Site icon IMLebanon

غياب الحماس الإقليمي يضعف المبادرة الفرنسية

كتب غاصب المختار في صحيفة “السفير”:

وسط معمعة الانتخابات البلدية التي كشفت المرحلتان الأولى والثانية منها، في بيروت والبقاع وجبل لبنان، حجم التدخل السياسي فيها الناتج عن الانقسام العمودي والأفقي في البنية اللبنانية السياسية والاجتماعية، والذي يزيده الانقسام العائلي التقليدي، يغيب عن الاهتمام الوضع الداخلي والاقليمي المتأزم بل والمعقّد والعصيّ على الحل في المدى المنظور، فيما المؤشرات الإقليمية تدل على أن وضع المنطقة ذاهب باتجاه مزيد من التصعيد والتعقيد، وهو الأمر الذي سينعكس لاحقاً على لبنان ما لم يتم تدارك ما يمكن، والاتفاق على حد أدنى من الامور لتسيير أمور البلد وتحصينه.

وفي اعتقاد وزير سابق، أن الحل السياسي في سوريا لن يتم في المدى القريب، وكذلك في العراق واليمن وليبيا، بل إنه يحذّر من احتمال إشغال المغرب العربي، لا سيما الجزائر والمغرب بمشكلات داخلية كبرى يمكن ان تتدحرج ككرة صغيرة لتكبر وتؤدي الى خراب كبير، من دون ان يغيب عن نظره وضع مصر الغارق في ازمات أمنية واقتصادية خطيرة.

ويقول الوزير المعني، أن المشروع الموضوع للمنطقة يهدف الى شرذمتها عبر اغراقها بمزيد من الفوضى، “لتصبح كخرقة بالية معرّضة للتمزق في أي لحظة والتحول الى قطع صغيرة متقاتلة”.

ويرى الوزير ذاته “ان الوضع الداخلي اللبناني بات من الهشاشة بحيث انه لن يستطيع ان يصمد امام تصاعد الهزّات الارتداية الناجمة عن الزلزال الذي يضرب المنطقة، فلا مؤسسات تعمل، ولا محاولة لتحصين لبنان بعوامل قوة متوافرة أمنياً وسياسياً واقتصادياً”، متوقفاً في هذا المجال امام استمرار تغييب تلزيم بلوكات النفط والغاز من البحر، “بسبب خلاف تقني على عدد البلوكات الواجب تلزيمها، عدا عن الانهيار الحاصل في الادارة نتيجة الفساد المعشعش في كل جوانبها ومرافقها”.

ولكن بعض الجهات السياسية تشير الى بصيص امل صغير يلوح في الافق، ويكمن في محاولات رئيس المجلس النيابي احياء الحلول السياسية من باب محاولة التوافق على قانون الانتخابات النيابية ورفضه التمديد مجددا للمجلس الحالي، كخطوة اولى على طرق اجراء الانتخابات النيابية او الرئاسية، بالتوازي مع المعلومات عن تجدد المسعى الفرنسي لاتمام التوافق حول الاستحقاق الرئاسي، ولو بحلول جزئية كمثل ترويج اقتراح انتخاب الرئيس لمدة سنتين.

ولكن هذا لا يمنع من أن بعض الجهات السياسية الداخلية لا تعوّل كثيراً على التحرك الفرنسي برغم التجاوب معه من باب إعطاء فرصة لشرف المحاولة، وتقع في هذا المجال زيارات الرئيس سعد الحريري وسواه من القيادات اللبنانية الى باريس. ومرد عدم التعويل على التحرك الفرنسي، هو عدم وجود حماسة فعلية اقليمية للمساهمة في تقريب وجهات النظر بين القوى اللبنانية تساعد على انجاز الاستحقاق الرئاسي، نتيجة تفاقم الصراعات الاقليمية على ارض سوريا وتأثر لبنان بها بنسبة كبيرة.