IMLebanon

معركة فتّوش الاسمنتية .. من زحلة وعين دارة إلى سوريا

ZahleCement

خضر حسان

“نام” ملف معمل الإسمنت الذي يعتزم بيار فتوش بناءه، لمدة عام تقريباً. غير أن النوم كان عبارة عن تحييد للملف عن الأضواء، لعلّ أصحابه يجدون المخرج المناسب لإنجاز الصفقة.

أزمة المشروع الأساسية تكمن في إيجاد مكان مناسب لإنشاء المعمل، ولا مكان محدداً يصر عليه فتوش، شرط أن يتمحور في منطقة مناسبة، تسهل عليه التواصل مع الأراضي السورية، حين تبدأ عملية إعادة الإعمار هناك.

نحو عام، والملف يتنقل بين زحلة وعين دارة والحدود اللبنانية السورية، بعدما “تأمنت” بعض التواقيع والتراخيص المطلوبة، بغطاء سياسي يطمع بمكاسب لاحقة، تأتي عبر الإستثمار في سوريا. لكن التراخيص اصطدمت برفض شعبي في زحلة وعين دارة بشكل أساسي، وبأكثر من منطقة إنشاء محتملة، منها دير العشاير على سبيل المثال.

العراقيل الشعبية التي منعت إيجاد مكان بديل لإنشاء المعمل، دفعت بيار فتوش إلى إعادة جولته على المواقع المحتملة، وبما أن وعده بعدم إنشاء المعمل في زحلة كان “نهائياً”، كان لا بد من العودة إلى عين دارة، وهذه المرة “بالقوة”، إذ دخل فتوش وبعض مرافقيه، الأربعاء 18 أيار/ مايو مكاتب بلدية عين دارة في محاولة لفرض الحصول على موافقة البلدية لإنشاء المعمل، لكن الوضع الإداري والقانوني للبلدية، لا يسمح بإتخاذ مثل هذا القرار، فما كان من فتوش إلا تهديد الموجودين هناك بالسلاح.

الحادثة التي اتخذت طابع التهديد والإعتداء على مكان عام ورسمي، لها وجه إستثماري يتعلق بتفكير ربحي لا يقيم وزناً للأخطار البيئية والصحية، حتى مع وجود نماذج صارخة على فشل نماذج معامل الإسمنت في لبنان، كمعمل سبلين الذي يعاني منه أهالي إقليم الخروب، وبشكل خاص أهالي سبلين وبرجا. وفي هذا الشأن، تقول مصادر بيئية لـ”المدن”، إن معملا سبلين وشكا يفترض أن يكونا “شهادة مصدّقة على خطر معامل الإسمنت بكل أنواعها، سواء التي تصنع الترابة، أو التي تستثمر في الإسمنت وصناعاته”. تضيف المصادر: “خطورة معمل فتوش لا تتوقف عند البيئة والصحة، بل تتعدى ذلك لتصل إلى الإعتداء على المشاعات. ناهيك عن الدخول في لعبة احتكار صناعة الإسمنت. فأسعار الإسمنت في لبنان تعد من الأسعار المرتفعة عالمياً، وحركة العرض والطلب في هذا القطاع ترجّح كفة الطلب على العرض، ما يسهم في رفع الأسعار وتحقيق أرباح تتأتّى من استعمال الإسمنت في سوق العقارات. مع العلم أن العرض في قطاع العقارات مرتفع، لكن حجم الطلب والإقبال على الشراء، يضمن بقاء الأسعار بين الثابتة والمرتفعة، بدلاً من أن تكون منخفضة. ما يعني أن مشكلة معمل فتوش لا يمكن النظر إليها من نافذة الإعتراض على مكان إقامة المعرض فحسب”.

وتؤكد المصادر، في ما يخص الإستثمار في سوريا، أن “سوريا باتت سوقاً إستثمارية بكل معنى الكلمة، لكنها مجمّدة اليوم، ويمكن تصويرها كشخص يملك أموالاً مجمّدة، سرعان ما تنتشر في السوق فور هدوء الأوضاع الأمنية. وحينها ستنطلق عملية إعادة البناء، وسيكون لبنان نقطة الإرتكاز الأساسية لهذه العملية. وإنتظام عمل معمل فتوش في وقت قريب، يعني ترتيب الأمور وتخطي مرحلة التجربة، لدخول السوق السورية بقوّة”.

حتى اللحظة، لا شيء رسمياً وقانونياً يشي بإنشاء معمل فتوش في وقت قريب. لكن سجل آل فتوش في ما يتعلق بالمقالع والمعامل وما شابه، حافل، وهو مدعوم بنفوذ سياسي قادر على “تطويع” الحواجز الإدارية والقانونية، بهدف تأمين المصالح، وعدم التضييق على أصحاب الأموال والنفوذ.