اختصر مدير عام شركة “ستاتيستيكس ليبانون” ربيع الهبر في حديث لصحيفة ”المستقبل” الأجواء عشية استحقاق الانتخابات البلدية بكونها تراوح حزبياً وعائلياً بين مواجهات وائتلافات و”تسويات الأقوياء”، مضيئاً في هذا المجال على نماذج من “التحالفات المتضاربة” حزبياً بحسب ما تقتضي المصلحة الانتخابية في كل منطقة على حدة. فأشار على سبيل المثال إلى وقوف عضو تكتل “التغيير والإصلاح” النائب سليم سلهب ضد “التيار الوطني الحر” في بعبدات، والمواجهة التي تخوضها “القوات اللبنانية” ضد “التيار الوطني” في الحدث وتباعدهما في الضبية حيث تتحالف “القوات” مع “الحزب السوري القومي” في لائحة استبعد منها “التيار الوطني”، وفي سن الفيل تتحالف “القوات” مع “التيار الوطني” ضد “الكتائب اللبنانية” والنائب ميشال المر في حين يتحالف الكتائبيون والعونيون والقواتيون والمر والطاشناق في الجديدة تحت وطأة الحالة التي يفرضها هناك أنطوان جبارة، أما في جونية فيتحالف العونيون والكتائبيون وحزب “الوطنيين الأحرار” ضد لائحة “التجدد” المدعومة من “القوات” ، إضافة إلى مفارقة تحالف القواتيين مع هذه اللائحة المدعومة من النائب السابق فريد هيكل الخازن في جونية بينما تقف “القوات” بشراسة ضد الخازن نفسه في غوسطا.
أما عن “تسويات الأقوياء”، فيوضح الهبر أنّ هناك عدداً من الحيثيات الشعبية في المناطق فرضت بقوتها التجييرية للأصوات تأليف لوائح ائتلافية مع القوى والفاعليات السياسية والحزبية، لافتاً في هذا المجال إلى أمثلة من هذا القبيل، كبلدة قرطبا حيث تم التوافق بين فادي مارتينوس والنائب سابق فارس سعيد وباقي الأطراف لتجنيب البلدة معركة انتخابية، وفي الشياح حيث تمت التسوية وأبرم التوافق البلدي بين النائب ناجي غاريوس وإدمون غاريوس على الرغم من الخلافات بينهما.
في المتن الأعلى، تحضر المنافسة الانتخابية في كل الحالات المطروحة في الانتخابات من معارك انتخابية إلى تزكية وتأجيل، ولكن اللافت في المشهد بحسب مصادر مواكبة أن دور الأحزاب متراجع ولا سيما الأحزاب المسيحية وبالتحديد التوافق الحاصل بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”.
فبينما يبرز الاتفاق الدرزي – المسيحي في بلدة شويت ما أدى إلى فوز البلدية بالتزكية، وينسحب هذا الأمر أيضاً على بلدة الهلالية الدرزية، إلا أن الخلاف الدرزي – المسيحي في بلدة صاليما وتحديداً القواتي – الاشتراكي أدى إلى تأجيل الانتخابات في هذه البلدة.
وتقول إحدى الفعاليات المسيحية في المتن الأعلى إن القرى ذات الصبغة المسيحية لا تشهد طغياناً للأحزاب المسيحية وللتحالف القائم بين جعجع وعون، بل إن ما يجري هناك ولا سيما في قرى عاريا وراس الحرف ودير الحرف وبزبدين والشبانية وحمانا هو تنافس بين لوائح ومرشحين خرجوا من صلب العائلات وليس من صلب الأحزاب رغم أن بعضهم ينتمي إليها، ولذلك تضيف هذه الفعالية يوجد قواتيون وعونيون في اللوائح المتنافسة، لافتةً إلى أن الأحزاب أدركت هذا الواقع وبناءً عليه تركت الحرية لمحازبيها في الترشح والاقتراع.
ويشير بعض المطلعين على الواقع الانتخابي في تلك المنطقة إلى أنّ القرى الدرزية لا يختلف واقعها هذه المرة عن القرى المسيحية إذ إن المنافسة فيها تجري بين لوائح تحمل في غالبيتها مرشحين من “الحزب التقدمي الاشتراكي” ولكن تحت عنوان العائلات، وربما يكون هذا العامل الذي يسود منذ العام 2010 هو الذي دفع بفعاليات القرى المسيحية أن تطلب من “القوات” و”التيار الوطني” و”الكتائب” عدم التدخل مباشرة في تشكيل اللوائح بل ترك الأمر بعهدة العائلات لتختار هي المرشحين الأفضل وبعضهم ينتمون إلى هذه الأحزاب.
ويؤكد هؤلاء المطلعون بحسب صحيفة “المستقبل” أن تجربة المجالس البلدية في تلك المنطقة ستكون هذه المرة أفضل من سابقاتها إذا توافرت لها الإمكانات باعتبار أنها ستكون عبارة عن فرق عمل متجانسة همها الأساس إنماء البلدة المعنية وليس تسجيل نقاط على بعضها البعض على خلفيات حزبية تفجر المجالس البلدية عند أي خلاف سياسي أو فرصة لتقاسم الحصص.
وإذا كانت الضاحية الجنوبية لبيروت تشهد اليوم حركة انتخابية لافتة في ظل تشكيل بعض العائلات لوائح مواجهة للوائح “حزب الله” وحلفائه طلباً للتغيير في النهج المتبع بلدياً في بعض مناطق الضاحية، برز أمس في ما يتعلق بإقليم الخروب إعلان “تيار المستقبل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” تفاهمهما وتنسيقهما الانتخابي في الإقليم حيث “تمكنا من الوصول إلى تحالف في بعض الأماكن وتعذر ذلك في أماكن أخرى نتيجة الحسابات العائلية لذا آثرنا عدم التدخل وترك الحرية لمناصرينا في اختيار ما يرونه مناسباً” وفق ما أوضح الأمين العام للتيار أحمد الحريري إثر اجتماعه مع أمين السر العام في الحزب ظافر ناصر في قصر القنطاري، في حين شدد ظافر على أنّ “التشاور تام مع “المستقبل” لإنجاز أكبر تفاهم انتخابي ممكن معه في المناطق التي فيها قواعد مشتركة للطرفين”، مع التأكيد على كون التحالف السياسي بينهما راسخ وقائم على ثوابت تاريخية.