Site icon IMLebanon

كيف خطّطت التنظيمات الإرهابيّة لمعركة عرسال؟

 

كتبت لينا فخر الدين في صحيفة “السفير”:

أهمّ ما خلصت إليه قاضية التحقيق العسكريّ نجاة أبو شقرا هو تأكيد المؤكّد بأنّ معركة عرسال التي فتحتها التنظيمات الإرهابيّة في 2 آب 2014 ضدّ الجيش، لم تكن وليدة عمليّة توقيف عماد جمعة، وإنّما اعتمدت هذه العمليّة كذريعة لتنفيذ خطّة دُرست بعناية وخبث، وسميت بـ «الميثاق».

هكذا، توحّدت التنظيمات المتناحرة: «جبهة النّصرة في القلمون»، «الدّولة الإسلاميّة – ولايتا حمص والقلمون»، «سرايا الحسين بن علي»، «لواء الغرباء»، «مجموعة أبو علي الشيشاني»، «لواء وأعدّوا»، «لواء التركمان»، «تجمّع قارة»، «لواء الحمد»، «لواء الحق»، «درع الشريعة»، «صقور الفتح»، بـ «عقد التزام شرعي تجاه قرى الرافضة والنصارى وغيرهم في لبنان»، بالإضافة إلى الجيش والقوى الأمنيّة.

كلّ هذه التفاصيل تكشّفت باعترافات عماد جمعة و73 سورياً و32 لبنانياً وفلسطينياً واحداً و29 آخرين فارين من العدالة و27 مجهولي باقي الهوية، ممن طلبت لهم أبو شقرا عقوبة الإعدام.

في البداية، نجحت بعض هذه التنظيمات بإرسال سيارات مفخّخة إلى الدّاخل اللبناني، إلا أنّها اكتشفت أنّها لم تعد قادرة على إدخال المزيد بسبب تضييق الخناق عليها سورياً ولبنانياً، ثمّ إنّ هذه التفجيرات لم تأتِ بالنتائج المطلوبة. ولذلك فتحت قنوات الاتصال بين «داعش» و «النّصرة» وأعدّوا العدّة لتنفيذ الخطط وتوحيدها تحت إطار «الميثاق». وجرى الاتفاق على مخطط وضعه أمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلي يقضي بزعزعة الاستقرار في لبنان من خلال عملية عسكرية واسعة، تبدأ عبر تحرك الخلايا السرية التابعة لـ «النصرة» و «داعش» في وقت واحد في البقاع والشمال تؤدي إلى إرباك الجيش اللبناني، وذلك من أجل السيطرة على عرسال ومحيطها وصولاً إلى القاع لفتح الطّريق وتأمين حريّة الحركة لمقاتليهم.

استراتيجيّة التنظيمات الإرهابيّة كانت واضحة بمهاجمة حاجزين للجيش اللبنانيّ: عين الشعب وسويد، وسبع قرى شيعيّة هي: حام والخريبة ويونين ومقراق واللبوة والبزاليّة ومنطقة مرصدي الرعيان (تلتان استراتيجيتان معروفتان بجرود الرعيان). وكان الهدف الأبرزهو قطع الإمداد عن مناصري الجيش السوريّ النظامي وأخذ رهائن من البلدات والعسكريين الموجودين على الحواجز أو داخل المنطقة، بالإضافة إلى عدم تمكين الجيش من ضربهم أو ملاحقتهم داخل القرى التي سيحتلونها، ومنع الجيش اللبنانيّ من التقدّم باتّجاه عرسال أو القرى المحتلّة.

عمل المخطّطون على درس الخطة من خلال عمليّات استطلاع وعبر «غوغل إرث»، بالإضافة إلى وضع تصوّر تقريبي. ثمّ قام التلي بدعوة عدد من مسؤولي التنظيمات إلى اجتماع في الجرود، مشترطاً من جميع الحاضرين «عدم الانسحاب من العمليّة تحت طائلة اعتبار فعلهم خيانة»، ومعلناً أنّ الأمير العسكري لـ «النصرة» أبو عبدالله الأحوازي هو أيضاً الأمير العسكريّ لهذه العمليّة.

وبعد عدّة اجتماعات تنسيقيّة، أخرج زعماء التنظيمات الإرهابيّة ميثاقهم إلى النّور من دون تعميم.

واعتبرت هذه التنظيمات في ميثاقها أنّ «الرافضة هم الهدف الأوّل لنا فيكون التّعامل معهم: بأسر أكبر عدد ممكن من الرافضة رجالاً ونساءً. وأن أي شخص (لأي طائفة انتمى) يزيد عمره عن 15 عاماً ويُظهر أي محاولة مقاومة يقتل فوراً، وأن يعطى الأمان لكلّ شخص يلتزم بيته ويُستثنى كلّ من له علاقة بالحزب أو متورّط بالدّماء، ويُعتبر هذا الأمان عاماً للدمّ فقط كمرحلة أولى».

وأكملت هذه التنظيمات في التنظير لـ «قانون وضعي» لتنظيم أمور الطوائف الأخرى والأسرى خلال تنفيذ هذه العمليّة، ليتفقوا «أن تكون معاملة الأسرى كمرحلة أولى بشكلٍ جيّد وفيما بعد حسب حالتهم وسداً للذرائع وتحقيقاً للمصلحة بشكلٍ أكبر».

أما بالنسبة لـ«النصارى والطوائف الأخرى»، فكان الاتفاق على أن «يُتجنّب النصارى وغيرهم بشكلٍ كامل ويلزمون بيوتهم ويُمنع التعرّض لهم بأي شكلٍ تحقيقاً للمصلحة الشرعيّة باستثناء الحرايا الآنية وإذا تغيّر الحال فيعاملون على الأصل الشرعي».

وكانت التنظيمات دقيقة في رسم الخطّة بحذافيرها بشأن الجيش، وكان الاتفاق أن «يؤخذ أكبر عدد ممكن من الأسرى وخاصةً الضباط من دون أي عائق عسكري وإلا فالقتل، ونحاول تجنب قتالهم».