Site icon IMLebanon

بعد مزاحمة العمالة السورية… التجار والصناعيون يشكون المنافسة في عقر دارهم!

fadi-gemayel
سلوى بعلبكي

تنشط في هذه الفترة الشكوى من العمالة السورية التي تزاحم اللبنانية في عقر دارها، كما الشكوى من مزاحمة المصانع السورية التي تم نقلها من سوريا الى لبنان بحيث “تكون عدّة العمل سورية، وكذلك الموّرد، المموّل، صاحب العمل، الموظفون، والزبائن كلهم من السوريين”، وفق ما صرح رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس ورئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل. أمام هذا الواقع يجدر السؤال على من تقع مسؤولية هذا الفلتان؟

لا يمكن نفي غياب الخطة الحكومية وضعف المراقبة عن وزارات الداخلية والاقتصاد والعمل، ولكن في المقابل لا يمكن التغاضي عن اصحاب العمل أنفسهم كونهم شركاء في الجريمة، تتوافر معلومات لدى بعض الوزارات ان اصحاب مهن حرّة يقومون بتأجير محالهم أو مكاتبهم لسوريين يعملون في الاختصاص نفسه، وهذا ما أكده أحد الوزراء الذي أفاد أن أطباء سوريين يجرون عمليات تجميل في عيادات لأطباء لبنانيين، وكذلك ثمة حلاقين يؤجرون محالهم لحلاقين سوريين بما يعني أن السوري هو صاحب العمل بتغطية لبنانية. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذ تتوافر معلومات عن أن الكثير من العمال السوريين استغلوا غياب الرقابة وتطبيق القوانين فأسسوا اعمالاً لهم في لبنان، كما عمد بعض منهم يعمل في المؤسسة نفسها الى التعاون في ما بينهم لتأسيس مؤسسة يتكامل عملها مع المؤسسة التي يعملون فيها لتقديم الخدمات لها بأسعار منافسة للشركات اللبنانية المشابهة.
وفي حين تسجل حالات استغناء كثيرة للعمال اللبنانيين واستبدالهم بالسوريين وخصوصاً في المصانع اللبنانية التي تستوعب أكبر عدد من العمالة وكان آخرها صرف 30 عاملاً من مصنع معروف للسيراميك، تؤكد مصادر متابعة أنه إذا كان الحس الوطني غائباً في هذه الحالة، فثمة جانب آخر لا يقل أهمية ويتعلق باستغلال بعض اصحاب العمل للعمالة السورية من خلال الأجور الزهيدة التي يدفعونها لهم والتي لا يمكن أن تساهم في مطلق الاحوال بعيشهم بكرامة. فالشركات والمؤسسات والمصانع التي تستفيد آنياً من توظيف السوريين تعود بعد فترة لتشكو أمام الرأي العام والمسؤولين من ضعف الايرادات وتراجع حركة الأسواق.
ولكن ما هو دور الوزارات المعنية وتحديداً وزارة الاقتصاد في التصدي لمسألة تأسيس التجار السوريين أعمالاً في قطاعات اقتصادية كالتجارة، المطاعم، النقل، وفق ما ورد في شكوى التجار لوزير العمل سجعان قزي؟ يؤكد وزير الاقتصاد في اتصال مع “النهار” أنه في غياب خطة واضحة من الحكومة في ما يخص اللاجئين يقتصر دور الوزارة على حماية المستهلك عبر مراقبة المنتجات التي يستهلكها حيال الكمية والسعر والنوعية. وكذلك يشمل دورها مراقبة اذا كانت هذه المنتجات مهرّبة وذلك يدخل في اطار حماية الملكية الفكرية.
والواقع أن الشكوى من “التسونامي” السوري لا تقتصر على التجارة والمهن الحرة فحسب بل تشمل كذلك الصناعة، وهو ما كشف عنه رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل الذي أكد لجوء اللاجئين السوريين من اصحاب المصانع الى نقل مصانعهم كاملة بمعداتها وعمّالها الى لبنان وإغراق السوق المحلية بمنتجاتهم من دون استحواذهم على تراخيص بالتصنيع ومن دون دفع الضرائب المتوجبة للدولة أو الانتساب الى الضمان الاجتماعي، كما يفعل الصناعي اللبناني، وهذا ما جعلهم ينافسون بقوة وبشكل غير شرعي المصانع اللبنانية.
وفي حين لم ينف وزير الصناعة حسين الحاج حسن في اتصال مع “النهار” هذه الوقائع، أكد أن هذا الأمر هو من مسؤولية القوى الأمنية التي يفترض بها وقف كل المصانع غير الحاصلة على تراخيص لبنانية كانت أم سورية، علماً أن القانون لا يمنع السوري من الحصول على ترخيص لفتح مصنع اذا كان طلبه يستوفي الشروط المطلوبة”.
وفيما ناشد الجميل الجميع من حكومة ووزارات معنية بالشأن الاقتصادي ايلاء هذا الملف اهتماماً خاصاً والانكباب على معالجته عبر اتخاذ اجراءات فورية وعاجلة لوقف مسلسل النزف الذي يعاني منه القطاع الصناعي من جراء هذه المنافسة غير المشروعة، تؤكد مصادر اقتصادية أنه لو كان لدينا حكومة مسؤولة لكانت حدّدت للسوريين القطاعات المسموح العمل بها، وحدّدت للشركات كوتا محددة لإستخدام الاجانب عموماً والسوريين تحديداً.
وفي ظل “الكوما” الرقابية على هذا الصعيد في ما عدا مبادرات خجولة يقوم بها بعض الوزراء المعنيين، ينشط تجمع رجال الاعمال اللبنانيين وفق امكاناته في اتخاذ اجراءات داخلية تترجم في شطب رجال الاعمال الذين يستبدلون العمال اللبنانيين بآخرين اجانب، كما يبادر التجمع الى الدفع للعمال المصروفين على نفقته تعويضات مناسبة لهم، وفق ما يؤكد رئيسه فؤاد زمكحل لـ “النهار”. إلا أن ذلك لا يعني أن التجمع ضد العمالة السورية أو رجال الاعمال السوريين، إذ يشدّد زمكحل على دور اللبنانيين الانساني والاجتماعي والاقتصادي حيال اللاجئين مهما كانت جنسيتهم. ولكن في المقابل يشير الى مسألة بالغة الاهمية، وتتعلق بالبنى التحتية والمرافق العامة التي لم تعد مؤهلة لاستيعاب 4 ملايين لبناني فكيف الحري بعدد اضافي من اللاجئين السوريين الذي يناهز عددهم المليون سوري”.
وفي الوقت الذي بدأت صرخة التجار والصناعيين تعلو من المنافسة السورية، لم يخف زمكحل ترحيبه بالمستثمرين والعمال السوريين شرط أن يكونوا تحت سقف القانون ويعطوا قيمة مضافة للاقتصاد اللبناني المنهك. وذكر أنه “عند بداية الحرب السورية وجهت نداء الى اصحاب المصانع السورية الكبيرة ورجال الاعمال السوريين الى الاستثمار في لبنان، إلاّ أنهم اتجهوا نحو مصر وتركيا والامارات، وجاءت في المقابل يد عاملة لديها امكانات تقنية متواضعة وغالبيتهم كانوا يفيدون من الاعانات والمساعدات في بلادهم”.
وإذ جدّد تأكيده أن من حق أي لاجىء فتح شركة تحت سقف القوانين اللبنانية، قال زمكحل: “في المقابل ثمة شركات تعمل في السوق السوداء وغير خاضعة للقوانين ولا تدفع الضرائب، وهؤلاء غير مرحّب بهم وعلينا جميعاً الوقوف في وجههم لا تشجيعهم”، موجهاً نداء الى كل المؤسسات والشركات الى عدم تخطي نسبة توظيف العمالة الاجنبية لما هو مسموح به قانوناً أي 10% رحمة بالعمالة اللبنانية”.