قد يترافق ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف مع ارتفاع في المصاريف. طبيعة الفصل والإمكانات الترفيهية التي يوفرها تصعّب على الكثيرين موضوع التقشف وضبط الإنفاق. من أحدث تشكيلات الأزياء، إلى المنتجعات البحرية، والسفر والسياحة والتسوّق وممارسة هوايات جديدة… خيارات لا تُحصى أشبه بحقل مغناطيسي يجذب المحفظة ويستنزف الأموال…
لا يقترن الفرح واللهو بالضرورة بكثرة الإنفاق. بطبيعة الحال، بعض المشاريع والمخططات تستوجب دفع مبالغ كبيرة، لكن في المقلب الآخر، ونظراً إلى ما يوفره المناخ في فصل الصيف من خيارات متعددة للاسترخاء والراحة، فإن الكثير من النشاطات يمكن أن تجري من دون تكاليف كبيرة ترهق الميزانية.
العطل والسعادة
فصل الصيف والعطل مصدران أساسيان للسعادة. تشير دراسة قام بها باحثون في هولندا، وعلى رأسهم جيروين ناويجن من جامعة بريدا إلى أن مجرد التخطيط لعطلة يؤدي إلى ارتفاع كبير في معدلات السعادة، ويُسهم في إطالة أمد الشعور بالسعادة إلى ثمانية أسابيع!! وتبيّن الدراسة أن السعادة هبطت كثيراً وعادت إلى حدودها الأساسية عند معظم المستطلعين بعد انتهاء العطلة.
اللافت أن الدراسة لم تجد أي رابط بين مدة العطلة والسعادة. وبما أنه وفقاً للنتائج فإن الزيادة القصوى في معدلات السعادة تنتج من التخطيط المسبق للعطلة، فإن الباحثين ينصحون بأخذ عطل صغيرة على مدار العام بدل عطلة واحدة طويلة المدة.
الواقع أن فصل الصيف عموماً يختزن مقومات السعادة. علمياً، إن التعرض لأشعة الشمس يزيد من إحساسك بالنشاط والتفاؤل، والموضع مرتبط بهورمون السيروتونين الذي يعدّه العلماء “هورمون السعادة”.
إضافة إلى ذلك، يؤثر انقضاء العام الدراسي خلال فصل الصيف بالمعنويات إيجاباً، وكذلك لجوء العديد من الشركات إلى تقصير دوام العمل خلال هذا الفصل، ما يؤمن راحة إضافية، سواء للموظفين أو للطلاب.
من ناحية أخرى، التمتع بالطبيعة في الصيف يُسهم في الحد من الضغط والتشنج ويمنح شعوراً واسعاً بالحرية. أما اجتماعياً، فيخدم فصل الصيف العلاقات الاجتماعية حيث يصبح التلاقي أكثر سلاسة ومرونة وشيوعاً.
نصائح لضبط الإنفاق
كما وأشرنا، فإن العطل وفصل الصيف يُسهمان في زيادة الشعور بالسعادة. لكن على ما يقول المثل يفترض تجنب الوقوع ضحية المقولة الشهيرة “راحت السكرة وإجت الفكرة”. الهدر وانعدام السيطرة على الإنفاق في فصل الصيف قد تنتج منه انعكاسات خطيرة على باقي أيام السنة، ويؤثر سلباً باستحقاقات قادمة. فتجنباً للندم وكي لا تنحصر السعادة بفصل معين، يُنصَح بالأخذ في الاعتبار الملاحظات الآتية:
– التخطيط
يقال إن أجمل المشاريع وأكثرها مرحاً وحملاً لذكريات لا تنتسى هي المشاريع غير المخطط لها التي تأتي وليدة اللحظة. إلا أن التخطيط، وخاصة للمشاريع الكبيرة التي قد تفرض زيادة في الإنفاق، محوري وضروري. لذلك يفترض على الأقل تحديد المشاريع الأساسية التي تنوي القيام بها أكان السفر، استئجار شاليه على البحر أو في الجبل، ما ينقصك من ملابس وكلفتها التقريبية، بهدف تبيان كلفتها بدقة ما يمنحك نظرة شاملة ودقيقة تجنبك التبذير من دون منهج واضح.
من المهم الإشارة إلى أن الكثير من المشاريع قد تكون طارئة وتصعب معرفتها سلفاً، لكنها قد لا تؤثر كثيراً بميزانيتك واستقرارك المالي كمشروع كبير يتطلب مبلغاً غير قليل من المال.
– الواقعية
“ما كل ما يتمناه المرء يدركه”. لكل منا مشاريع نرغب في تحقيقها خلال فصل الصيف أو خلال أي فصل من السنة. لكن، وعلى ما يقول المثل “على قدر بساطك مدّ إجريك”. تحلَّ بالواقعية عند التخطيط ورسم أهدافك للعطلة. حاول قدر المستطاع أن تتوافق خططك مع إمكاناتك المالية بما يجنبك الاستدانة، ولا تقع فريسة للمظاهر الاجتماعية التي قد تدفعك الى الإنفاق بما يفوق إمكاناتك.
– الادخار
بشكل عام، إن الادخار مفهوم شامل وثقافة بحد ذاتها يُنصَح باتباعها على مستويات عدة وعلى مدار الحياة وعدم حصرها بهدف معين محدود زمنياً أو جغرافياً أو في المضمون. لكن يمكن اللجوء دوماً إلى الادخار بهدف تلبية حاجة معينة. بناءً عليه وعند الانتهاء من مرحلة التخطيط وتحديد المبلغ المقدر أن تنفقه، لا تتردد في ادخار جزء من دخلك لتأمين تكاليف المشاريع. ويُنصَح بأن يشكل المبلغ المدخر 10% من الدخل كل شهر.
– المصاريف غير الضرورية
بعض المشاريع والمخططات والنفقات تحتل الأولوية مقارنة بسواها. “مش كل مين قلك تش تقلو مش”. تجنب الإنفاق على المشاريع والحاجات الثانوية التي أنت بغنىً عنها. حتى لو خيِّل إليك أنها لا تتطلب مبالغ مالية كبيرة، وإن لم تكن من ضمن أولوياتك، تخلّ عنها وادّخر المبلغ الذي قد تنفقه وحافظ عليه لما هو أبدى.
– المهرجانات والمشاريع المجانية
يزخر فصل الصيف بمهرجانات تعمّ كل المناطق، والكثير منها يكون مجانياً. لا تخجل من المشاركة فيها. تذكر أن جمالية المهرجان واللحظات السعيدة والمتعة لا تحدد بقيمة ما تنفقه، بل بالتجربة التي تقضيها مع الأصدقاء والأحباء.
إضافة إلى ذلك، يوفر فصل الصيف القدرة على التمتع بالطبيعة من خلال المشي والتخييم والبيكنيك والباربكيو، وكلها لا تتطلب إلا مبلغاً يسيراً.
حتى الشواطئ المجانية التي توفر إجراءات أمان وحماية تُعَدّ مقصداً لا يجب تناسيه.
– التشارك
الكثير من المشاريع تكون برفقة الأصدقاء والعائلة والأشخاص المقربين. لا عيب في المشاركة، سواء من خلال تقاسم التكاليف، ما يُسهم في توفير مبالغ مالية كبيرة على كل فرد.
– اختر طريقة الدفع المناسبة
استعمل بطاقة الائتمان Credit Card إذا كانت دفعاتك صغيرة ويمكنك تغطيتها في المستقبل. أما إذا وجب عليك دفع مبالغ كبيرة، فاستعن بالأوراق النقدية أو ببطاقة الدفعDebit Card الخاصة بك. تذكر أن بطاقة الائتمان هي بمثابة دين يتعين عليك ردّه للمصرف، بينما بطاقة الدفع تحتوي على أموالك الخاصة.