ذكرت صحيفة “الراي” الكويتية ان العشاء الذي أقامه السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري في دارته في اليرزة، والذي جمع “كل لبنان”، باستثناء “حزب الله”، تحت “جناح” المملكة العربية السعودية، بدا بمثابة رسالة مزدوجة في الشكل والمضمون، استوقفت الدوائر السياسية، التي قرأت هذا التطور على انه أبعد من مجرّد لقاء على مائدة، بل يحمل مجموعة خلاصات ومؤشرات أبرزها:
* أن هذه التظاهرة السياسية في “بيت المملكة”، هي الأولى منذ انفجار الأزمة بين لبنان والسعودية ومعها دول مجلس التعاون الخليجي، نتيجة ما اعتبرته الرياض “مصادرة حزب الله لإرادة الدولة” وقرارها إجراء مراجعة شاملة للعلاقات مع بيروت، كان اول الغيث فيها وقف العمل بمساعدات بقيمة اربع مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن، مروراً بمطالبة رعايا دول مجلس التعاون بعدم المجيء الى لبنان، ومغادرته، وصولاً الى تصنيف “حزب الله” خليجياً وعربياً منظمة إرهابية.
والواقع أن تاريخ 20 ايار، جاء بمثابة إعادة “النبض” الى علاقات لبنان بالسعودية، التي بدا سفيرها وكأنه يتحدّث أمام ضيوفه باسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، فاتحاً نافذة على عودة “كل محبي لبنان اليه”، وموجّهاً رسالة باستمرار احتضانه وعدم التخلي عنه رغم “سعي بعض الجهات (في اشارة الى حزب الله) جاهدةً الى تشويه تاريخ العلاقات اللبنانية – العربية وتغيير وجه لبنان وهويته وانتمائه”، وموحياً بأن وقف العمل بالمساعدات للبنان هو “تعليق” أكثر منه “إلغاء” ربطاً بمتطلبات سياسية وأمنية معيّنة.
وفي السياق نفسه، عكست طبيعة الحضور المتنوّع حرص لبنان على استعادة ما انقطع مع الرياض، التي كانت قبيل العشاء تتعرّض لهجوم متجدّد من الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، الذي بدا حزبه “معزولاً” بفعل المشهد الذي ارتسم في دارة عسيري، والذي ضمّ ممثلاً لرئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة تمام سلام، والرئيس سعد الحريري، وميشال عون، وسمير جعجع، وممثلين للنائب سليمان فرنجية (نجله طوني والوزير ريمون عريجي والوزير السابق يوسف سعادة) وقائد الجيش العماد جان قهوجي، إضافة إلى حشد من كبار الشخصيات السياسية والعسكرية والروحية وعدد من السفراء العرب والاجانب، توزعوا على طاولات حملت أسماء المدن السعودية.
* أن العشاء جاء في توقيت داخلي شهد “تدليكاً” لمحاولات الخروج من المأزق الرئاسي، من خلال المبادرة الثلاثية للرئيس بري، التي اقترحت واحداً من 3 حلول للمأزق: إما انتخابات نيابية مبكرة على قاعدة قانون جديد أو “الستين” النافذ، يليها مباشرة انتخاب رئيس، وفق التزام مسبق بذلك من القوى السياسية، او “دوحة لبنانية” تناقش الأزمة من ضمن “سلة متكاملة” تشمل الرئاسة وقانون الانتخاب والحكومة ومجمل العناوين الإشكالية، على ان تحصل الانتخابات الرئاسية بموجبها اولاً، وهي المبادرة التي ما زالت التحريات مستمرة حيال أفقها الخارجي، في غمرة تجدُّد الحِراك الفرنسي على خط الملف اللبناني كما بإزاء “قطبها المخفية”.