IMLebanon

ماذا بعد اغتيال مصطفى بدر الدين؟ (بقلم رولا حداد)

Mustafa-Badreddine-hezbollah

كتبت رولا حداد

لم تكن مراسم تشييع مصطفى بدر الدين السريعة، بعد ساعات من الإعلان السريع عن اغتياله، مؤشراً بحد ذاتها، بمقدار ما كان قرار “حزب الله” السريع والمفاجئ برفض اتهام إسرائيل بالاغتيال، وبتوجيه أصابع الاتهام نحو المجموعات التكفيرية، هو المؤشر الأساس إلى أن الحزب طوى مرحلة النزاع مع “العدو الإسرائيلي”، وأنه يفضّل التركيز على “العدو التكفيري” في المرحلة الحالية.

يذكر اللبنانيون جيداً كيف أنه، وبعد الإعلان عن اغتيال عماد مغنية في قلب العاصمة السورية دمشق، لم يتردّد “حزب الله” والنظام السوري في اعتبار أن بصمات إسرائيل واضحة في الاغتيال، ولو من دون أي دليل. وهذا ما أبقى اغتيال مغنية من دون ردّ حتى اليوم، رغم مرور اكثر من 8 أعوام على الحادثة.

لم ينتظر المراقبون يوماً موضوعية “حزب الله” في الاتهامات التي يطلقها. الدليل الواضح تمثل في المؤتمر الصحافي الشهير الذي عقده الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله لاتهام إسرائيل باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. لم يتردّد نصرالله في استعمال أفلام فيديو مغلوطة، وفي حشر حوادث لا تنطبق على الحقيقة في توقيتها وخلفياتها، والهدف بكل وضوح كان محاولة حرف الأنظار عن توجيه المحكمة الدولية أصابع الاتهام الى مسؤولين في “حزب الله”، وفي طليعتهم مصطفى بدر الدين، ومحاولة اتهام إسرائيل بالجريمة، ولو بشكل يفتقد الحد الأدنى من الصدقية.

أما اتهام التكفيريين باغتيال بدر الدين بقصف مدفعي طال المنطقة السكنية قرب مطار دمشق، فلم يكن الهدف منه على ما يبدو تبرئة إسرائيل بقدر ما كان يهدف الى إيجاد تبريرات لاستمرار القتال في سوريا.

وليس مفيداً بطبيعة الحال الدخول في نقاش مع نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم حول كيفية القيام باغتيال بقصف مدفعي، وخصوصاً في ظل تأكيدات المراجع المحايدة، ومنها المرصد السوري، بأن أي قصف لم تشهده تلك المنطقة طوال الأسبوع المشار إليه.كما من غير المفيد الإشارة الى كل التقارير عن حرب استخباراتية استهدفت ضابطاً كبيراً في الاستخبارات الروسية سقط في لبنان، فكان الردّ عليه بإسقاط بدر الدين، لأن لا صوت يعلو على صوت المعارك في سوريا بالنسبة إلى “حزب الله”.

كل ما يمكن أن يتم استنتاجه هو أن انغماس الحزب في الحرب السورية لا عودة عنه أيا تكن الأثمان المدفوعة، وأنه من غير المسموح لقيادة الحزب في لبنان أن تجري أي تقييم داخلي لانعكاسات هذه الحرب على وضع الحزب لبنانياً. وأبرز دليل على هذا الموضوع قيام قائد فيلق القدس في “الحرس الثوري الإيراني” قاسم سليماني بزيارة الى ضريح بدر الدين وتعزية عائلته، مع ما حملته هذه الزيارة من أخبار عن قيام سليماني بتعيين خليفة بدر الدين، ما يشكّل إعلاناً صريحاً بأن “حزب الله” ليس أكثر من لواء في “فيلق القدس”، وأن الإمرة فيه هي لسليماني!

وهنا يُطرح أكثر من سؤال، وأهمها: ماذا بعد اغتيال بدر الدين؟ وأي مصير للجناح العسكري للحزب الذي يعاني ما يُشبه التصفية لقياداته الأمنية والعسكرية في سوريا؟ وهل ستواجه إيران لمنع إسقاط “حزب الله” من البوابة السورية، أم ستتدخّل للمساومة على جناحه العسكري مع الولايات المتحدة التي تخوض ضدّه حرباً مالية لا هوادة فيها تتزامن مع غرقه في المستنقع السوري؟ وهل ستكون مرحلة ما بعد بدر الدين ليس كما قبلها على الإطلاق؟!