محمد وهبة
مناقصة تلزيم المعاينة الميكانيكية لا تخلو من الإشكاليات. أولاها عودة شركة «دنش» التي استبعدتها لجنة التلزيم إلى حلبة المنافسة بقرار قضائي من مجلس شورى الدولة، فضلاً عن ترجيح صدور قرار مماثل لمصلحة «بيرو فيريتاس»، وثانيتها سجال بين لجنة التلزيم وهيئة إدارة السير حول ملف شركة «فال» ومطابقتها لشروط المشاركة.
شهدت مناقصة تلزيم «تحديث وتطوير وتشغيل محطات المعاينة الميكانيكية وأعمال تصميم وبناء وتشغيل محطات جديدة» تطوّرات عدّة في خلال الأيام الماضية، يمكن أن تعيد خلط أوراق المرحلة الثانية من المناقصة، التي تتضّمن فضّ العروض الفنية والأسعار. إحدى الشركتين المستبعدتين من المرحلة الأولى من فضّ العروض، عادت إلى حلبة المنافسة بعد تقديمها اعتراضاً أمام مجلس شورى الدولة، ويرجح أن تستحصل الشركة الثانية على قرار مماثل يعيدها أيضاً إلى المنافسة، فيما لا يزال اعتراض هيئة إدارة السير ضدّ تأهّل شركة «فال» محلّ سجال مع لجنة التلزيم.
مرحلة الاستبعاد
في المرحلة الأولى من المناقصة التي انطلقت في 5 نيسان الماضي، استبعدت لجنة التلزيم في إدارة المناقصات تحالف «بيرو فيريتاس ــ supervision Y control»، بسبب مخالفتها دفتر الشروط لجهة أن يكون رئيس المجموعة شركة أو مؤسسة لبنانية، واستبعدت أيضاً تحالف «دنش ــ OPUS» بعدما تبيّن أن توكيل التكافل والتضامن الذي قدّمه غير موقّع من الشريك اللبناني. وأمهلت الشركات الباقية («ضومط ــ VIV AUTO»، «أس جي أس ــ AUTOSPECT»، «فال ــ ديكرا ــ سوبال ــ ERI» و«جودة ــ APPLUS») عشرة أيام لاستكمال النواقص في ملفاتها.
في 21 نيسان، استكملت الشركات الملفات المطلوبة منها، في انتظار بدء المرحلة الثانية، التي تتضمن درس العروض الفنية والأسعار ووضع علامات لكل تحالف على أساس جدول الكميات، أي الجدول الذي سيحدّد العلامات لكل تحالف، وفي النهاية إعلان فوز الشركة التي تنال أعلى العلامات.
ما حصل لاحقاً، كان كفيلاً بتغيير مسار المناقصة. فقد قدّمت كلّ من «دنش» و«بيرو فيريتاس» اعتراضين أمام مجلس شورى الدولة لنقض قرار لجنة التلزيم القاضي باستبعادهما. بيرو فيريتاس ادعت أنها تستوفي بند «الخبرة» من دون أن تضمّن الملف مستندات تثبت هذا الأمر، ثم أوضحت أن ورود عبارة «أن يكون مقرّ إقامة الشركة في لبنان» في دفتر الشروط، لا يعني بالضرورة أن تكون الشركة لبنانية بمفهوم المادة 78 من قانون التجارة، أي أن تكون ملكيتها لبنانية، بل يمكن أن تكون أجنبية لديها مقرّ إقامة في لبنان.
أما شركة «دنش» فقد اعتبرت أن استبعادها بسبب كون «التوكيل غير الموقع من الشريك اللبناني» هو مجرّد وكالة من الشريك الأجنبي للشريك اللبناني للتنفيذ، وبالتالي هو أمر شكلي ويجب على لجنة التلزيم أن تعامله بالمثل وتمنحه مهلة لاستكمال وتصحيح ملفاته، مثلما منحت الشركات الثلاث مهلة 10 أيام لاستكمال النواقص في ملفاتها.
المعايير القانونية
وبحسب مصادر مطلعة، فإن مجلس شورى الدولة أصدر قراره بشأن «دنش» منذ 11 أيار على أساس أن المعيار المعتمد لتوسيع المنافسة يجب أن يشمل الجميع، وبالتالي يحق لشركة دنش أن تمنح مهلة لاستكمال الملفات مثلها مثل باقي الشركات التي حصلت على المهلة. ويتوقع أن يصدر قرار ثان بالنسبة لاعتراض بيرو فيريتاس يمنحها الحق في المشاركة في مهلة تقديم العروض أيضاً.
اللافت في المجال القانوني أن مجلس شورى الدولة لم يبن قراره على مضمون الاعتراض وجوهره، بل على المساواة الشكلية، وهو ما يجعل القرار قابلاً للاستئناف.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن استبعاد «بيرو فيريتاس» مبني على خلفية قانونية صلبة لأن عبارة «أن يكون مقرّ إقامة الشركة في لبنان» لا يمكن أن يُقصد فيها أن تكون شركة أجنبية لديها مقرّ إقامة في لبنان، فالمشرّع هدف من هذه العبارة السماح للشركات اللبنانية بأن تنقل الخبرات الأجنبية إليها، وبالتالي إدخال شركاء أجانب في المناقصات التي تسعى إلى الفوز بها.
أما بالنسبة لشركة «دنش»، فإن الاعتراض على موضوع التوكيل الموقع من الشريك اللبناني لا يمكن تفسيره على أساس أن دور الشركة اللبنانية محصور في تخليص معاملات المشروع لحساب الشركة الأجنبية، ولذا فإن دفتر الشروط نصّ على أن يكون هناك توقيع بين الشريكين اللبناني والأجنبي «بالتكافل والتضامن» وهذا الأمر يشمل المسؤوليات بالدرجة الأولى.
الاعتراض على تأهيل «فال»
قد تكون كافية عودة شركتين إلى المنافسة لخلط أوراق المناقصة بكاملها، لكن الأمر ينطوي على عامل إضافي قد يكون وقعه أكبر في ضوء ما هو متداول في السوق. ففي 23 نيسان، قدّمت هيئة إدارة السير اعتراضاً على قرارات لجنة التلزيم لجهة تأهيل شركة «فال» للمشاركة في المرحلة الثانية من فضّ العروض. تقول الهيئة إن هذه الشركة قدّمت شهادة أيزو (17020) تعود لشركة Dekra SE لا لشركة Dekra Auto GMBH المتحالفة مع شركة «فال». الشركة الأولى، أي Dekra SE هي الشركة الأم، فيما شركةDekra Auto GMBH هي شركة تابعة لها، ولذلك طلبت لجنة التلزيم تأكيد أن شهادة الأيزو تغطي الشركة التابعة، لكن ممثلي هيئة إدارة السير أبلغوا لجنة التلزيم أنه كان عليها الطلب من «فال» شهادة الأيزو التي يحوزها شخصياً أحد أعضاء الائتلاف أو التحالف وليس إثبات أن الشهادة الصادرة باسم شركة ليست عضواً في الائتلاف تغطي أحد أعضاء الائتلاف. وقدّم ممثلو الهيئة أمثلة عن الجهة التي تمنح الاعتماد للشركة الأم وللشركات التابعة، وبينها شركة Dekra SE التي تحوز شهادة أيزو 17020، ولديها شركة تابعة اسمها Autobilan France SAS لكنها تحوز شهادة أيزو 17020 بنفسها ولا تستعمل التغطية من الشهادة التي تحوزها الشركة الأم. كذلك أوضح ممثلو الهيئة أن «فال» قدّمت شهادتي خبرة تعودان لشركات ليست أعضاء في الائتلاف، وبالتالي لا يمكن الاعتداد بهما نظراً إلى أهمية استيفاء العارض للمؤهلات الفنية.
في المقابل، اعتبرت لجنة التلزيم في إدارة المناقصات أن هذا الاعتراض يأتي بعدما كان ممثلو الإدارة قد وافقوا على محاضر لجنة التلزيم ولم يذكروا في المحضر هذا الاعتراض، بل قدّموه لاحقاً، وردّوا على الاعتراض شكلاً، إذ انه يأتي مذيلاً بتوقيع وزير الداخلية نهاد المشنوق، وبالتالي فإن مجمل الاعتراض بمضمونه المتأخر وبشكله يؤلف ضغطاً على لجنة التلزيم المستقلة بعملها والتي تخضع للمحاسبة أمام ديوان المحاسبة في حال حصول أي خطأ بعملها.