي العالمي أن لبنان يطبق كل الاجراءات المتعلقة بمكافحة الارهاب وتبييض الاموال بطريقة تقنية عالية ومستمرة من خلال التواصل المستمر مع هذه المراكز وليس فقط حين يصدر قانون ما، وذلك لإزالة أي إلتباس أو ضبابية حول هذا الموضوع، لأن القطاع المصرفي اللبناني هو من أنظف القطاعات المالية في العالم، والاجراءات ضد حزب الله ليست جديدة، لكنها أخذت هذه الضجة نتيجة إقفال حسابات مصرفية لنواب من حزب الله، وبذلك نكون قد قطعنا الطريق أمام اي محاولة لضرب القطاع المصرفي في لبنان”.

هذه القراءة الاقتصادية لتداعيات خطوة “حزب الله” تجاه القطاع المصرفي، يقابلها تفسير سياسي من قبل كل من عضو كتلة “الكتائب” النائب إيلي ماروني، وعضو كتلة “القوات اللبنانية” النائب فادي كرم، إذ يقول ماروني لـ”المستقبل”: “لبنان لا يملك سوى القطاع المصرفي كقطاع ناشط يؤمن فرص العمل ويسند الدولة في إيفائها بالمستحقات المطلوبة منها، وأرى خطوة حزب الله بانها محاولة لهدم كل ما يبقينا على قيد الحياة وزيادة الضغط على الشعب اللبناني، علما أن أداء الحزب هو المسؤول عن صدور هذا القانون”، ويوافقه الرأي كرم الذي يشير إلى “أن كل مواقف الحزب تجاه دول الخليج وخرقه للسيادة اللبنانية وجعل لبنان رهينة في يد المفاوض الايراني هو أمر مضر بلبنان، والآن هو يضرب قطاعا جديدا يشكل سندا أساسيا لبقاء الدولة اللبنانية، علما أن القانون جاء نتيجة أعماله وتدخلاته خارج لبنان، وهو سيستمر في خدمة السياسة الايرانية لكي تتمكن إيران من فرض نفسها كقوة إقليمية أو إنهاء تداخلاتها في المنطقة من قبل القوى الدولية”.

وإذا كان “حزب الله” قد رفع صوته عاليا في وجه القطاع المصرفي، فالسؤال الذي يطرح هو كيف يمكن للمصارف أن تتعامل مع هذا التطور؟ وعلى ذلك يجيب يوسف: “حملة حزب الله هي لرفع الصوت وفشة خلق ولن تؤثر على القطاع المصرفي، الذي سيحرص على تطبيق هذا القانون لأن المصارف هي الرئة التي يتنفس بها لبنان”، ويلفت الجراح إلى “أن المسؤولية الوطنية تقتضي على الحزب أن لا يطلب من مصرف لبنان، والحاكم رياض سلامة أن يقوم بأي خطوة تعرض اللبنانيين للمخاطر فهذا أمر لا يمكن القبول به”، ويوافقه الرأي كرم الذي يؤكد أن على “القطاع المصرفي الالتزام بالقوانين التي تحافظ على إستمراريته على الساحة المالية الدولية، فالامور ليست مزحة”، ويشدد ماروني “على ضرورة أن يبقى لبنان مصرف الشرق وعلى القطاع المصرفي أن يحصن نفسه ويتخذ الاجراءات التي تبقيه على تواصل مع المنظومة المصرفية العالمية، لأن خسارة هذا القطاع لا يمكن تحملها، متمنيا أن يدرك حزب الله أهمية القطاع المصرفي في لبنان وإبعاده عن الضغوط الدولية الناتجة عن سلوكه خارج لبنان”.