خضر حسان
ترتبط الانتخابات بتنشيط الدورة المالية، لما يرافقها من إنفاق على إعلانات المرشحين والبرامج الانتخابية والشعارات وغيرها. وسوق الإعلانات اللبنانية نتظر فترة الانتخابات التي باتت “موسماً” تترقبه الشركات.
تعاطي شركات الإعلانات مع موسم الانتخابات يتغيّر بحسب طبيعة الانتخابات، فالإستحقاق البلدي يختلف عن النيابي، لاسيما في أرباحه. فالانفاق في الانتخابات البلدية أقل من الانتخابات النيابية “مع إستثناء بعض المدن الكبيرة حيث الثقل السياسي، مثل زحلة وجونية وبيروت، أما الجنوب والبقاع فلا إنفاق يذكر”، بحسب ما يقوله لـ”المدن” مدير العلاقات العامة في الشركة الفنية للإعلان جهاد ديب.
وتميّز الشركات بين سوق الإعلانات في موسم الانتخابات وسوق الإعلانات التجارية، التي تُعد سوقاً طبيعية للشركات تؤمن ربحها منها على مدار العام. أما الفارق بين الأرباح الانتخابية والتجارية، فيراوح “بين 20 و25%”، وفق ديب. إلا أن القاعدة العامة للربح تقوم على “العرض والطلب”. ما يؤدي إلى “رفع الأسعار إلى نسب أكبر عند بعض الشركات”.
ومع ملاحظة تراجع الإنفاق الانتخابي في الإستخقاق البلدي، إلا أن ديب يؤكد أن “الإنفاق الانتخابي النيابي في العام 2009 كان ضخماً، لدرجة توقفت في تلك المرحلة الإعلانات التجارية. ففي تلك الانتخابات “تورّق” لبنان، أي أصبح كله أوراقاً نتيجة الإعلانات التي تراوحت نسبتها بين 90 و95%. لذلك، لا يمكننا مقارنة هذا الوضع مع الانتخابات البلدية الحالية”.
يصف صاحب “شركة وعد للإعلانات” عدنان حمورة، وضع سوق الإعلانات في هذا الإستحقاق الانتخابي، بأنه صعب. ومع إضافة وضع السوق بالنسبة إلى الإعلانات التجارية، يصل التوصيف عموماً الى درجة “المأزوم”، وذلك بعد تأثير وضع المنطقة الإقتصادي على الشركات التجارية الكبرى، وبخاصة الشركات العالمية التي “لجأت إلى خفض إنفاقها على الإعلانات بنسبة نحو 35%، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال العروض التي تقدّم مع المنتج الأساسي. وهذا دليل أزمة”، وفق حمورة في حديث إلى “المدن”. ويعود حمورة إلى سوق الإعلانات في الموسم الانتخابي، ليعطي صورة عن الوضع “الطبيعي” للموسم. وبحسب متوسط الأسعار في السوق، فإن “لوحة إعلانية تجارية بقياس 14×4 يكون سعرها في الأحوال العادية نحو 1500 دولار، لكن في موسم الانتخابات يصل سعرها إلى نحو 4000 دولار”.
ويفنّد حمورة أسباب تراجع سوق الإعلانات، فيبدأ من ضعف التمويل لدى الأحزاب، والذي دفعها إلى عدم الإنفاق على الإعلانات بالنسبة ذاتها التي اعتادت عليها سابقاً، مع إستثناء المناطق “الحامية”، مثل جونيه وبيروت. كما أن المحادل الانتخابية قلّصت الحاجة إلى الإنفاق على الإعلانات، لأن المحادل تخفّض من التنافس، وبالتالي الحملات الإعلانية. ومن ناحية ثانية، حصلت الانتخابات في وقت لم تكن حتى الأحزاب تتوقع حصولها، لأن الرائج كان الاتجاه إلى عدم إجرائها. وإنطلاقاً من ذلك، لم يكن هناك وقت لنشر الدعاية والإعلانات.
يربط حمورة بين الإنفاق الدعائي في الانتخابات، وبين الإنفاق على ترويج السلع، لناحية تراجع حجم الإعلان، فلا يعتبر أن هذا التراجع عادي، بل هو بالنسبة إليه مؤشر سلبي يعني تراجع مبيعات الشركات الكبرى، وهو ما سيؤدي بعد خفض مستوى الإعلانات، الى مرحلة صرف عمال. ويشير إلى أن انتشار وسائل الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، أثر على سوق الإعلان التقليدي الذي يرتكز على اللوحات الإعلانية. فالإعلان الإلكتروني أكثر إنتشاراً وأقل كلفة.
أما الحل لسوق الإعلانات “المتراجع بنسبة 40%”، فهو البدء بـ”إرتياح البلد سياسياً”، فالراحة السياسية تُنشط الإعلانات، تجارية كانت أم سياسية، ما يؤدي حكماً إلى التنشيط الإقتصادي للسوق.