زار وزير العمل سجعان قزي مستشفى البترون وجال على أقسامه، في حضور النائب سامر سعاده، مدير المستشفى أيوب مخباط، رئيس مجلس الادارة الدكتور جورج رستم، رئيسة المستشفى الاخت كلود ألبير الصايغ، رئيس نقابة وموظفي مستشفى البترون سعد باسيل، إضافة الى الاطباء العاملين في المستشفى والموظفين والممرضين.
وبعد الاطلاع على الأعمال التي جرى تنفيذها في المستشفى في ظل الادارة الجديدة، عقد لقاء في قاعة المحاضرات تحدث خلاله وزير العمل شاكرا مخباط والقيمين على المستشفى لاستقباله، ورحب بسعاده وشكره على “وقوفه الدائم بجانبه للحفاظ على المستشفى”. وقال: “جئت اليوم لزيارة المستشفى للتأكيد على ان الوعد الذي قطعته على نفسي وأمامكم خلال زياراتهم المتكررة لي قد وفيت به وتم تنفيذه وهو ان اقفال مستشفى البترون امر مرفوض والمستشفى لم ولن يقفل. قد يكون الشك قد ساور البعض بصحة الوفاء بالوعد لأنهم تعودوا على بعض أهل السياسة الذين يطلقون الوعود ولا يلتزمون بها، ورغم أننا لا نخوض أي انتخابات بلدية واختيارية في البترون صدقنا بالوعد كما تعودنا خصوصا عندما يتعلق الموضوع بمشروع إنساني وصحي. وهكذا حاربنا لإبقاء المستشفى ولا يمكن لأحد أي يحمل ضميره للحظة إن كان على مستوى وزارة الصحة او الضمان الاجتماعي ويقبل بإقفال المستشفى. لقد قال نابليون من فتح مدرسة اقفل سجنا، وانا اليوم اقول من أقفل مستشفى فتح قبرا”.
أضاف: “اتخذنا القرار باستمرار العمل في المستشفى وابقائه بإدارة الضمان مؤقتا رغم معارضة ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي علما ان هناك اعضاء مسؤولين يشكلون الاكثرية في مجلس ادارة الضمان كانوا مؤيدين لابقاء مستشفى البترون وبإدارة الضمان الى حين انتقاله الى وزارة الصحة لكن الموضوع كان موضوع آلية التصويت الاكثري. اليوم المستشفى موجود وتم تعيين مسؤول عن ادارته يحوز الثقة من الاخلاقية والمهنية، وأنا سعيد لأنه وخلال اشهر قليلة لمسنا تحولا في واقع المستشفى ووضعه لجهة النظافة والترتيب فهو يتزوج البيئة، حضاري في ظل فريق عمل يعمل بضمير، أعضاؤه يوحون بالثقة لان 50% من الطب هو ثقة والعلاج 50% منه ثقة وهناك فريق اداري وفريق تمريضي وفريق طبي وفريق خدماتي يرفع له الرأس بإدارة من راهبات العائلة المقدسة اللواتي يسهرن على المستشفى ويعطين جوا صحيا وانسانيا وروحيا يحيي الجسد ويحتاج له المريض”.
وتابع: “نثمن جهود المدير الجديد مخباط التي لاقت ارتياحا لدي ولدى ادارة الضمان ولدى وزارة الصحة والحكومة وهذه الجهود اثمرت تطورا على كافة المستويات ووقف الهدر لكي لا اقول غير ذلك. أنا جئت اليوم الى هنا لكي اقول الحقيقة مهما كانت صعبة على البعض، اذا توقف الهدر والكسر والعجز واصبحت هناك حوكمة ادارية رشيدة للمستشفى أنقذته من حالة العجز. عندما يكون هناك عجز بنيوي اساسي في مؤسسة من الصعب تخطي هذا العجز والعودة الى التوازن بأشهر قليلة، ما يعني ان العجز لم يكن بنيويا بل كان هناك سوء ادارة ولا تفسير علمي آخر. من هنا، ان يكون المدير الجديد قد اوقف العجز منذ الشهرين الاولين، وانا اطلعت على الحسابات، فهذا يعني ان هناك مخرج مياه مفتوحا وتم اقفاله ولا يعني ذلك ان هناك خزانا مهترئا بحاجة لاعادة صيانة او تغيير. هذا الامر تم تطبيقه على صعيد تجهيز المستشفى من خلال وجود تجهيزات جديدة واقسام جديدة ولو سمحت بأعمال اكبر لتم تنفيذها ولكنني حاولت التريث لحين استقرار وضع المستشفى ومرجعيته بين الضمان ووزارة الصحة”.
وقال قزي: “نحن على صعيد الوزارة والضمان ووزارة الصحة والحكومة كنا ندرس كيفية معالجة وضع مستقبل المستقبل وطرح الملف في مجلس الوزراء وكنت على تشاور مع اعيان المنطقة من وزراء ونواب، واتفقنا على ان هذا المستشفى سينتقل بإدارته ومرجعيته الى وزارة الصحة وهذا قرار نهائي اتخذته الحكومة قبل وصولي الى وزارة العمل وهذا القرار لا رجوع عنه لسببين، لأننا امام حالة استثنائية فالمستشفى اسسه الدكتور اميل البيطار في عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجيه وهو المستشفى الوحيد الخارج عن نطاق ومرجعية وزارة الصحة. أنشىء عام 1974 ليكون نموذجا لامكانية ادارة الضمان لمستشفى عام. ومن دون الدخول في الاسباب، هذه التجربة لم تكن ناجحة أقله من الناحية الادارية والمالية وقد كان من الممكن ان تنجح هذه التجربة وان يكون المستشفى نموذجا لو تسنى لادارة جيدة ان تتولى ادارته. حصل ما حصل ولن نحمل المسؤولية لأحد، كل ما في الامر ان هناك ادارة من الضمان لم تنجح وكان المطلوب حوكمة اخرى وعناية مميزة للمستشفى من دون التعاطي معه وكأنه يتيم بانتظار التخلص منه عند اي منعطف”.
أضاف: “لقد حرصت على ان يكون الانتقال الى وزارة الصحة سريعا حتى لا يحصل اي اجحاف بحق الموظفين والموظفات وحتى نستطيع ايجاد آلية ادارية صحيحة مقبولة غير قابلة للطعن تحفظ الوظيفة للعاملين وتحفظ الوضعين المعيشي والمعاشي للموظفين لأن هناك فارقا بين رواتب الضمان ورواتب الوزارة. ومنذ حوالى شهر ونصف شهر تألفت لجنة ثلاثية في مجلس الوزراء تضمني كوزير عمل الى وزير الصحة ووزير المالية لدرس كيفية انتقال ادارة ومرجعية المستشفى من الضمان الى وزارة الصحة، وانا كلفت بأخذ المبادرة بالدعوة للاجتماع وفضلت التأخير بالدعوة بانتظار ايجاد اتفاق حبي بين الضمان ووزارة الصحة والاتفاق على مخرج قانوني للحفاظ على مستوى رواتب واجور موظفي المستشفى بعد انتقاله الى وزارة الصحة”.
وتابع: “هناك استحالة قانونية لابقاء رواتب الموظفين في المستشفى بإدارة وزارة الصحة على ما هي عليه تحت ادارة الضمان، لأن الاستثناء يؤدي الى مشكلة ومطالبة بالمساواة مع موظفي القطاعات الصحية الاخرى. إضافة الى ذلك ان المحافظة على المستشفى وابقاءه في خدمة المواطنين والمرضى لم يكن بالامر السهل وتعرضت لهجوم عنيف لأنني لم اسأل عن الاقلية والاكثرية وتوصلنا الى ما توصلنا اليه اليوم. لذلك ما يجب تحقيقه هو التجديد لكوادر وفريق العمل في المستشفى وسد النقص وملؤه بعناصر جديدة كفوءة، واستبدال العناصر السلبية بعناصر اخرى ايجابية، والاتيان بعناصر لملء الشغور الناتج عن التقاعد، ومحاسبة المسبب بالهدر قبل وقف الهدر، الهدر بصحة الناس وبحياتهم. لن نقبل بأن يبقى مستشفى البترون بمثابة محطة ترانزيت للمرضى قبل انتقالهم الى مستشفى خاص بناء لتحويل من اطباء يستفيدون فيه ببدل افضل. لذا، علي ان اقول الحقيقة من اجل ايقاف الهدر، ومن كان يحاول تحويل المستشفى الى ترانزيت سيغادر المستشفى بطريقة اسرع من الترانزيت”.
وطلب من مخباط “اتخاذ التدابير اللازمة دون تردد او اعتبار لأي حالة او وضع”، وقال: “المستشفى هو للناس والمرضى والمواطنين لذلك قررنا ان نرفع سقف مخصصات المستشفى من وزارة الصحة وهذا موضوع جديد وتم الاتفاق مع وزير الصحة على ذلك وسنضاعف المخصصات. اما بالنسبة للمليار و200 مليون ليرة فهذا المبلغ ليس حقا مستحقا للمستشفى بل هو احتياطي له في حال حصول اي عجز”.
وحيا “الادارة والموظفين والعاملين الذين تعاونوا لعودة الحياة الى المستشفى، وهناك اشخاص يستحقون التكريم والتقدير على كل ما قدموه في الفترات السابقة”.
وأكد ان “الزيارة هي للتأكيد على الوفاء بالوعود وان المستشفى والعاملين فيه هم بين أيد أمينة لجهة استمرارية المستشفى وانه اصبح للمستشفى ادارة جيدة وسليمة ونزيهة وشفافة وفعالة مع الدكتور ايوب ما اعاد التوازن المالي والرونق البيئي والحضاري للمستشفى”.
وقال: “التجهيزات الجديدة ستصل تباعا لتأمين احدث المعدات والآلات الطبية، وهنا لا بد من تجديد فريق عمل المستشفى انطلاقا من مبدأ الثواب ولن اقول العقاب بل الثواب والعفو الا اذا كان هناك هدر مقصود. ونحن لا نزال في اطار العمل على كيفية المزاوجة بين وضع الموظفين المادي الحالي وانتقالهم الى وزارة الصحة. هناك تضحية معينة يجب ان تبذل من الجميع لأن الموضوع ليس بيدي والا لتركت الوضع على ما هو عليه لجهة الاجور والرواتب لا بل اعمل على تحسينه، ولو كان هناك مخرج قانوني لذلك لفعلت ولو كان بالامكان تحقيق ذلك من دون حصول اي طعن لكنا فعلنا واتخذنا القرار فورا مع الوزراء المعنيين في الحكومة الا ان القضية ستواجه بالطعن لدى الجهات المختصة”.
أضاف: “أريد ان يعلم الجميع ان همنا الوحيد هو حقوق الموظفين وليس فقط ترميم الحجر في المستشفى. منطقة البترون بحاجة لمستشفى لائق يؤمن كل وسائل الطبابة فلا يكون مستشفى ترانزيت او مستشفى محطة او مستشفى مستوصف بل نريده مستشفى حقيقيا له القدرة على تلبية كل الحالات المرضية”.
وشكر كل العاملين في المستشفى، مثمنا “تجاوبهم وجهوهم لتحقيق الافضل في المستشفى”. وشكر مخباط على “كل ما حققه خلال فترة قصيرة”، وقال: “أنا كلي آذان مفتوحة وقلبي مفتوح وكبير وأكبر من الباب”.
مخباط
بدوره، رحب مخباط بوزير العمل مثمنا موقفه بجانب المستشفى، كما شكر لسعاده دعمه. وقال: “هذا المستشفى كان على وشك الاقفال والموقف الذي اتخذه الوزير قزي هو موقف جريء وصعب ولكنه سمح للمستشفى بالاستمرار والصمود. مستشفانا بحاجة للثقة التي أعطيت سنبرهن للجميع انه موضع ثقة”.
وشكر “تعاون الاطباء والموظفين الذين قدموا الكثير وضحوا بجزء من رواتبهم ومن حقوقهم وتعويضاهم للمساهمة في دعم المستشفى الذي يحتاج للتجهيزات والدعم للوصول الى مرحلة صفر عجز. نحن بحاجة لكل الدعم وسنعمل قدر المستطاع لتطوير المستشفى وتقدمه وتحديث الخدمات فيه”.
وتمنى الحفاظ على حقوق الموظفين الذين قدموا الكثير للمستشفى، وقال: “هناك حق للمستشفى من مجلس الانماء والاعمار وهو مبلغ مليون دولار لتجهيز المستشفى ولكن بين المجلس ووزارة الصحة هذا الحق ضائع منذ سنتين نتمنى الافراج عنه لاعادة تجهيز المستشفى الذي وقع ضحية الاهمال لسنوات طويلة”.
وشكر لقزي “مساعدته لزيادة قيمة المنح التي تقدمها وزارة الصحة”، وقال: “نتمنى مضاعفتها لتمكيننا من تطبيب ابناء منطقة البترون التي تحتاج لهذا الصرح ونحن نعدك يا معالي الوزير اننا سنكون يدا واحدة ادارة واطباء وموظفين وراهبات وممرضين لرفع مستوى المستشفى ووضعه على الطريق الصحيح وهذا لن يتحقق الا بدعمكم ومساندتكم لنا. وباسم الموظفين نتمنى الحفاظ عليهم في اسرة المستشفى وعلى حقوقهم ضمن موازنة متوازنة لا عجز فيها”.
سعاده
من جهته، توجه سعاده الى وزير العمل بالقول: “نشكر لك كل ما قمت به من اجل مستشفى البترون، فأنت الاخ والصديق والأب وانت صديق والدي الراحل الدكتور جورج سعاده الذي كان له الفضل في تأسيس المستشفى الذي اعتبره من إرثه. وأريد ان اعتذر منك عن كل انفعال وردات فعل خلال هذه الفترة ولكن خوفنا على مصير 130 عائلة من هذه المنطقة التي نحبها. نتمنى عليك اتخاذ الاجراءات اللازمة بحق كل مسبب للهدر في المستشفى لا سيما في كواليس الضمان الاجتماعي في سبيل اقفال المستشفى الذي اصبح اليوم ومعك بأيد أمينة، ونتمنى ان يبقى هذا الصرح الاستشفائي في قلبك مع كل موظف وعامل واداري وممرض وطبيب فيبقى هذا المستشفى تحت رعايتك”.