Site icon IMLebanon

“العضو الثامن” يقسم الأهالي في إبل السقي

حُسِم أمر الانتخابات البلدية والاختيارية بين أبناء بلدة إبل السقي- قضاء مرجعيون، مسيحيين ودروزاً، الذين لا يستطيع المرء التمييز بينهما بسبب الترابط والانصهار والتزام الجانبين طرف الاحزاب العلمانية والوطنية اللبنانية. ولولا المناكفات و”النقار” الذي لا لزوم له عند كل موسم انتخابي بين الجانبين، لأمكن القول هنيئاً لمن له مرقد عنزة في إبل السقي بلدة كاتب الرواية الشعبية اللبنانية سلام الراسي.

لم تقصر الدولة اللبنانية في “اثارة الفتنة” مجازياً بين مكونات إبل السقي، فالبلدة المصنفة نموذجية منذ الستينات، كانت تنام هانئة على توزع عضوية المجلس البلدي مناصفة بين الدروز والمسيحيين 6 و 6 مكرر مع الرئاسة للمسيحيين ونائب الرئيس للدروز. لكن دوائر القانون “العثمانية” ونصوصها الجامدة في الدولة اللبنانية أبت إلا ان ترفع عدد اعضاء المجلس الى 15 بعد ارتفاع عدد الناخبين من دون ان تأخذ في الحسبان ان الرقم 15 لا يمكن قسمته على اثنين. وهكذا انقسم الاهالي على العضو الثامن الذي يؤمن الارجحية لفريقه نظرياً. وبعد مفاوضات شاقة تدخل فيها مطران الروم الارثوذكس الياس كفوري، والوزير وائل ابو فاعور والنائب انور الخليل وقائمقام مرجعيون وسام الحايك ومسؤولون حزبيون من الاشتراكي والشيوعي والكتائب والقوميين، اضافة الى الكهنة والمشايخ الدروز ووجهاء الطائفتين في البلدة، رست التسوية على التوافق على لائحة “قوتنا بوحدتنا” التي اعلنت مساء الخميس من قاعة كنيسة مار جرجس شفيع البلدة، وتضم 7 دروز و7 مسيحيين على ان يترك اختيار العضو الثامن لـ “همة الناخبين” من بين لائحة موحدة برئاسة سميح البقاعي (شقيق نائب الامين العام للحزب الشيوعي كمال البقاعي) ومدعومة من العائلات، ولائحة ثانية غير مكتملة برئاسة فادي سعادة مدعومة من قسم من العائلات. واللافت في ابل السقي ان ثمة مرشحين شيوعيين ويساريين من ابناء الطائفة الدرزية ممن يحظون بتأييد كبير في حارة المسيحيين ويأخذون من الاثنين، اي من الدروز والمسيحيين، وكذلك ثمة مرشحون مسيحيون يأخذون من الطرفين، ويقال ان كتلة الحزب الشيوعي الناخبة تشكل حوالى 200 ناخب يسقطون “بلوك واحد” في الصناديق.

لا مشكلة في ابل السقي مبدئياً، والجميع، دروزاً ومسيحيين، يشربون من نبع البلدة، ومن نبع واحد في السياسة وفي الحياة اليومية، لكن المشكلة ان لوائح الشطب تعطي ارجحية عددية للمسيحيين على حساب الدروز، في حين ان اعداد المقترعين الدروز تفوق اعداد المقترعين المسيحيين بنسبة معينة، وذلك بسبب تشتت المسيحيين وتوزعهم بين الاحزاب والكتل السياسية وعدم وجود قيادة واحدة لهم، على نقيض الدروز الذين يحترمون كلمة قادتهم الدينيين والزمنيين وينصاعون لارادتهم ويشاركون في العملية الانتخابية بكثافة. وهكذا اختلف الطرفان على الصوت المرجح، في حين ان الصوت العاقل والراجح وسط كل هذا التنافس هو لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي تدخل في دورة 2010 طالباً من الموحدين الدروز احترام مبدأ المناصفة وإبقاء رئاسة البلدية للمسيحيين، ومن الواضح ان ثمة قراراً كبيراً لدى قادة الدروز بعدم المس بهذا العرف رغم تشتت المسيحيين وتبعثرهم بين الاحزاب والزعماء.

مشكلة ابل السقي المحلولة ليست الوحيدة، فهناك بلدات كثيرة في الشوف وعاليه تنسج على هذا المنوال، وثمة بلدات مختلطة اخرى في البقاع تواجه هذه المشكلة لجهة حجم التوزيع الطائفي ونسب توزع المقاعد، وربما كانت الحاجة الى ادخال تعديلات على قانون الانتخاب البلدي لجهة اعتماد النسبية مسألة ملحة، في موازاة العمل على قانون انتخاب نيابي حقيقي يؤمن صحة التمثيل لكل المكونات اللبنانية.