Site icon IMLebanon

اقتصاد العالم أكثر تشاؤماً بعد خفض الأمم المتحدة توقعات النمو

EconGrowth
التقرير الصادر هذا الأسبوع عن الأمم المتحدة بشأن توقعات النمو العالمي للعام الجاري، يشير بوضوح إلى استحكام متواصل لتداعيات الأزمة العالمية المستمرة فصولاً منذ عام 2008، بمفاصل الاقتصاد حول الكرة الأرضية، سواء في الدول المتقدمة أو النامية أو الأقل نمواً، وإن بنسب متفاوتة.

الأمم المتحدة قلصت توقعها للنمو الاقتصادي لهذه السنة نصف نقطة مئوية إلى 2,4 في المئة، بسبب تعديلات بالخفض لأفريقيا وكومنولث الدول المستقلة وأميركا اللاتينية، وقالت في تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاق 2016» إنها خفضت توقعها لنمو الناتج العالمي المجمل إلى 2,4 في المئة، وهو المستوى نفسه المسجل السنة الماضية، نزولاً من توقعات سابقة في كانون الأول المنصرم كانت تشير إلى 2,9 في المئة.

بحسب التقرير، لا تزال آفاق النمو العالمي أقل بكثير من معدلات ما قبل الأزمة العالمية، في حين ترزح إمكانات الاقتصاد العالمي في المدى الطويل تحت عبء نمو الإنتاجية البطيء والاستثمار الواهن، وهو يشير إلى الطلب الضعيف في الاقتصادات المتقدمة كمؤثر سلبي رئيسي في النمو العالمي، إلى جانب أسعار السلع الأولية المنخفضة وتنامي الاختلالات المالية والتجارية وتشديد السياسة النقدية في الاقتصادات المصدرة للسلع الأولية. كما أن من بين العوامل السلبية الاُخرى الصدمات المرتبطة بسوء الطقس والتحديات السياسية والنزوح الكبير للرساميل في العديد من المناطق النامية.

التقرير الصادر عن إدارة شؤون الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية، رسم صورة قاتمة للاقتصاد العالمي، محذراً من أن النمو الضعيف يمكن أن يشكل تحدياً لتنفيذ جدول أعمال التنمية المستدامة 2030.

مساعد الأمين العام في إدارة شؤون الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية، ليني مونتيل، قال إن التقرير القاتم لحالة الاقتصاد العالمي يشكل بوضوح تحديات كبيرة للدول الأعضاء في جميع أنحاء العالم، لكن بالتأكيد لنظام الأمم المتحدة الإنمائي.

ويُستفاد من تقرير منتصف عام 2016 أنه مع تضاؤل احتمالات حدوث انعطافة اقتصادية مهمة هذا العام، تبقى مؤشرات النمو العالمي على ضعفها، ما يشكل تحدياً لتنفيذ أهداف التنمية، مؤكداً الحاجة إلى مزيج من سياسة أكثر توازناً لتجديد النمو العالمي وخلق بيئة مؤاتية لتحقيق أجندة أهداف خطة 2030 للتنمية المستدامة.

على نحو أكثر تحديداً، وجد التقرير أن الضعف المستمر في الطلب الكلي في الاقتصادات المتقدمة يبقى عبئاً على النمو العالمي، في حين أن انخفاض أسعار السلع الأساسية، وتصاعد الاختلالات في الموازين المالية والحسابات الجارية وتشديد السياسات، كلها عوامل زادت من تقويض الاحتمالات بالنسبة للعديد من الاقتصادات الأفريقية المصدرة للسلع الأساسية، وكذلك الأمر بالنسبة وكومنولث الدول المستقلة وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

كذلك، يسلط التقرير الضوء أيضاً على الركود الاقتصادي لفترة طويلة في البرازيل والاتحاد الروسي، مع آثار إقليمية كبيرة غير مباشرة. في الاتحاد الروسي، يتوقع التقرير انكماش الناتج المحلي المجمل بنسبة 1,9 في المئة عام 2016، ويرجع ذلك إلى التقشف المالي والمزيد من انحسار الاستهلاك والاستثمار الخاص واستمرار العقوبات الغربية. وفي البرازيل، من المتوقع انكماش الاقتصاد بنسبة 3,4 في المئة، وهو ما يعكس أزمة سياسية عميقة، وارتفاع معدل التضخم، والعجز المالي المتزايد وارتفاع أسعار الفائدة.

في أقل البلدان تقدماً، يتوقع التقرير أن يصل نمو الناتج المحلي المجمل فقط إلى 4,8 في المئة عام 2016 و5,5 في المئة عام 2017، أي أقل بكثير من هدف التنمية المستدامة البالغ 7 في المئة، وهو أمر يعتبر التقرير أنه يعرض للخطر الحاجة الملحة للإنفاق العام على التعليم والصحة والتكيّف مع تغيّرات المناخ، فضلا عن التقدم المحرز في جهود الحد من الفقر.

التقرير يسلط الضوء على نصيب الفرد من الناتج المحلي المجمل، ليخلص إلى أن تباطؤ نمو الناتج المحلي المجمل صارخ في العديد من المناطق النامية. في أفريقيا، من المتوقع أن يبلغ نمو حصة الفرد 0,4 في المئة فقط خلال الفترة بين عامي 2015-2017.

ويفيد التقرير بأن الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة سجلت رقماً قياسياً جديداً عام 2015، فيما يرجع أساساً إلى زيادة مستوى الالتزامات ودعم السياسات في العديد من البلدان النامية، وهو يتوقع ارتفاع النمو العالمي على نحو طفيف بنسبة 2,8 في المئة عام 2017، ليبقى أقل بكثير من مستويات ما قبل الأزمة العالمية.

ولفت إلى أن فترة مطوّلة من النمو البطيء للإنتاجية والاستثمار الضعيف، تضغط على الإمكانات التي يتمتع بها الاقتصاد العالمي على المدى الطويل.

ويحذر التقرير من أن المخاطر النزولية على الاقتصاد العالمي تستمرّ مرتفعة، حيث لا تزال اقتصادات نامية كبيرة عرضة لضغوط مرتبطة بتقلبات تدفق الرساميل وتذبذب أسعار الصرف، وهي ضغوط ربما تتفاقم كردّة فعل لاتساع التباين في هوامش أسعار الفائدة العالمية، في حين أن استمرار تدهور أسعار السلع الأساسية يمكن أن يؤدي بدروه إلى تفاقم أعباء خدمة الديون التي تواجهها بعض الاقتصادات المعتمدة على هذه السلع.

في الجانب الإيجابي، استقرت انبعاثات الكربون العالمية سنة 2015، ما يشير إلى فك ارتباط محتمل بين النمو الاقتصادي ونمو انبعاثات الكربون، وهو ما سبق واُشير إليه أيضاً في التقرير الصادر في كانون الثاني.

في النهاية، يخلص التقرير إلى أن تنسيقاً أكبر للسياسات بين الدول يمكن أن يخفف من الآثار الجانبية السلبية لاختلال السياسات وأن يحتوي التقلبات الحاصلة في الأسواق المالية. واستشرافاً للمستقبل، يدعو الحكومات إلى ضرورة الاستفادة بشكل كامل وفعال من الحيّز المالي المتاح، من خلال توسيع قاعدة الضرائب وتعزيز إدارتها وزيادة الامتثال في العديد من الاقتصادات النامية وتلك التي لا تزال تشهد مراحل انتقالية.