بيليتا كلارك
عندما تشتري “جنرال موتورز” الكهرباء لمصنعها في تكساس، الذي ينتج مئات من شاحناتها نوع شيفروليه وكاديلاك كل يوم، عادةً ما تعقد صفقة مع إحدى مؤسسات الطاقة المحلية تدوم عاما أو عامين على الأكثر.
لكن قبل خمسة أشهر فعلت شركة صناعة السيارات الأمريكية شيئاً مختلفاً جداً، بتوقيعها اتفاقية لمدة 14 عاماً مع شركة إي دي بي للطاقة المتجددة في أمريكا الشمالية، للحصول على ما يكفي من الكهرباء المولدة من الرياح، لصنع أكثر من نصف الشاحنات التي تُنتجها.
الصفقة تجعل “جنرال موتورز” واحدة من عدد من الشركات الأمريكية الكُبرى سريعة النمو، التي تشتري الطاقة الخضراء لخفض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون، وربما التوفير في تكلفة الكهرباء الخاصة بها.
بفعلها ذلك، تعيد هذه المجموعات شكل الطريقة التي يتم بها شراء الطاقة المُتجددة، وتساعد شركات توليد الطاقة الخضراء على بناء مشاريع أكثر مما يمكن أن تفعل خلافاً لذلك.
لكن بعض الشركات لا تزال تجد صعوبة في عقد الصفقات للاستثمار في الطاقة المتجددة. وقد تم يوم الخميس الماضي إطلاق مبادرة مدعومة من 60 شركة، بما في ذلك “فيسبوك” و”مايكروسوفت”، لجعل الأمر أسهل.
شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون، بقيادة “جوجل”، كانت الأولى في الولايات المتحدة التي تستثمر في الطاقة الخضراء بشكل كبير، لكن الاتجاه انتشر إلى بعض من أكبر شركات التصنيع ومتاجر التجزئة في الولايات المتحدة، بما في ذلك “جنرال موتورز”، و”لوكهيد مارتن”، و”أمازون”، وكذلك “وولمارت”.
في المجموع، 24 شركة أمريكية كبيرة اشترت 3.6 جيجاواط من الطاقة في عام 2015 والربع الأول من هذا العام – ثلاثة أضعاف الكمية التي تم شراؤها من قِبل سبع مجموعات في عام 2014 ـ بحسب معهد روكي ماونتِن، المنظمة الأمريكية غير الربحية التي تحاول تسريع مثل اتفاقيات الطاقة المتجددة المذكورة.
يقول هيرفي تواتي، المدير الإداري للمعهد “النمو كان هائلاً وفاجأ الجميع. لم يتوقع أي أحد ذلك”.
اتفاقيات شراء الكهرباء طويلة الأجل التي يتم توقيعها مع محطات الرياح والطاقة الشمسية مهمة لشركات توليد الطاقة المتجددة التي تحاول بناء مشاريع جديدة. فمن خلال عقد صفقات مع شركات كبيرة وضمان إيرادات مستقبلية، تتعزز جهود شركات التوليد لإقناع المصارف أو المستثمرين بتمويل المشاريع التي خلافاً لذلك قد لا تتحقق.
وعادةً ما تبيع شركات تطوير محطات الرياح والطاقة الشمسية معظم الكهرباء الخاصة بها إلى شركات منافع كبيرة تابعة للولايات أو مملوكة للقطاع الخاص، تبيع بدورها الكهرباء إلى زبائنها.
لكن هذا الوضع آخذ في التغير الآن. جنباً إلى جنب مع الجامعات والمدن، تعقد الشركات الأمريكية الكبرى كثيرا من صفقات الكهرباء طويلة الأجل مع شركات توليد الطاقة المتجددة بحيث تجاوز عدد الصفقات للمرة الأولى في عام 2015 تلك المبرمة مع شركات المنافع.
ووفقاً للجمعية الأمريكية لطاقة الرياح، الفئة الجديدة من المشترين شكّلت 52 في المائة من طاقة توليد الرياح التي تم بيعها عبر اتفاقيات شراء الكهرباء في العام الماضي، صعودا من 23 في المائة في عام 2014 و5 في المائة عام 2013.
بالنسبة إلى “جنرال موتورز”، كان هناك سببان وراء صفقة طاقة الرياح التي عقدتها في تكساس، التي تبعت واحدة مماثلة في المكسيك العام الماضي. وفقاً لروب ثريلكيلد، المدير العام لمصادر الطاقة المتجددة في شركة صناعة السيارات، ساعدت الصفقة على تلبية الالتزام العام لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، لكنها أيضاً قدّمت وفورات كبيرة.
وأضاف “الأمر الرائع بشأن طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المتجددة بشكل عام هو أنها لا تحتوي على عنصر الوقود (الأحفوري)”.
هذا يعني أن “جنرال موتورز” كانت قادرة على تحديد سعر ثابت للكهرباء الخاصة بها، مع معرفة أنه لن يتأثر بأي زيادات مستقبلية في أسعار الوقود، مثل الغاز.
وقال ثريلكيلد “بالنسبة إلى اتفاقيات شراء طاقة الرياح، نحن ننظر إلى ادّخار يبلغ نحو مليوني دولار سنوياً، بمتوسط يتحقق حسب مدة العقد”.
وذكرت شركة لوكهيد أن قرارها في شباط (فبراير) الماضي توقيع اتفاقية لمدة 17 عاماً لشراء الطاقة الشمسية من شركة ديوك للطاقة المتجددة في الولايات المتحدة كان مدفوعا جزئياً من التزام المجموعة بتخفيض غازات الدفيئة.
لكن مجموعة الفضاء والدفاع كانت أيضاً تستهدف فائدة مالية من انخفاض أسعار الطاقة المتجددة، كما قال سكوت ستالارد، المدير الأول للإدارة البيئية. وأضاف “تاريخياً الطاقة المتجددة عموماً لم تكُن مجدية تماما من الناحية الاقتصادية، لكن رأينا أن الأسعار كانت تنخفض سواء على جانب طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية”.
ومن غير الواضح ما إذا كانت الشركات ستستمر في عقد مثل هذه الصفقات بالأسعار الحالية. وارتفعت الأرقام في عام 2015 عندما وازن المشرّعون ما إذا كان ينبغي أم لا تمديد الإعفاءات الضريبية الفيدرالية المهمة في الولايات المتحدة بالنسبة إلى المستثمرين في مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وتم تجديد الإعفاءات في كانون الأول (ديسمبر)، لكن سيتم تقليصها على مراحل، الأمر الذي يضع ضغطا على شركات توليد الطاقة المتجددة للاستمرار في تخفيض تكاليف إنتاجها.
في معهد روكي ماونتن، يأمل تواتي أن يحدث هذا. ويقول “انخفضت تكلفة إنتاج الكهرباء بنسبة 61 في المائة لطاقة الرياح و82 في المائة للطاقة الشمسية خلال الأعوام الستة الماضية، وهناك مزيد من التحسينات في الطريق”. إضافة إلى ذلك، أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة التي كانت في مستويات منخفضة تاريخياً يُمكن أن تنتعش، ما يجعل اتفاقيات الشركات لشراء طاقة الرياح والطاقة الشمسية أكثر جاذبية بكثير في عديد من الأسواق.
أوروبيا، الافتتاح الرسمي لمحطة رياح في المرتفعات الاسكتلندية عادةً لا يجذب كثيرا من الانتباه. فلدى اسكتلندا في الأصل ما يكفي من طاقة الرياح لتزويد 97 في المائة من منازلها بالكهرباء. لكن محطة موي للرياح التي افتتحتها شركة الطاقة المتجددة الهولندية، إنيكو، الأسبوع الماضي جنوب إينفيرنيس، مختلفة لأن كثيرا من الكهرباء المنتجة منها ستشتريها مجموعة مارس الأمريكية للمواد الغذائية. ووقّعت المجموعة العائلية اتفاقية لمدة عشرة أعوام مع “إنيكو” لشراء ما يكفي من الكهرباء لتزويد 12 موقعا تابعا لها في المملكة المتحدة. وفي عام 2014 وقّعت “مارس” صفقة مماثلة طويلة الأجل مع إحدى الشركات التابعة لشركة سوميتومو في اليابان من أجل الحصول على الكهرباء من محطة رياح ضخمة في غرب تكساس تساوي كمية الكهرباء التي يستهلكها 70 موقعا تابعة لها في الولايات المتحدة. الشركات، بما في ذلك مجموعة الاتصالات البريطانية “بريتش تليكوم” عقدت عددا من اتفاقيات شراء الطاقة طويلة الأجل مع شركات توليد الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة. لكن عددا قليلا منها يتضمن محطة رياح واحدة كبيرة بقدر محطة موي التي تشتمل على 20 توربينا في اسكتلندا.
يقول باري باركن، كبير الإداريين للاستدامة في شركة مارس، “إنها الصفقة الأولى من نوعها التي تعقدها “مارس” خارج الولايات المتحدة، لكنها ليست الأخيرة”. ويُضيف “شعرنا قبل بضعة أعوام أننا كنّا نصل إلى نقطة حيث الطاقة المتجددة يُمكن أن تكون فعّالة من حيث التكلفة مقابل الوقود الأحفوري”.
اتفاقيتا طاقة الرياح التي عقدتهما شركة مارس هما جزء من حملة لجعل عملياتها العالمية خالية من انبعاثات الكربون بحلول عام 2040.
يقول باركن “إنها ينبغي أن تعني أن الكهرباء في شركة مارس لم تعُد تكلّف أكثر مما كانت ستكون لو تم شراؤها من مرافق الطاقة التقليدية”.