IMLebanon

«الانكماش» .. الفيل يسكن هواتفنا الذكية

uber-taxi
كلير باريت

هل يجب أن نشعر بالقلق بشأن الانكماش؟ بالنسبة إلى المستثمرين المشكلة تعتبر كبيرة جدا “لكن نادرا ما يتم الحديث عنها” إلى درجة أنها أصبحت توصف بأنها “الفيل في الغرفة”. لكن بالنسبة إلى المستهلكين الفيل موجود على هواتفنا الذكية.

نسبة متزايدة من المال أصرفها هذه الأيام عبر تطبيق ما. من الذي يحتاج إلى محل عندما يكون لديه هاتف ذكي؟ الحياة المليئة بالمشاغل تعني أن تطبيقات أمازون و”إي باي” eBay هي “الأماكن” التي أتوجه إليها من أجل مشترياتي من مواد التجزئة، وهي مفتوحة 24 ساعة وبأسعار مناسبة تماما.

وإذا وجدت نفسي في متجر تقليدي، يمكنني أن أضع خلسة تطبيق ماسح الباركود لأمازون على العبوة لمعرفة ما إذا كان يمكنني شراء ما هو أرخص منها على الإنترنت. قد أمتنع عن فعل ذلك في مكتبة مستقلة. لكن ليس لدي مثل هذا التورع في “بووتس” Boots (إذا كنت تجرب ذلك، كن حذرا: النظرة الماكرة على وجهك وأنت تقوم بهذه المناورة يمكن أن تعطي الانطباع بأنك نشّال).

وهناك برنامج أوبر الذي يسمح لك، إلكترونيا، بطلب سيارة أجرة رخيصة جدا، وهناك أيضا “إيربنب”، التي تستطيع من خلالها أن تحجز بنجاح بعض الأماكن لقضاء عطلات نهاية الأسبوع بأسعار معقولة جدا في بيوت الآخرين الفارغة.

التكنولوجيا تدفع الأسعار إلى الانخفاض، لكن التكلفة الحقيقية لهذا الاضطراب تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير. كم عدد المتاجر العامة التي تم اكتساحها من قبل “أمازون”؟ كم عدد شركات سيارات الأجرة الصغيرة، أو شركات العائلات التي تدير فنادق صغيرة وانتهى أمرها إلى الإفلاس ـ بسبب مضاربة “إيربنب” عليها في الأسعار؟

الأمر سيئ للغاية بالنسبة إلى الشركات القديمة. معظم المستهلكين لا يشعرون بالقلق من الآثار الطويلة الأجل في سوق العمل، أو ما إذا كانت هذه الشركات التكنولوجية المُحدِثة للاضطراب تدفع ما يكفي من الضرائب. إنهم يريدون فقط أرخص الأسعار – وهذا ما يحصلون عليه. لذلك انكماش السعر هو المهيمن ـ وليس من معترض. أم هل الأمر ليس كذلك؟

دعونا نوجه اهتمامنا إلى الصين “التي يجب ألا ننسى أنها مصدر كثير من السلع المنتجة بثمن بخس، التي تملأ المتاجر العامة لدينا وسلال التسوق عبر الإنترنت”. الصين لديها حاليا حصة تبلغ 13 في المائة من تجارة الصادرات العالمية، وذلك وفقا لمايكل باور، المحلل لدى شركة إنفستك لإدارة الأصول. سمعته أخيرا وهو يتحدث عما يمكن القول إنه أكبر صادرات الصين – الانكماش – والرأي الذي قاله سيجعل معظم المستثمرين يشعرون “بالانكماش” بشأن المستقبل.

ومع ذلك، كان عرضا رائعا. سأل باور الحجرة “المليئة” بسادة الحي المالي من ذوي البدلات الأنيقة، ما إذا كانوا قد سمعوا أصلا عن كياووتو. إذا لم يكونوا قد سمعوا بذلك، ربما كانت بنطلوناتهم قد سمعت به. كياووتو المعروفة باسم “مدينة السحَّاب”، حيث يتم إنتاج 80 في المائة من السحَّابات في العالم “ناهيك عن 60 في المائة من الأزرار في العالم”.

ثم هناك سوتشو، أو “مدينة فستان الزفاف”، التي هي موطن أكثر من 700 مصنع خمن ماذا تنتج؟ وهناك داتانج، أو “مدينة الجوارب”، التي تنتج ثلث الجوارب في العالم.

هذه الأرقام تحير العقل. لكن في حين إن البريطانيين يمكن أن يتمتعوا بشراء حزم رخيصة من الجوارب على الإنترنت، نحن بالتأكيد نشعر بالاستياء عندما يهدد طوفان من الصادرات الصينية الرخيصة صناعة الصلب لدينا.

في الوقت الذي يتجول فيه المشترون المحتملون في أقسام شركة تاتا ستيل المعتلة في المملكة المتحدة، يدعي أصحابها الهنود أن الأعمال في المملكة المتحدة تخسر ما قدره مليون جنيه استرليني يوميا. لكن هذا ليس أكبر عقبة أمام عملية البيع – بل نظام تقاعد عمال الصلب البريطاني الضخم البالغ 15 مليار جنيه استرليني “يبلغ عدد المشتركين في النظام 130 ألف عضو، ويعاني عجزا حجمه 485 مليون جنيه استرليني”، الذي يمكن الآن أن تتجه الحكومة إلى تسويره من أجل التوصل إلى صفقة والإبقاء على 11 ألف فرصة عمل.

ما يتقاضاه العمال الصناعيون هو المفتاح الرئيسي لفهم تهديد الانكماش. استشهد باور ببيانات من “يو بي إس” تبين أن الراتب السنوي لعاملة صناعية في شيكاغو يمكن أن يدفع أجور نحو 20 امرأة يؤدين عملا مماثلا في جاكرتا.

الموظفون الغربيون حتى يتقاضوا ما هو أكثر تكلفة بكثير من الراتب الأساسي وحده، بما لديهم من خطط تقاعدية، وإجازات مرضية مدفوعة الأجر، وتأمين طبي.

في الوقت الذي يتحول فيه العالم نحو المنطقة السلبية – مع أسعار الفائدة، وعوائد السندات، وحتى سندات الشركات كلها تدخل في المنطقة السلبية – أرباح الشركات تنخفض ويجري تقليص أرباح الأسهم. هذا الانكماش هو المشكلة الحقيقية لمديري نظم المعاشات الذين يكافحون من أجل توليد العائدات المطلوبة لتغطية المطلوبات المتزايدة.

حتى الأدوات المالية مثل السندات الحكومية البريطانية المرتبطة بالمؤشر التي كان معظم الناس تقليديا يقتنونها للتحوط من هذه المخاطر، تتحول إلى المنطقة السلبية.

سلسلو متاجر التجزئة BHS تعتبر أحدث شركة تطلق إشارة استغاثة لإنقاذ قارب المعاشات التقاعدية “أنموذج آخر للأعمال التي يعصف بها انكماش الأسعار من أمثال بريمارك وشركات التجزئة الرشيقة الحركة على الإنترنت”.

عليك أن تتساءل كم من الوقت نحتاج قبل أن يطلق عديد من المخططات الغارقة صرخات الاستغاثة من صندوق حماية المعاشات على نحو يضطره إلى تغيير أنموذج الإنقاذ لديه.

بالنسبة إلى الوقت الحاضر، الجماعات الاستهلاكية التي لديها أقل الأسباب للخوف من أن يصل تهديد الانكماش على الطريقة اليابانية إلى شواطئنا هم أصحاب المعاشات التقاعدية التي بدأت بالدفع. الناس الذين يعيشون على دخل ثابت سيكونون معزولين عن ضغوط الأجور الانكماشية، وسيستفيدون أيضا من الأسعار الانكماشية والسلع والخدمات الأرخص.

وهذه أنباء مذهلة إذا كنتَ متقاعدا ومعتادا على الشراء من “أمازون” – طالما ظل صندوق التقاعد الذي يدفع لك لا يتعرض للانهيار.