Site icon IMLebanon

جدل حاد حول قانون مالي ‘يسلب’ تونس سيادتها

Tunisian-Parliament
منور المليتي

أثار تمرير قانون جديد يتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية من قبل كتلتي النداء والنهضة جدلا حادا بين الائتلاف الحاكم والمعارضة التي رأت فيه ارتهانا لإملاءات صندوق النقد الدولي حتى أنها هددت بالطعن فيه.

وقال منجي الرحوي النائب في البرلمان عن الجبهة الشعبية المعارضة إن نواب الجبهة نبهوا التونسيين إلى خطورة القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية لما تضمنه من مبالغة واستعجال وإفراط.

ودعا الرحوي إلى “ضرورة سن نظام بنكي يعتمد على أسس صحيحة تقوم على الرقابة الفعلية والتصرف الحذر والحوكمة الرشيدة ومعايير أساسية” مشددا على أهمية وضع أحكام انتقالية في مشروع القانون وانطلاق العمل به في 2020 لتحضير البنوك وتقوية مناعتها”.

وكان النواب في البرلمان صادقوا الخميس على مشروع قانون يتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية بـ115 صوتا من أصل 217 نائبا غالبيتهم ينتمون إلى كتلتي النهضة ونداء تونس المتحالفين.

وقبل التصويت أثار القانون خلال جلسة عامة عقدها البرلمان الاسبوع الماضي في أعقاب كلمتين ألقاهما كل من وزير المالية سليم شاكر ومحافظ البنك المركزي الشاذلي العياري غضب الكتل الانتخابية المعارضة ما دفع بكتلة الجبهة الشعبية وعدد من النواب المستقلين إل الانسحاب من جلسة التصويت.

وقال محافظ البنك المركزي إن القانون يندرج ضمن خطة إصلاح القطاع البنكي والمصرفي بناء على تحديث المنظومة القانونية من أجل إنعاشه.

غير أن المعارضة رأت في تمرير القانون من قبل كتلتي النهضة والنداء قبل استيفاء مناقشته بعمق يعد تنفيذا لإملاءات صندوق النقد الدولي من أجل مواصلة البنك إسناد قرض بحجم 2.8 مليار دولار خلال الأعوام الاربعة القادمة في إطار خطة تهدف إلى انسحاب الدولة وفسح المجال أم القطاع الخاص التونسي والأجنبي.

وفي أعقاب تمرير القانون قالت الجبهة الشعبية إنها ستقوم بالطعن في دستورية القانون لما له من انعكاسات سلبية اقتصاديا وسياسيا “تسلب تونس آليات سيادتها على السوق المالية بصفة خاصة والاقتصاد بصفة عامة”.

ومن جهتها وصفت كتلة الحرة عملية التصويت على القانون من قبل كتلتي النهضة والنداء بـ”التصويت الآلي الحزبي” مشددة على أن هكذا تصويت “ضرب منطق التوافق الذي يقتضيه قانون بمثل هذه الأهمية ومن شأنه تعزيز الشكوك بشأن أهدافه الاقتصادية والسياسية”.

ولم يخف عدد من نواب الائتلاف الحاكم أن المصادقة تعكس رغبة من الحكومة للدخول بأمل كبير في التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

وردا على موقف المعارضة قال وزير المالية إن القانون تمت مناقشته بعمق من قبل البنك المركزي ووزارتي العدل والمالية وهيئة المراقبين وجمعية البنوك والمؤسسات المالية ونواب البرلمان.

وجاء القانون في وقت يشدد فيه خبراء ماليون على أن البنوك التونسية والمؤسسات المصرفية في أمس الحاجة إلى تعديل المنظومة القانونية من خلال إدخال إصلاحات هيكلية تقود إلى الرفع من أداء القطاع وإنعاش اقتصاد البلاد الذي دخل مرحلة الانكماش.

واعتبر راضي المدب الخبير الاقتصادي ورئيس جمعية عمل وتنمية متضامنة ومدير عام مكتب الدراسات التونسية أن البنوك والمؤسسات المالية في حاجة إلى “قانون يرفع الخطر عن السوق المالية والمودعين التونسيين والاقتصاد التونسي لأن الفائدة من قانون مماثل تكمن في إضفاء صلابة أكثر لدى المؤسسات المالية حتى تلعب دورها اللازم”.

وأكد أن القطاع البنكي التونسي مشتت وضعيف، وأن قانون البنوك قد يزيده تشتّتا، مشيرا إلى أن البنوك التونسية تنقصها ثقافة تحليل المخاطر وأن المطلوب هو تركيز الصندوق على فترة معينة ثم تحضير البنوك وتقوية مناعتها حتى تستطيع مجابهة هذه التغييرات.

ويشدد الخبراء الماليون على أن المنظومة القانونية الحالية للبنوك والمؤسسات المالية تعد عائقا أمام تطورها مطالبين بصياغة قوانين جديدة تتلاءم مع التحولات التي تشهدها الأسواق المالية الإقليمية والدولية.