إبراهيم نافع
تراجع مشاريع البناء والتشييد في السعودية، دفع العديد من شركات المقاولات إلى بيع معداتها وآلياتها الثقيلة في مزادات علنية، حيث تسابقت هذه الشركات في نشر إعلانات البيع عبر الصحف، عارضة أسطولها من المعدات الثقيلة الخاصة بقطاع المشاريع للبيع، ويأتي ذلك الإجراء كمحاولة للتخلص من المعدات الثقيلة الفائضة عن حاجتها.
وقال المهندس عبد الله بكر رضوان، رئيس لجنة التشييد والعقار في غرفة التجارة والصناعة بجدة، لـ”هافينغتون بوست عربي”، إن شركات المقاولات تسعى، عبر تلك الإجراءات، إلى توفير السيولة النقدية، لمواجهة العجز المالي الذي تعاني منه”.
وأضاف “العديد من الشركات في حاجة ماسة إلى تلك السيولة لدفع مرتبات الموظفين، إضافة إلى المصاريف الإدارية الضرورية، وذلك في الوقت الذي لا توجد فيه حاجة للاحتفاظ بجميع المعدات والآليات الثقيلة المتعلقة بعمليات البناء، فتلجأ بعض الشركات للتخلص من الفائض عن الحاجة، حتى تنتهي حالة الركود في سوق المقاولات السعودي”.
وكانت الأسابيع الماضية (إبريل/نيسان، ومايو/أيار 2016) حافلة بأخبار تعسّر كبرى شركات المقاولات بالسعودية، أبرزها شركتا “بن لادن” وسعودي أوجيه (المملوكة لرئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري) في دفع مستحقات العاملين لديها، الذين يتجاوزن الآلاف من العمالة والفنيين والمهندسين لعدة أشهر، وباتت علامات الاستفهام حيال مستقبل شركات المقاولات تحيط بها في ظل استمرار الأزمة في السوق السعودية.
تغيير النشاط
بحسب المهندس طاهر عبد القادر، المهندس الاستشاري السابق بشركة بن لادن، فإن العديد من شركات المقاولات متوسطة الحجم أو الصغيرة، حولت أنشطتها من قطاع البناء والتشييد إلى قطاعات أخرى كتشطيب المباني والترميم، والصيانة، لتوفير السيولة اللازمة لتجنب إغلاق منشآتها نتيجة شبح الإفلاس.
وقال المهندس طاهر في حديثه لـ”هافينغتون بوست عربي”: إن “شركات المقاولات الكبيرة لديها القدرة على الاستمرار، ولكن الشركات الصغيرة ليست لديها حلول عديدة لمواجهة الأزمات، فهي تضطر إلى بيع معداتها الثقيلة أو تغيير وجهة نشاطها، لضمان البقاء فقط، إلا أن جميع الشركات تعلم أن الأزمة الحالية تعد مؤقتة، وانتعاش سوق المقاولات قادم لا محالة، ولكن المعضلة هي كيفية إدارة الشركات الصغيرة والمتوسطة لأزماتها مؤقتاً، ريثما تنجلي الأزمة، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه سالفاً”.
البنوك تعزف عن إقراض شركات المقاولات
اضطرار شركات المقاولات إلى بيع معداتها، جاء نتيجة عزوف البنوك السعودية عن إقراض تلك الشركات، وهو الأمر الذي يؤكده صالح العقلا، عميد كلية الاقتصاد بجامعة أم القرى بمكة، واصفاً حماس البنوك السعودية لإقراض شركات المقاولات بـ”الضعيف”.
وأضاف العقلا لـ”هافينغتون بوست عربي”: “حالة عدم اليقين التي أصابت سوق المقاولات السعودية، دفعت البنوك السعودية إلى تبني سياسة أكثر تحفظاً في إقراض الشركات المقاولات، فأصل الأزمة هي عدم تسلم العديد من شركات المقاولات مخصصاتها المالية عن عملها في مشاريع حكومية، وبالتالي، فمستقبل تلك الشركات لا يزال غامضاً، ومن هذا المنطلق، تسعى جاهدة للاستفادة من كافة مواردها، للبقاء فقط”.