Site icon IMLebanon

جزين: هزيمة عون ممنوعة!

كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:

“نزل التيار على الارض” في جزين، لكن هذه المرّة حاملا أعلام “القوات”. أما معراب فقد سحبت “الصلبان المشطوبة”، وأبقت على أعلام “الصدم” وشعار “حيث لا يجرؤ الآخرون”، لتأمين التوازن بين دعمها للحليف والتمسّك بـ”عدّة شغل”: شدّ العصب “القواتي”. لكن معركة “الشريكين” في الانتخابات البلدية، الكتف على الكتف، لم تنجُ المدينة من مواجهة دلّت وقائع يومها الساخن من أوله الى آخره على أنها كانت “على المنخار”.

المشهد الجزيني قبل ستّ سنوات استدعى استنفاراً أمنياً لا سابق له نفّذه “مغاوير الجيش” بسبب عرض العضلات المتبادل يومها بين “العونيين” و”القواتيين”. أمس، لم يكن الاستنفار أقل حدّة مع مشاركة ملحوظة من مخابرات الجيش و “شعبة المعلومات”.

“حرب أعصاب” حقيقية عاشتها عروس الشلال. انضمام “القوات” وإدمون رزق الى القافلة العونية لم يكن كافياً لطرد هواجس الخرق في إحدى القلاع “البرتقالية”، حيث لعبت العصبية العائلية دورها الأكبر.

في العلن ترك “حزب الكتائب” الحرية لناخبيه، لكن على الأرض “تحرّر” من التزاماته ومرّر كلمة السر لمناصريه بالتصويت للائحة المدعومة من سمير عازار ونجله ابراهيم عازار و”القومي” وفوزي الأسمر (تمثّل بـ3 أعضاء ومختار). كان تأفّف مؤيّدي “التيار” و”القوات” من “الكتائب” واضحا: “وعدونا بتصويت حرّ، فإذا بهم يقفون الى جانب نبيه بري بوجه التوافق المسيحي”!

مكمن الخطر الأكبر لم يتجلّ فقط في الهاجس من عدم تسجيل “سكور” الاقتراع نفسه في العام 2010 (50 في المئة) والذي استدعى أمس إطلاق نداءات شخصية من عون وجعجع، أو في “هجرة” جزء من العائلات من لائحة “التوافق” المسيحي، أو في عدم التزام “القوات”، بل ترجم في انتقال “عدوى” التصادم العوني ـ العوني الى جزين حيث بقيت الأعصاب مشدودة طوال أمس من “انتقام” آل الحلو، المقرّبين بمعظمهم من “جوّ التيار”، وذلك بسبب رفض الرابية السير بخيارهم والإصرار على التمسّك بخليل حرفوش لرئاسة البلدية، إضافة الى المآخذ على الأداء البلدي وعدم احترام كلمة العائلات.

العقدة الاخرى هي عامل المال الذي اتهم النائب زياد أسود وحرفوش آل عازار بتوزيعه بكثافة في المدينة عبر “غرباء” عن المنطقة، فيما رفض “العازاريون” هذا الاتهام وردّوه الى أصحابه.

هدّد آل الحلو بالتشطيب وفعلوها حيث اختاروا لائحتهم الخاصة “مشكّلة” من الفريقين المتخاصمين، وقد كان على رأس المستهدفين حرفوش نفسه وبعض الأعضاء المقرّبين منه في المجلس الحالي.

يقول سعيد الحلو “لقد اخترنا من نراه مناسبا من الأسماء من اللائحتين كمجموعة تمثلنا مع إعطاء أرجحية لـ “التيار الوطني الحر” لأننا لن نسمح بهزيمة ميشال عون. مدينة جزين لا تدار فقط بالشعارات السياسية، ولها خصوصية محلية وإنمائية لا يمكن القفز فوقها”.

تضمّ بلدية مدينة جزين 18 عضواً (16 جزين ـ عضوان عين مجدلين). والمشهد يختلف تماما عن لوحة 2010 البلدية. يومها خاضت اللائحة المدعومة من “التيار” المواجهة ضد لائحة رئيس البلدية سعيد بو عقل المدعومة من سمير عازار و “القوات” و “الكتائب” وفازت بفارق 270 صوتاً. والنتيجة كانت تثبيت دعائم العودة “البرتقالية” الى واحدة من بقع النفوذ المسيحية الجنوبية عبر استرداد المجلس البلدي بعد “تحصيل الحقوق” عامي 2005 و2009 باستعادة المقاعد النيابية الثلاثة.

كان يكفي رصد حركة النائب زياد أسود متنقلا بين المراكز الانتخابية والشاشات لفهم حاجة “التيار” الى إعلان الاستنفار العام. قبل أن ينتصف النهار البلدي أعلن الأسود صراحة “لقد هدّدناهم إذا استمروا بتشطيبنا (آل الحلو) فسنقوم بتشطيب من اختاروهم على لائحتنا”.

نكسة آل الحلو (تتركّز قوتهم في عين مجدلين) منذ العام 2013 مع استبعاد وليد الحلو واختيار حرفوش، بقرار من عون، ليحلّ مكانه، أبقى “القلوب ملآنة” حتى الانتخابات البلدية بطرح المتموّل غازي الحلو المؤيّد لـ”التيار”، وشقيق وليد الحلو، أولا بطرس حلو ثم سعيد الحلو للرئاسة، لكن الرابية رفضت، ما أدى الى اعتماد آل الحلو بمعظمها خيار “الكوكتيل”، فيما سُجّل موقف واضح لطوني الحلو نجل النائب الراحل ميشال الحلو بدعم “التيار”.

بدا لكثيرين أن ابراهيم عازار أراد من خلال هذه المعركة النيابية أولا ثم البلدية، تكريس واقع الحيثية “العازارية”، وإيصال رسالة للآخرين، وفق أوساطه، بأن “جزين ليست في جيب أحد”. وقد تمّ التوافق على توزيع ولاية رئاسة البلدية في حال الفوز بين نادر بو نادر وجوزف رحال، فيما كانت الآمال من جانبهم بتحقيق هذا الهدف كبيرة.

بعد سقوط مشروع التوافق مع ابراهيم عازار، بقيت لائحة “جزين الإنماء أولا” المدعومة من سمير عازار ونجله تصارع حتى اللحظة الأخيرة قبل ان تولد. كذلك “عانت” لائحة “كلنا جزين” كثيرا قبل “الفرج” بإعلانها بسبب التفاوض الصعب على الحصص والذي انتهى أخيرا بإعطاء “القوات” حصة وازنة بأربعة أعضاء ومختار مع نيابة الرئاسة (سامر عون).

وهنا لبّ الموضوع. مبدئيا تمّ التوافق بين “القوات” و “التيار” على أن تكون نيابة الرئاسة لـ “القوات”، ورئاسة الاتحاد (تضمّ 37 بلدية) بيد حرفوش، لكن المفاوضات لم تنته بعد والقرار النهائي سيتّخذ على ضوء ما سيحصده كل منهما من بلديات في القضاء وما ستفرزه صناديق جزين تحديدا، مع العلم أن “التيار” يتصرّف على أساس أن أكثر من نصف بلديات قضاء جزين هي “ساقطة عسكريا” بيده خصوصا جزين وبكاسين وكفرجرة وقيتولي وروم وحمصية… إضافة الى خمس بلديات فازت بالتزكية.