Site icon IMLebanon

مفاوضات «حزب الله» والمصارف محكومة بالفشل؟

أنطوان فرح

هل هناك معطيات تسمح بالقول ان الأزمة القائمة على خلفية تطبيق القانون الاميركي لمحاصرة حزب الله مالياً، سوف تتم معالجتها من خلال المفاوضات الجارية بعيدا من الاعلام، وسوف يخرج البلد سالما ومن دون جراح من هذا النفق المظلم؟صحيح ان المفاوضات بين حزب الله والقطاع المالي اللبناني، (مصرف لبنان+المصارف التجارية) تدور حاليا في الغرف المغلقة، وتُحاط بالتكتّم والسرية بهدف إنجاحها، كما يقول الطرفان، لكن الابتعاد من الاضواء لا يؤسس الى نجاحات اذا لم تتوفر المعطيات التي يمكن الارتكاز عليها للوصول الى نتيجة. والسؤال هل ان عناصر النجاح قائمة لكي يصبح الرهان على الاتفاق عقلانياً؟

بالنسبة الى العنوان العام العريض الذي يسمح بالاعتقاد ان المفاوضات يمكن ان تنتهي باتفاق، فانه محصور بواقع ان الطرفين لديهما مصلحة مشتركة في معالجة الأزمة. من جهته، يدرك حزب الله حجم الضرر المعنوي والمالي الكبير الذي سيلحق به جراء تطبيق قانون Hifpa 2015 (Hezbollah International Financing Prevention Act of 2015)، وهو بالتالي، صاحب مصلحة في تخفيف اضرار هذا الحصار المالي المرعب.

في المقابل، من البديهي ان القطاع المالي صاحب مصلحة في انهاء الأزمة، خصوصا انه يريد ان يخفّف من غضب حزب «انتقل من قوة محلية إلى قوة إقليمية بالفعل الميداني المبني على البنية الجهادية»، كما وصفه أمينه العام في كلمته في 20 ايار الجاري.

في اية مفاوضات تجري بين طرفين، وعندما يكون هناك مصلحة مشتركة في إنجاح المفاوضات، يشكل هذا الأمر أرضية صلبة تُبنى عليها خطوات من قبل الطرفين توصل الى اتفاق منتصف الطريق.

لكن هذا المُعطى المتوفر في مفاوضات حزب الله والقطاع المالي، يبدو بلا قيمة كبيرة لسبب واضح وهو ان من يفاوض لا يملك القرار، وهنا بيت القصيد. والمفارقة، أن الطرفين يعرفان جيدا هذا الأمر، لكنهما يمضيان في المفاوضات لأن لا طريق آخر أمامهما لملء الوقت الضائع، سوى بالتفاوض.

وهنا، يبدو لافتا ما قالته أوساط حزب الله حول وجود ما يشبه المؤامرة من قبل بعض المصارف المتشدّدة اكثر من سواها في تفسير القانون الاميركي وتطبيق مندرجاته. اذ ان الحزب يعرف، أو هكذا يُفترض طالما انه تعمّق من خلال الخبراء لديه في دراسة القانون، ان الموضوع لا يرتبط حصرا باللوائح السوداء التي تصدر عن وزارة الخزانة الاميركية، بل بالعلاقة مع المصارف المراسلة، والاسواق المالية العالمية التي يعمل معها المصرف.

كما ان الحزب يعرف ايضا، انه أُدرج أخيراً على لائحة الارهاب لدى الدول العربية، وهناك مصارف لبنانية لديها مساهمات عربية كبيرة في رساميلها، وهي مُلزمة بمراعاة هذا الجانب.

كما ان الحزب يدرك، ان مصرف لبنان لا يستطيع أن يفرض اي قرار على المصارف لا يتماهى مع مندرجات القانون، لسببين: اولا، لأنه قد يتعرض كمصرف مركزي لمقاطعة أميركية، وثانيا، لأن المصارف قد ترفض الالتزام لأنها تعرف ان المركزي في هذا الموضوع لا يستطيع أن يشكّل مظلة لها وأن يحميها من العقوبات.

بالاضافة الى كل ذلك، فان المصارف هي الخاسرة من التوسّع في تطبيق القانون، لأنها تخسر زبائن وودائع، وتخسر أيضا الاموال التي تضطر الى وضعها كمؤونة على القروض الهالكة في حال اقفال حساب دائن.

ويبدو ان الاجهزة المختصة في حزب الله تجري حاليا عملية تقييم للحسابات التي جرى اقفالها، وهي تريد من وراء هذا الامر، اثبات ان المصارف تتصرّف بسرعة عندما يتعلق الامر باقفال حساب مُدين، ولا تُقدم على خطوة إقفال الحساب عندما يتعلق الأمر بحساب دائن تحاشياً لخسارة الاموال. لكن حتى الان، لم تتضح نسبة الحسابات الدائنة على المُدينة لكي يُبنى على الشيء مقتضاه.

في النتيجة، هناك قلق مُبرّر حاليا ما دامت القناعة السائدة هي أن المفاوضات التي تجري في الغرف المغلقة لا تستطيع ان تخرج بنتيجة عملية، قبل أن يوضح الطرف الأميركي اذا ما كان مستعدا لتقديم تنازلات من اجل حماية لبنان، ام انه غير آبه بما قد تؤول اليه الامور.