كتب إبراهيم بنوت في “السفير”:
على الرغم من حال التوافق شبه الكامل بين “حزب الله” و “حركة امل” في الانتخابات البلدية بلوائح موحدة، إلا أن هذا الواقع سلَّط الضوء على ظاهرة لافتة انتشرت في أكثر من بلدة جنوبية، تمثلت بـ “تمرد” عدد من المحازبين على القرارات والخيارات المركزية لقياداتهم في تسمية المرشحين.
حال “التمرد” التي ولَّدتها الانتخابات البلدية داخل الأحزاب وُوجِّهت بمقصلة الفصل حيناً وبالرضوخ لضغط العائلات أحياناً أخرى، وما حدث في كل من النميرية، المروانية، كفررمان، عربصاليم وغيرها من البلدات الجنوبية، يكاد يكون دليلاً واضحاً على حال التململ داخل صفوف المحازبين من خيارات قياداتهم.
إذ اتخذت “أمل” قرارت بفصل عدد من قدامى عناصرها في النميرية (قضاء النبطية)، لترشحهم منفردين إلى الانتخابات، بعدما تعذر انضمامهم للائحة “التوافق”. وإزاء رفضهم الانسحاب كانت قرارات الفصل. وقد أصدرت “الحركة” بياناً بهذا الشأن نفت فيه علاقتها بأربعة مرشحين حاليين كانوا من عناصرها.
نجم محمد نجم، هو أحد المرشحين الأربعة الذين ذكرهم بيان “الحركة”، يؤكد أنه حتى تاريخ كتابة هذه الأسطر لم يتبلغ من المسؤولين قرار فصله، وهو مستمر بترشحه مع عدد من الحركيين بالإضافة إلى مستقلين حتى النهاية.
يوضح نجم أن قرار فصله لن يثنيه عن الاستمرار بالسير على المبادئ التي خطها مؤسس “حركة المحرومين” (أمل) السيد موسى الصدر، فهو كان من قدامى الحركيين في البلدة وهكذا سيبقى.
في كفررمان (قضاء النبطية)، البلدة التي يحلو للشيوعيين تسميتها بـ(كفر موسكو)، الوضع ليس أشفى حالاً، وعلى الرغم من أن المعركة فيها سياسية بامتياز بين لائحة “التنمية والوفاء” المدعومة من “أمل” و “حزب الله” من جهة، وبين أحزاب “الشيوعي”، “اليسار الديموقراطي”، “طليعة لبنان العربي الاشتراكي”، إضافة إلى عدد من المستقلين من جهة ثانية، إلا أن حال التململ التي يعيشها بعض أهلها المنضوين تحت لواء “الحركة” كانت واضحة، خصوصاً بعد الخلافات الأخيرة بين عدد من قيادييها، والمتعلقة بإحدى الكسارات، “ما أفرز حالاً من الانقسام العمودي تمت معالجته داخلياً إلى حد ما، إضافة إلى تغييب إحدى العائــلات الأساسية عن لائحة التنمية والوفاء”، بحســب ما يؤكد أحد أبناء البلدة من المتابعين للشأن البلدي.
في عربصاليم (قضاء النبطية)، حالات تتحدث عن نفسها، إذ حيَّد عدد كبير من المرشحين الشباب أنفسهم عن خيارات أحزابهم وقرّروا خوض الانتخابات بشكل مستقلّ، ومن خارج لائحة “التنمية والوفاء” التوافقية بين “أمل” و “حزب الله”.
أحد المرشحين الشباب، رفض الكشف عن اسمه، يعتبر أن ترشّحه لا يأتي في سياق تحدّي خيارات الحزب الذي ينتمي إليه، إنما هو نابع من واجبه البلدي والتنموي، ويحرص على تأكيد أنه لم يتعرض لأي ضغوط، حزبية أو غير حزبية، تدفعه للتراجع عن ترشحه.
يؤكد خلال عرضه برنامجه الانتخابي أنه لم يترشح إلا عندما جوبهت طلباته الإصلاحية في الأعوام الماضية بعدم اكتراث المجلس البلدي.
وللمروانية (قضاء صيدا) باع طويل مع “المصيلح” مكان إقامة رئيس مجلس النواب ورئيس “حركة أمل” نبيه بري، فهي وإن كانت محسوبة بشكل كبير عليه، إلا أنها لا تزال تعاني من جراحات قديمة لم تجد طريقها للشفاء بعد.
يقول أحد أبناء البلدة من الحركيين، إن ظلال محاولة “الانقلاب” التي قادها العام 1986 رئيس الهيئة التنفيذية لـ”الحركة” حينها، حسن هاشم، لا زالت تلقي على أبناء البلدة بثقلها. وفي هذا الإطار يؤكد أن “حال الحركيين فيها ليست بعافية، إذ خرجت إلى العلن ضغوط مارسها بعض أبناء البلدة على أصحاب القرار، أسفرت عن تغليب أسماء على غيرها”، وهو ما أظهر من دون شك سطوة العائلات وتكتلاتها في استحقاق البلديات.