كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
تفيد مصادر ديبلوماسية، انه بعد التوقيع على الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، باتت الأخيرة تعتبر نفسها قوة اقليمية و”أكثر من اقليمية”، وهو الأمر الذي يقلق الدول العربية والخليجية.
لذلك، ترى إيران، انه يجب أن تكون لها كلمتها في المواضيع والملفات المتعلقة بمصير المنطقة من اليمن وحتى العراق وسوريا ولبنان. وهي تبدي استعداداً للحوار مع الخليج الجار لها حول ضمان أمنه، ولديها القدرة في إرساء هذا التوجه لا سيما ما يتصل بمرور السفن، والمحطات النووية قرب مضيق هرمز أي بوشهر تحديداً، والتي تتسبب بقلق لدول الخليج. هذه الدول لا تعتبر أن إيران جاهزة اليوم للحوار معها. لكن هذه الدول تريد من إيران أن تغيّر سلوكها في المنطقة، وتكف عن التدخلات في شؤونها.
تركز إيران حالياً، على أولوياتها وفقاً للمصادر، وليس على السعي للتفاهم حول انهاء أو تسوية أي ملف من ملفات المنطقة. وهذه الأولويات تكمن في الملف السوري وفي التعاون مع روسيا في هذا المجال. وهناك زيارات متبادلة ايرانية روسية للتنسيق في التعاطي مع مستجداته لا سيما مع القرار 2254.
كذلك التنسيق جارٍ من خلال حضور لقاءات جنيف للتفاوض السوري. وقد لاقت إيران أخيراً انتقادات خليجية بسبب عدم حضورها الاجتماعات المخصصة للمساعدات الانسانية.
النفوذ الايراني واضح في اليمن من خلال دعم الحوثيين لكن بشكل غير ظاهر، كما أن هذا النفوذ في العراق واضح، وكذلك في لبنان من خلال دعم “حزب الله”، حيث تعتبره ايران ذراعها الأساسي في المنطقة.
بالنسبة الى وضع لبنان، فإن ايران لم تتلقَّ أي مراجعة حول ملفه الرئاسي وتسهيله إلا من فرنسا وتحديداً عبر زيارة الموفد الرئاسي جان فرانسوا جيرو، ومن خلال زيارة الرئيس حسن روحاني لباريس في تشرين الثاني الماضي ومنذ ذلك الحين لم تحصل أي حوارات معها حول لبنان. في حين أن التقويم الفرنسي يقول ان إيران تربط الملف الرئاسي اللبناني بالوضع السوري، وبالأوضاع الاقليمية الأخرى.
الأولويات الايرانية في الوقت الحاضر هي انهاء العقوبات الدولية، والاهتمام بالعلاقة مع الغرب، وتنمية الاقتصاد وتطويره. وتعتبر ايران نفسها، وفقاً للمصادر، انها تمسك ببطاقات مميزة في كل ملفات المنطقة، وان حوارها مع الخليج حول القضايا الاقليمية ينتظر الاستعدادات الخليجية لذلك.
على أن ايران لا تستبعد حصول تقدم في التفاوض اليمني، بحيث أن أي تطور في هذا المجال سيؤدي الى طرح أفكار تسهيلية في الملفات الأخرى. لكن طهران ستنتظر بعد أي حلحلة في اليمن أن يطرح عليها الغرب لاحقاً أفكاراً متصلة بالموضوع اللبناني والمواضيع العالقة في المنطقة.
وبعد خسارة ايران عدداً كبيراً من جنودها في معركة حلب، هناك نوع من التحليل الكامل لاستراتيجيتها في سوريا، لأن خسائرها لم تكن سهلة وأدت الى توترها خارجياً. في حين تعتبر ان وضعها في اليمن أفضل، لأنها لا تمتلك جيوشاً على الأرض هناك.
إيران، كما كافة الأطراف الخارجية، توصلت الى قناعة، ان وضع حلب لن يحسم، انما الروس يدفعون أكثر في اتجاه الحل السياسي. لكن الطرفين الروسي والايراني على الرغم من تفاوت وجهات النظر بينهما في العديد من مفاصل الأزمة السورية، فإنها مستمران في الخط نفسه. وتفهم ايران ان لدى الروس أوضاعهم الاقتصادية والسياسية الداخلية حيث لا يستطيعون الانغماس في الحرب السورية الى ما لا حدود، إنما لن يتخلوا ببساطة عن استراتيجيتهم في سوريا ويسعون الى ايجاد حل سياسي.
إيران تعتبر، بحسب المصادر، ان روسيا تمكنت من تثبيت النظام ومنع سقوطه، لكن النظام يسعى الى اختراق كل المواقع حيث أمكن ولا سيما في الرقة وحلب.
والرئيس الروسي براغماتي، ولو لم يستطع الحصول على القرم، ولم يعمل للحصول عليها.
ولاحظت إيران انه لم يدخل في مواجهة مع تركيا عسكرياً من جراء اسقاط طائرة السوخوي، انما فقط اقتصادياً. وهو لم يعترف ببعض الجمهوريات القريبة من روسيا. وبالتالي النمط المتبع في سياسته الخارجية لا يبتعد عن طريقة التعامل مع الأزمة السورية.
وتدرك ايران ان تطورات الوضع في المنطقة لا يمكن أن تذهب في اتجاه حسم لطرف أو لآخر بما في ذلك سوريا وهي تدرك أن روسيا تراها منخرطة على الأرض السورية اكثر مما هي منخرطة، وان الروس يعملون أكثر على المسار السياسي والتفاوض من أجل ارساء الحل.