كتب بسام أبو زيد:
يبرع رئيس مجلس النواب نبيه بري في رمي الكرات السياسية باتجاه الفرقاء السياسيين فينشغلون بها مواقف وسجالات وخلافات لا تكاد تنتهي حتى يرمي لهم بكرة أخرى تعيد الحماوة السياسية إلى البلد من جديد.
حكاية الدجاجة قبل البيضة أو البيضة قبل الدجاجة كررها الرئيس بري في السياسة عندما أعطى أولوية للإنتخابات النيابية على الرئاسية المعرقلة بظروف متعددة مع تعهد من الكتل النيابية الجديدة بانتخاب رئيس بعد وصولها إلى البرلمان، فاندلع السجال على المستوى السياسي هل الانتخابات النيابية قبل الرئاسية أم الرئاسية قبل النيابية؟
لا يبدو في الأفق أنّ هناك اتفاقا على انتخاب رئيس، كما لا يبدو أن هناك اتفاقا على قانون جديد للانتخابات أو إجرائها وفق قانون الـ60 بعد تقصير ولاية المجلس، لذلك فإن الجدل سيستمر بانتظار إشارات إقليمية ترتب الأولويات اللبنانية وتعطي إشارة الانطلاق لها.
وإذا كان الجميع يدرك ذلك إلا أنّهم يواصلون كل من جهته الإشارة إلى المزيد من الأخطار المحدقة بلبنان جراء أي خطوات دستورية ناقصة وغير محسوبة. فمؤيّدو أولوية انتخاب الرئيس يتمسكون بها كمفتاح وحيد لحل الأزمة الراهنة ويستغربون كيف أن هناك من يواصل التكهن بإمكان بقاء الفراغ حتى انتهاء ولاية مجلس النواب الممددة في حزيران 2017 لذلك فهم يشددون على انتخاب رئيس يليه تشكيل حكومة وإجراء انتخابات نيابية لينتج عنها أكثرية تحكم وعقلية تعارض. ويعتبر هؤلاء إن إجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية قفزة في المجهول فما هي الضمانة أن المجلس الجديد سيجتمع لانتخاب رئيس فورا لأنه في حال عدم انتخابه سيبقى لبنان من دون حكومة جديدة وستكون تركيبة وعمل مجلس النواب معطلا.
في المقابل، وانطلاقا من كلام الرئيس بري بأنّ لا تمديد بعد اليوم لمجلس النواب لا سيما بعد نجاح إجراء الانتخابات البلدية، تضغط جهات سياسية عديدة لتكون الانتخابات البرلمانية أولوية ووفق أي قانون تجنبا لتمديد ثالث يراه الجميع قادما إذا كانت الظروف الإقليمية على ما هي عليه اليوم، كما أنّ البعض ولاسيما “التيار الوطني الحر” يضغط باتجاه أولوية الانتخابات النيابية ظنًا منه أنّ الأكثرية ستتغير وحتى لو وفق قانون الـ60 ولذلك ستكون الفرصة عندها ملائمة لانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية. ولكن ماذا لو لم تتطابق حسابات الحقل على حسابات البيدر؟ ماذا لو بقيت الأكثرية أكثرية والاقلية أقلية؟ ماذا لو استمرّت مقاطعة كتل لجلسات الانتخاب رغم تعهدها بالحضور؟ هل يتخلّى عندها الرئيس بري عن نصاب الثلثين؟ وبأي ثمن؟ وهل فعلا سنغامر بالمزيد من الفراغ على مستويات عدة؟
رغم كل هذه السجالات والخلافات والتحدي يلعب الجميع عند شفير الهاوية ويتجنبون السقوط فيها لأنّهم يدركون أنّ قرار الإبتعاد عن الحافة أو السقوط فيها ليس قرارًا لبنانيًا إلا إذا كانوا هم فعلا قرّروا فقط الإنتحار.