IMLebanon

 الكنيسة منفتحة على النقاش بشأن النظام

Beshra-raii-francois-hollande

 

كتبت دنيز عطاالله حداد في صحيفة “السفير”:  

يبدو الكلام عن انتخاب رئيس للجمهورية في زمن الانتخابات البلدية وكانه خارج كل سياق. فقد نسي اللبنانيون أزمة الرئاسة المفرّغة وانصرفوا الى صراعات الاحياء والاحجام والوجاهة والنفوذ. تشارك الجميع في تناتش أوهام السلطة في انتخابات بلدية، تبقى على اهميتها، محلية الطابع «ذات وجه سياسي» بملامح انمائية.

ينتاب الكنيسة المارونية ما يتجاوز القلق من الفراغ المتمادي. هو الخوف من سيناريوهات يتناقلها بعضهم ويكررونها على مسامع بكركي. حتى أن نوابا وشخصيات عامة لا يتورعون عن الترديد في مجالسهم أن «ميشال سليمان هو آخر رئيس للجمهورية في لبنان وفق النظام القائم». يستعرض هؤلاء نظريات ويتداولون تحليلات تتمحور حول نقطة اساسية: لن يكون هناك رئيس للجمهورية الا بعد اتفاق شبيه بالطائف أو بالدوحة.

يثير هذا الكلام حساسية ومخاوف الكنيسة اساقفة وبطريركا. يمكن في هذا السياق تسجيل الكثير من الملاحظات على اداء المسؤولين الكنسيين، الا أنه يسجل لهم اصرارهم، منذ ما قبل انتهاء ولاية سليمان، على المطالبة بالاسراع في انتخاب رئيس. فذاكرة الكنيسة جيدة، وهي لم تنس بعد التداعيات المأساوية في كل مرة اختلف فيها اللبنانيون أو تأخروا في اختيار رئيسهم.

يقول احد الاساقفة، ممن لا يملون في كل اسبوع من رفع الصلاة على نية انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، أن «الكنيسة تعرف جيدا الواقع المأزوم للنظام اللبناني. وهي لا تخاف طرح اي موضوع أو مقاربته، بما فيه موضوع النظام. حتى ان البطريرك نفسه طالب اكثر من مرة بتجديد العقد الاجتماعي بين اللبنانيين متخففا من اية افكار مسبقة». يستطرد الاسقف «ان ما يجري اليوم لا يمكن ان يكون ممرا او معبرا لاي تغيير ايجابي للبنان واهله. فالتغيير، ان كان مطلوبا او منشودا، يحتاج الى استقرار وروية وانفتاح على مناقشة كل الافكار. لكن ما يحصل اليوم هو تفريغ للدولة من رأس الهرم الى كل تفاصيلها. وهذا ما لا يمكن بأي حال ان يوصل الى نتيجة. فما يُبنى على خطأ سيبقى خطأ». برأيه «المدخل الوحيد لحل ازماتنا يتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية. بعدها يمكن للبنانيين أن يجلسوا على طاولة واحدة مجتمعين ويتناقشوا بكل الافكار والطروحات، فيطبــقون ما فيه مصلحتهم ويرفضون ما لا طاقة لهم على تحمله او يتناقض مع فكرة لبنان – الرسالة، ارض التعايش والانفتاح».

ينظر الاسقف الى اتفاقيّ الطائف والدوحة بايجابية بمعنى «انهما نقلانا من حالة الحرب والشلل الى حالة اكثر استقرارا». لكنه يضيف سريعا ان «الاتفاقات والتوافقات غير منزلة. بل على العكس، هناك ضرورة متواصلة لتحديثها وتكييفها بحسب مصالح اللبنانيين وتطور الظروف والمفاهيم. فما حالنا ونحن لم نطبقها بعد كاملة كما هو حال الطائف، ولا التزمنا بروحية اتفاق الدوحة وليس فقط نصوصه؟».

يؤكد الاسقف ان «البطريرك بشارة الراعي مهجوس بوجوب انتخاب رئيس. وهواجسه لا تنبع فقط من حرصه على الموقع المسيحي الارفع في الشرق الاوسط، وليس في لبنان فقط. هو ضنين بلبنان وبدوره ومصالحه وفكرته ـ المنارة وسط ظلمة هذا الشرق المتزايدة. وان لم ينتبه المعنيون بعد الى حجم الاضرار التي تلحق بلبنان جراء التأخر في انتخاب رئيس فهذه مأساة تضاعف مأساة الفراغ».

ينفي الاسقف ان يكون البطريرك الراعي قد حصل على اي وعد من اية جهة، خصوصا فرنسا، بانتخاب قريب لرئيس للجمهورية. يقول «يعدنا اصدقاؤنا، وفرنسا في طليعتهم، بأن يطرحوا هذا الموضوع مع كل من له علاقة بهذا الملف او يؤثر فيه. وهم يفاتحون كل المسؤولين اللبنانيين ويحثونهم على انتخاب رئيــس. لكــن احدا لا يمكنه فرض الامور من الخارج فقط، تماما كما أن احدا من الخارج لا يمكنه ان يمنع اللبنانيين من انتخاب رئيس اذا توافقوا على ذلك». ليختم «مع الاسف لا يبدو الامر وشيكا».