Site icon IMLebanon

فرنسا تنشط لإحياء السلام.. لكن الآمال ضعيفة

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

تنشط الديبلوماسية الفرنسية في اتجاه اعادة تفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط لا سيما بين الفلسطينيين وإسرائيل، على الرغم من أن بعض الدول وجدت في ذلك صعوبة نظراً الى أن الأولويات الدولية مختلفة حالياً في ظل أزمات الشرق الأوسط، ثم ان الادارة الأميركية، على وشك أن تتغير من الآن حتى نهاية هذه السنة بسبب الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل.

لكن مصادر ديبلوماسية غربية، تقول ان الوضع في الأراضي الفلسطينية لا يزال يتدهور منذ أشهر، وانه من غير الواقعي ترك الأمور على حالها، وان وجود مبادرة سياسية من شأنه أن يوقف التدهور على الأقل، ومن دونها سيتدهور الوضع أكثر. وبالتالي، من الأفضل السعي لوضع حل سياسي على السكة. والطموح الفرنسي ليس كبيراً في هذا الصدد.

إنما على الأقل، يمكن وضع مبادئ عامة، عبر التحضير لانعقاد اجتماع وزراء خارجية الدولة المعنية في باريس من دون حضور الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي. على أن يمهد هذا الاجتماع لانعقاد مؤتمر دولي حول السلام في المنطقة تحضره الأطراف كافة بما فيها الفلسطيني والإسرائيلي. إنما اجتماع وزراء الخارجية تحضره فقط الدول الأعضاء في مجلس الأمن وأعضاء الرباعية الدولية، ودول عربية وأوروبية. أما المؤتمر الدولي فيتم الاعداد لانعقاده نهاية هذه السنة.

واجتماع الوزراء سيبحث كل عناصر الحل، لكن من غير الواضح، ما إذا كان سيدخل في العمق بالحل النهائي أم لا. كما سيناقش وجود امكانات لإطلاق التفاوض السلمي من خلال المؤتمر الذي يتم التحضير له. وإذا نجح الفرنسيون والدول في اطلاق التفاوض يكونون قد حققوا إنجازاً مهماً.

وتشير المصادر، الى أن القيام بتحرك ما من أجل السلام في المنطقة، أفضل من عدم التحرك، وخلق دينامية للتفاوض والسعي للتهدئة والظروف الأكثر موازاة مع السلام أمر جيّد. والتفاوض سيتم ارساؤه اذا نجحت العملية، بتدرج، بدءاً من المسار الفلسطيني الاسرائيلي وصولاً الى المسارات الأخرى.

أهم ما في المسألة هو ارادة الأطراف، والرغبة الحقيقية بالسلام والقناعة لديهم ان لهم مصلحة في ذلك. والا ستكون العملية مضيعة للوقت، واعطاء انطباع خاطئ عن وجود أجواء مؤدية الى السلام.

وتفيد المصادر، ان هناك شرطين يجب توافرهما، تمرير المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. وهذا أمر غير متوافر لدى إسرائيل. ثم إدراك كل طرف أن السلام أضمن له من الحرب. وهذا أيضاً غير ظاهر في الأداء الاسرائيلي.

عندما تم التوقيع على السلام بين مصر واسرائيل، كان الطرفان يشعران أن السلام أضمن، ما يعني أن الظروف السيكولوجية أيضاً ضرورية، وهي حالياً غير متوافرة. إلا اذا ظهر تيار في اسرائيل متمسك بفكرة أن السلام أفضل. المهم ان تقتنع اسرائيل ان السلام لمصلحتها، وإلا ستستمر في عرقلة الجهود الخاصة به. كل هذه الشروط لا تزال غير موجودة.

وإذا حظيت المبادرة الفرنسية بدعم أميركي وروسي يكون ذلك أفضل. ومن دون هذا الدعم يبقى هناك شيء ناقص. الأميركيون ليسوا ممن ساهم أيضاً في المبادرة، إلا انهم يقبلون بالمبدأ العام الذي تسعى اليه. انما المبادرة فرنسية بحتة وليست أميركية أو دولية.

إمكانات النجاح غير كبيرة، والسؤال هل تستطيع المبادرة تسجيل اختراق فعلي من الآن وحتى تشرين الثاني موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية؟ هناك شكوك حول ذلك.

والخطة المرسومة هي للبدء بالتفاوض على المسار الفلسطيني، ومن ثم السوري. والسؤال المطروح هو من سيتولى التفاوض عن سوريا؟ لكن من الآن وحتى تحقيق أي تقدم يؤدي الى التفكير بالمسار السوري الاسرائيلي، فإن السلطة السورية هي التي يجب ان تأخذ زمام الأمور. قد تكون هناك سلطة جديدة اذا ما طبق القرار 2254، واتخذت المفاوضات السورية منحى جدياً. لذلك الأمر سيأخذ وقتاً.

حتى أن المسار اللبناني مع اسرائيل غير مطروح الآن، مع انه لا تزال هناك أراض لبنانية تحتلها اسرائيل وأبرزها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

إنما المهم الآن لدى الفرنسيين، هو وضع حد لتدهور الوضع في الأراضي الفلسطينية ، وانه لا يجوز ترك الأمور لمزيد من الوقت في التدهور، ويجب العمل لحوار سياسي، لكي لا يصبح «حل الدولتين» في خطر، ولكي لا يصبح قيام الدولة الفلسطينية بعيد المنال في ضوء توسع الاستيطان.