IMLebanon

مركز الملك عبدالله المالي يواجه تعقيدات ادارية وقيودا اجتماعية

KAFD
بعد أكثر من عشر سنوات ومرور عام على الموعد الذي كان من المفترض أن يكتمل فيه بناء مشروع مركز الملك عبدالله المالي على مشارف الرياض، لا يزال معظم المشروع الذي تبلغ مساحته 1.6 مليون متر مربع موقعا للإنشاءات ولم تنتقل إليه أي شركات.

وفي ابريل/نيسان قال الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي وصاحب النهج الإصلاحي إنه يريد إنقاذ المشروع الذي تبلغ استثماراته عشرة مليارات دولار.

لكن جيران السعودية اعتبروا أن إقامة مركز مالي من الصفر واحدا من أبرز مظاهر الانفاق الحكومي الذي أتاحته الطفرة النفطية في المملكة ورأوا فيه مشروعا لا لزوم له ومن المستبعد أن يجتذب مستثمرين بل وربما لا يكتمل بناؤه قط.

وفي المقابل يعتقد خبراء أن حزمة الاصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الرياض ربما تسهم على المدى البعيد في تحويل المملكة الى مركز مالي عالمي إلا أن الأمر رهين باستكمال تلك الاصلاحات ورهين ايضا باستكمال عمليات البناء ونقل الشركات اليه.

ومن المقرر أن يصبح المركز مقر صندوق الاستثمارات العامة الذي سيتحول وفقا لخطط السعودية إلى أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم وقالت مصادر إن الصندوق سيمتلك المشروع أيضا.

وكانت الفكرة وراء إقامة مركز الملك عبدالله المالي أن يتحول إلى صورة مصغرة من دبي فيصبح قبلة لشركات الخدمات المالية الأجنبية وللمستثمرين الأجانب بالإضافة إلى البنوك والشركات المحلية التي تنجز أعمالها من مكاتبها المنتشرة في مختلف أنحاء الرياض.

وحسب رؤية المملكة 2030 التي أعلنها الأمير محمد سيصبح المركز المالي “منطقة خاصة” تنظمها لوائح تنافسية بالمعايير الدولية ونظام أيسر للحصول على تأشيرات الدخول واتصال مباشر بالمطار وكلها خطوات يأمل الأمير أن تزيد من فرص نجاح المشروع.

ومن التغييرات الأخرى زيادة النسبة التي ستتاح للاستخدام السكني من المشروع المخصص حاليا للإسكان الإداري.

ويقول تقرير أعدته شركة جونز لانج لاسال للتحليلات العقارية، إن الايجارات بدأت تتحسن بعد أن بلغت أدنى مستوياتها في المساحات المكتبية المتاحة حاليا في الرياض وتبلغ 2.5 مليون متر مربع لكن أسعار الوحدات السكنية ترتفع.

وتتباين مواقف المستأجرين والمستثمرين المحتملين إزاء المشروع بين الرجاء والتشكيك.

وقال وافد يعمل في دبي وله نشاط في السعودية وسبق أن زار موقع المشروع “الامكانيات مذهلة. فهو مبهر من الداخل. وددت لو أعيش هناك.”

ومع ذلك فقد أثار شكوكا في إمكانية نجاح المشروع في المناخ الاقتصادي الحالي. والمقاول العام للمشروع هو مجموعة بن لادن السعودية أكبر شركات المقاولات في المملكة والتي تواجه مصاعب منذ 2015.

وأضاف الوافد “لن يكتمل. اتخاذ القرارات بطيء للغاية في المشروع وليس لديهم السيولة.”

وطلب الوافد عدم الكشف عن هويته شأنه في ذلك شأن آخرين، فيما أبدى مصرفي سعودي كبير سابق مخاوف مماثلة.

وقال المصرفي “إذا أدت الخطة إلى إقامة منطقة حرة حقيقية ويسرت الأمور للقادمين الجدد فأهلا وسهلا”، لكنه أضاف أن انتعاش الاقتصاد المعتمد على النفط أمر ضروري.

وقال مصرفي خليجي كبير آخر إن مؤسسته ليس لديها خطط للانتقال إلى المركز رغم أنه يبدو “مبهرا” وأبدى قلقه خشية ألا تتمكن البنوك سوى من استئجار مساحات في المركز بدلا من شرائها.

زيادة المساحات السكنية

وفي الأسبوع الماضي داخل الحي المالي الجديد كانت الطيور تتنقل بين أشجار النخيل وبنت العصافير أعشاشا لها في الشجيرات الصحراوية قرب مركز المؤتمرات الذي كاد يكتمل. ومن الأجزاء التي اكتملت بعض مراحل “الوادي” أو الممشى المكسو بالحجر وكذلك أبراج زجاجية ذات طابع مميز. ومن أحد الأبراج المرتفعة أمكن رؤية أحواض سباحة وملاعب للأطفال على أسطح مبان أخرى.

وقال جاكوب كوريك الشريك في شركة هيننج لارسن الدنمركية المسؤولة عن المخطط العام لمشروع المركز المالي، إن الخطط الأصلية مرنة بما يكفي لتحويل المساحات المخصصة للمكاتب الإدارية إلى مساحات للاستخدام السكني أو التجاري.

وأضاف أنه سيكون من السهل ربط المركز مباشرة بالمطار من خلال خط المترو الجديد في الرياض الذي سيكون المركز المالي من محطاته.

ومع ذلك فستكون تغييرات أخرى أكثر تعقيدا مثل نظام اللوائح الأساسية المختلف والاعفاءات من التأشيرات والتأثير على القيود الاجتماعية المشددة في المملكة.

وفي الوقت الحالي يمكن أن يستغرق استصدار التأشيرات أياما عديدة ويتطلب عملية معقدة تقوم على دعوة يوجهها كفيل ويتطلب وثائق تكميلية كثيرة. كما أن بدء نشاط اقتصادي يتطلب الحصول على موافقات من أجهزة حكومية كثيرة.

وقال مصطفى العاني الخبير الأمني الذي تربطه علاقات وثيقة بوزارة الداخلية السعودية، إنه من الممكن أن تسير الإعفاءات من التأشيرات على غرار النظام الأميركي أو مثل تصاريح الإقامة التي تصدرها المناطق الحرة في الإمارات.

وقال “ليست تأشيرة وليس الأمر حرية مطلقة في الدخول أيضا. وربما تفرض قيود جغرافية”، مشيرا إلى إمكانية منع من يدخلون بالتأشيرات الخاصة من مغادرة المركز المالي أو أن تقتصر تحركاتهم على العاصمة السعودية.

ورغم القيود الاجتماعية استطاعت السعودية التكيف مع الوافدين الأجانب، ففي مجمعات الوافدين التي تحيط بها أسوار عالية وتحميها القوات السعودية يسمح للوافدين بارتداء ما يروق لهم من ملابس والتصرف بحرية مثلما يفعلون في الغرب. ولا يسمح عادة للمواطنين السعوديين بدخول هذه المجمعات.

لكن مثل هذا التقسيم المغالى فيه لا يمكن أن ينجح لمشروع مثل المركز المالي الذي يتم تسويقه أيضا بين الشركات السعودية والمقيمين في المملكة.

غير أن هناك أمثلة أخرى لمناطق يمكن للسعوديين زيارتها وتتمتع بوضع خاص ولا يشترط فيها ارتداء الزي الاسلامي أو يمنع فيها اختلاط الجنسين مثل الحي الدبلوماسي في الرياض.

ويقول مسؤول تنفيذي غربي بإحدى الشركات يعيش الآن في دبي، إن القيود الاجتماعية خاصة في ما يتعلق منها بالنساء من بين أهم العوامل في أي قرار بالانتقال إلى السعودية.

ويضيف “بالنسبة لي التأشيرات أمر لطيف لكنها ليست حتى على قائمة العناصر العشرة المهمة التي تحتاج للتغيير.”