IMLebanon

الكنيسة تتمسّك برفض تخفيض سن الاقتراع

bkerki

كتبت دنيز عطاالله حداد في صحيفة “السفير”:

“ما الذي سيتغيّر إذا حصلت الانتخابات النيابية غداً أو بعد شهر أو بضعة أشهر؟”. كان هذا السؤال الذي طرحته مجموعة شبابية على أحد المسؤولين الكنسيين، قبل أن يبادر معظمهم الى الإجابة بـ “الأرجح أن لا شيء سيتغيّر”. لكن الاجابة استفزت المسؤول فتشعّب النقاش ليعكس بعضاً من نظرة الكنيسة المارونية الى الانتخابات وقانونها وسلوكيات الناخبين، وصولاً إلى قراءتها لبعض دلالات الانتخابات البلدية.

فالشباب، الذين لا ينتمي معظمهم إلى أي حزب أو تيار سياسي، اعتبروا أنه “أيّاً يكن قانون الانتخاب الذي سيصدر عن مجلس النواب سيُترجم بطريقة او بأخرى، مصالح هذه الطبقة السياسية. فلا يمكن لمن يمسكون زمام الأمور اليوم، والتشريع من ضمنه، أن يصدروا قانوناً للانتخاب لا يكون في أحد وجوهه، ضامناً لهم استمراريتهم، إن لم يكن أرجحيتهم. بالتالي، فإن كل حلم بالتغيير والتجديد في الطبقة السياسية عبر الانتخابات سيتكسّر عند دائرة الطبقة الحاكمة المغلقة”.

أبدى المسؤول الكنسي انزعاجه الكبير “من هذه المقاربة الاستسلامية، خصوصاً من جيل يُفترض أن يكون في أوج إيمانه بالتغيير والعمل عليه والإيمان بقدراته”. وبعد مداخلة مستفيضة عن “دور الشباب ورهان الكنيسة عليهم في عالم اليوم”، والاستشهاد بكلام ومواقف للبابا فرنسيس وعدد من الرسائل الكنسية، سجّل المسؤول مجموعة ملاحظات متمنياً التمعن فيها.

قدّم المسؤول الكنسي مطالعة طويلة، قال فيها “قبل نحو عقد من الزمن، لم يكن أحد من اللبنانيين يصدق إمكانية خروج الجيش السوري من لبنان بالسرعة التي جرت فيها. لكن ذلك حصل. ولم يكن ذلك ليحدث لو لم تبقَ مجموعة صغيرة، ضعيفة وعاجزة في الكثير من الأحيان، تطالب على امتداد أكثر من عقدَيْن ونصف بوجوب خروج الجيش السوري من لبنان. وما ينطبق على هذا الموضوع يمكن أن ينطبق على واقع الحال السياسي اليوم”.

يحاول المسؤول الكنسي الدخول إلى عمق تفكير الشباب ويقول “تشتكون من أن معظم الطبقة السياسية فاسدة وتعدّدون عشرات الأمثلة المحبِطة، لكنكم تغفلون عن الفسحات المضيئة. والانتخابات في حد ذاتها هي من تلك الفسحات. هي معبر إلزامي لكل تغيير سلمي. صحيح أن القوانين تفصّل في لبنان، مع الأسف، على قياس أحزاب وأفراد، إلا أننا لا يمكن إلا أن نعمل من ضمن هذه القوانين لتغييرها وتعديلها وتطويرها لتكون في مصلحة الناس وتعكس إرادتهم ورغبتهم”.

يضيف “يمكن للانتخابات البلدية التي جرت وتجري أن تكون مثالاً على قدرة الناس على التعبير عن خياراتهم وتنوّعها. سمعنا مَن يشتكون مَن السلطة ويعيدون انتخاب مَن يمثلها.. كذلك يفعلون مع الأحزاب. ولم يتغيّر الأمر مع أفراد من المجتمع المدني، مستقلين عن كل القوى السياسية، أرادوا الوصول إلى السلطة المحلية لترجمة فكرهم وبرنامجهم للعمل البلدي. حصل كل ذلك من ضمن قانون انتخاب لا يمكن أن يُقال إنه الافضل. مع ذلك اختار الناس مَن رأوا أنه يمثلهم. نوَّعوا في خياراتهم وتوزّعت أصواتهم بحرية. وتشكلت لوائح موالية ومعارضة في كل المناطق اللبنانية، حتى حيث لبعض الأحزاب المسلحة سطوة. بالتالي تجب الاستفادة من هوامش الحرية، وتحت سقف القوانين لإحداث التغيير المطلوب”.

يقرّ المسؤول أن “اعتماد قانون انتخاب عصري، يراعي التنوّع في المجتمع اللبناني ويعكس أعلى قدر من صحة التمثيل، قد يكون مثالياً”. لكنه شدّد على “وجوب المشاركة بكثافة في أية انتخابات. فالطبقة الحالية لن تستمر إلى الأبد وشبابها صاروا شيوخاً”. وشدّد على وجوب انتخاب رئيس للجمهورية قبل أي انتخاب آخر.

كان المسؤول يتحدّث بثقة عن مقاربة الكنيسة للمواضيع المطروحة. مرة وحيدة شعر بالإحراج حين سأله أحد الشباب عن موقف الكنيسة من انتخاب الشباب من عمر 18 عاماً. بعد لحظات إرباك، أكد أنه يعبّر عن رأيه الشخصي حين يقول إنه مع أن يشارك الشباب من عمر 18 سنة بالانتخاب واختيار ممثليهم، ليضيف “لكن لدى السلطة الكنسيّة أسبابها وحجتها في التمسك بسن الـ21 للانتخاب”.