مايكل ماكينزي
ها نحن نعيد الكَرَّة مرة أخرى. تلقى المستثمرون المتهاونون والأسواق المتهاونة رسالة تذكير حادة الأسبوع الماضي مفادها: نعم، البنك المركزي الأمريكي يرغب في دفع تكاليف الاقتراض إلى أعلى في وقت قريب ربما يكون الشهر المقبل.
تم تعليق رقصة العذاب بين مجلس الاحتياطي الفيدرالي والأسواق في الآونة الأخيرة، ما ساعد كثيرا من القطاعات – وبخاصة السلع والسندات الخطرة والأسواق الناشئة – على إصلاح أي ضرر حدث مع بداية العام.
وفي غضون بضعة أيام الأسبوع الماضي، انكشف تهاون المستثمرين. فبعد أن استبعدوا من الناحية العملية خطر تحول سياسة الاحتياطي الفيدرالي في وقت مبكر مثل حزيران (يونيو)، يضع المستثمرون احتمالات تقارب واحدا من ثلاثة بأن التشديد سيستأنف الشهر المقبل.
من الناحية العملية هذا يمثل عودة توقعات السوق التي شهدناها قبل منتصف آذار (مارس)، عندما اعتبرت الأسواق اجتماعات السياسة التالية وكأنها تذاع على الهواء من حيث التغير في السياسة. ومع انتقالها إلى الجوانب، مدعومة بمخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي والعدوى من أزمة انقباض ائتماني في الأسواق الناشئة وعلى رأسها الصين، أصبح مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الآونة الأخيرة أكثر صراحة بشأن السياسة النقدية.
في الواقع، يعكس محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في نيسان (أبريل) القلق بين المسؤولين حول تردد سوق السندات في الإصغاء إلى فكرة أنه يمكن أن يجري التشديد هذا الصيف. وقال محضر الاجتماع إن “بعض المشاركين يشعرون بالقلق من أن المشاركين في السوق ربما لا يكونون قد قيموا بشكل صحيح احتمال أي زيادة في النطاق المستهدف في اجتماع حزيران (يونيو)”.
ويتوقع البنك المركزي نوعين على الأقل من التحولات في السياسة هذا العام، ومن المرجح أن يترتب على ذلك ضغط الزناد على أحد جانبي انتخابات الرئاسة الأمريكية في تشرين الثاني (نوفمبر).
ما إذا كان هذا الأمر سيحدث ونرى العائد على سندات الخزانة لأجل عامين، البالغ 0.90 في المائة، يرتفع أكثر، فهذا يعتمد على نغمة البيانات الاقتصادية التالية، وهي النقطة التي تم التأكيد عليها في محاضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي.
لكن التركيز على الاحتياطي الفيدرالي الذي يعتمد على البيانات يفوِّت الجانب المهم، وهو أن سياسة البنك المركزي تسير أيضا على خط رفيع فيما يخص أسعار الأصول. وعندما نتحدث عن وظيفة رد فعل الأسواق وعن نوبات دورية من العزوف عن المخاطرة، تلعب عملة الاحتياطي دورا مهما.
بالنسبة للمستثمرين وصناع القرار في العالم، الدولار يشبه بركانا نشطا ينفث السوائل بين قطاعات محددة تغطي الأسهم والسندات والسلع والأسواق الناشئة. وقبل أحدث رسالة رسمية من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، كان الدولار يُظهر بالفعل علامات على تجدد النشاط ويثير التوتر في الأسواق الأخرى.
تعثر أسعار الأسهم – واستمرار ضعف مؤشر ستاندرد آند باورز 500 على مدى عام عقب بلوغه الذروة – وتزايد الضغط على كثير من الأسواق الناشئة، وعدم قدرة النفط على الارتفاع فوق عتبة 50 دولارا للبرميل، يوضح بجلاء أهمية أن يتجاوز الدولار الحدود الضيقة لتداول العملات.
وفي وقت سابق الأسبوع الماضي لاحظ محللون في بانك أوف نيويورك ميلون علامات على عودة التدفقات إلى الدولار منذ منتصف نيسان (أبريل)، استنادا إلى بياناتهم وإلى تباين حركة الأسعار مقابل الين واليورو والجنيه الاسترليني.
وتبدو الهشاشة واضحة على عملات الأسواق الناشئة، الأمر الذي يمهد الطريق لتكرار تقلبات اندلعت في وقت سابق من هذا العام. وهذا يعكس، وفقا لبنك التسويات الدولية، القروض المصرفية المقومة بالدولار البالغة أربعة تريليونات دولار التي تحتفظ بها المؤسسات غير المصرفية في الأسواق الناشئة منذ العام الماضي، وهي كومة من السندات التي تعاني عندما ترتفع العملة الاحتياطية ومعدلات الفائدة في الولايات المتحدة.
ولا يزال طوفان من الأوراق المالية من عملة الدولار، التي تكاثرت خلال عصر المال السهل من الاحتياطي الفيدرالي، يمثل تحديا خطيرا للمسؤولين الأمريكيين الذين لم يعد بإمكانهم أن يستندوا بالكامل في قراراتهم الخاصة بالسياسة النقدية على التوظيف واتجاهات التضخم.
وتترجم قوة الدولار إلى تراجع في أسعار السلع، ما يحفز مخاوف تضخم عالمية، في حين تتأذى الأسهم في الولايات المتحدة بقوة العملة، نتيجة الإيرادات الخارجية الأضعف.
وبلغ تشديد الشروط المالية في الولايات المتحدة ذروته في أواخر العام الماضي، الأمر الذي كان إيذانا بموسم أرباح قاس لأسهم الشركات الأمريكية الممتازة في الربع الأول.
وفي الوقت الذي يقترب فيه حزيران (يونيو) ويلوح اجتماع السياسة المقبل في الأفق، يراقب تجار سوق الصرف عن كثب العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين. وعندما رفع الاحتياطي الفيدرالي في نهاية المطاف أسعار الفائدة لليلة واحدة من الصفر في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كان مؤشر السياسة عند نحو 1 في المائة. وارتفاعه نحو 1.20 في المائة من شأنه أن يعكس سوقا احتسبت بالكامل تشديد السياسة في اجتماع حزيران (يونيو)، وبالتالي هبوب رياح مواتية قوية في أشرعة للدولار.
البيانات التي ستأتي في المرحلة المقبلة ربما تشجع صناع السياسة على دفع تكاليف الاقتراض إلى الأعلى في الشهر المقبل، أو في تموز (يوليو)، لكن الدولار القوي لن يبعث الابتسامات لحاملي الأصول الخطرة. عزوف المستثمرين في الأسابيع المقبلة يعني أن الاحتياطي الفيدرالي سيدرك مرة أخرى كيف أن قوة الدولار تعتبر مشكلة بالنسبة للأسواق العالمية، وبالتالي يُبقي السياسة على الهامش.