شدد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على أن “تطبيق المعايير الدولية في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب أولوية بالنسبة إلينا، لكون هذا الأمر يحمي مجتمعنا واقتصادنا من هذه الجرائم، ويعزز سلامة قطاعنا المالي والمصرفي ويحميه من المخاطر لا سيما مخاطر السمعة”، مشيراً إلى أن “مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة، أصدرا تعميماً وإعلاماً حول “التجميد الفوري” ذات صلة بقرار مجلس الأمن رقم 1267″.
استضاف مصرف لبنان اليوم، ورشة عمل تحت عنوان “Lebanon-U.S. Terrorist Designations Exchange” بمشاركة الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان عبد الحفيظ منصور، والقائم بالأعمال في السفارة الأميركية في لبنان السفير ريتشارد جونز.
سلامة: وألقى الحاكم سلامة الكلمة الآتية: “إن تطبيق المعايير الدولية في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب أولوية بالنسبة إلينا، لكون هذا الأمر يحمي مجتمعنا واقتصادنا من هذه الجرائم، ويعزز سلامة قطاعنا المالي والمصرفي ويحميه من المخاطر لا سيما مخاطر السمعة، علماً ان لبنان شريك في الجهود الدولية المبذولة في هذا المجال، وذلك من خلال مشاركة هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان بأعمال المنظمات الدولية.
لا شك في أن التشدد الذي يشهده العالم في مجال تطبيق نظم الإمتثال وظاهرة تجنب المخاطر (De-risking) هي عوامل إضافية ينبغي التنبّه إليها وأخذها أيضاً في الحسبان، وفي هذا الإطار لا بد من الإشارة إلى أن إقرار مجلس النواب اللبناني في العام 2015 لعدد من القوانين، منها قانون الإنضمام الى اتفاقية الأمم المتحدة الدولية لقمع تمويل الإرهاب، وتعديل قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وإقرار قانون التصريح عن نقل الأموال عبر الحدود وقانون تبادل المعلومات الضريبية، كان له وقع إيجابي لدى المنظمات الدولية، ووقع إيجابي على سمعة لبنان وقطاعه المالي والمصرفي، وأيضاً على وضعية امتثاله بالمعايير الدولية.
فأصبح قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 44 يجرّم تمويل أنشطة المقاتلين الإرهابيين الأجانب “Foreign Terrorist Fighters” المذكورة في قرار مجلس الأمن الرقم 2178، كما أدخل هذا القانون الأسس القانونية التي أتاحت وضع آليات خاصة لتطبيق العقوبات المالية لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1267. وأتاح هذا القانون أيضاً تطبيق المعايير الدولية المرتبطة بقرار مجلس الامن رقم 1373، والتي تتطلب ان يكون لدى الدول لوائحها الوطنية الخاصة المرتبطة بالإرهاب وتمويله.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة، أصدرا تعميماً وإعلاماً حول “التجميد الفوري” ذات صلة بقرار مجلس الأمن رقم 1267.
بالرغم من التحديات التي نواجهها، نواصل بذل الجهود اللازمة وإصدار الأنظمة المطلوبة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهذا ما يصون سلامة القطاع المصرفي والمالي. فتم إخضاع شركات تحويل الأموال لمزيد من الإجراءات والموجبات، ومنع إصدار البطاقات المسبقة الدفع في حال لم تكن مرتبطة بحساب مصرفي، ومنع التعامل مع شركات اسهمها لحامله، كما جرى تعديل التعميم الأساسي رقم 83 الصادر عن مصرف لبنان لتعزيز وظيفة الإمتثال لدى فروع المصارف والمؤسسات المالية، وأيضاً على مستوى مجالس الإدارة.
وجاءت هذه التعديلات لتعزز المتطلبات المفروضة على المصارف العاملة في لبنان، والتي يجب عليها أيضاً التقيّد بالأنظمة والعقوبات المطبّقة في بلدان المصارف المراسلة المتعاملة معها. ختاماً، اتمنى لكم التوفيق في ورشة العمل هذه ونشكر المحاضرين والمنظمين على جهودهم”.
منصور: أما منصور فقال من جهته: إن المخاطر المتصلة بالإرهاب تتفاقم وتعمّ الكرة الأرضية. فمن واجب عالمنا اليوم أن يصدّ ظاهرة الشرّ هذه بتعزيز الجهود وتشديد المتطلبات والمعايير لمكافحة الإرهاب وتمويله. فالاستراتيجيات الفعالة لمكافحة هذه الظاهرة يجب أن ترتكز على التعاون المحلي بين الهيئات المعنية، أي الهيئات القضائية والإستخباراتية، ووحدات الإخبار المحلي. وهذا ما نشهده اليوم في بلدان عديدة، لا سيما في أوروبا بعد هجمات سنة 2015، خصوصاً في مجال مكافحة تمويل الإرهاب.
وهذا ما يحصل أيضا في لبنان، إذ نسجل تحسناً ملحوظاً في التعاون بين الهيئات الآنفة الذكر والتي نرى في حضورها اليوم بيننا، دليلاً قاطعاً لهذا التعاون.
وأضاف: التعاون المحلي في مجال مكافحة تمويل الإرهاب أمر ضروري لتأمين الحماية الداخلية، وهو في الوقت نفسه شرط أساسي للتوصل إلى تعاون دولي فعال. فتحقيق نتائج إيجابية على الصعيد المحلي هو أساس للتعاون الدولي ومسهّل له، إذ أن سجل العلاقات بين لبنان والمجتمع الدولي جيد خصوصاً مع وحدات الإخبار في مجموعة “أغمونت” من جهة، ومع جهات إنفاذ القانون والسلطات القضائية الدولية من جهة أخرى.
ولفت إلى أن ” لبنان يشارك بفعالية في الجهود العالمية الهادفة إلى مكافحة تمويل الإرهاب، وذلك من خلال:
– مجموعة الـ”مينافاتف” (أي مجموعة الـ”فاتف” الإقليمية) التي كان لبنان وراء إنشائها وكان عضواً مؤسساً فيها، فكان أول رئيس لها لبنانياً.
– مجموعة “إغمونت” حيث يضطلع لبنان بدور الممثل الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط لدى لجنة “إغمونت” (التي هي بمثابة مجلس دولي للمجموعة).
– أمين سرّ هيئة التحقيق الخاصة هو في الوقت عينه نائب رئيس مجموعة “إغمونت”.
– لبنان مشارك فعال في مشروع قيد الدرس بين مجموعتي “إغمونت” و”فاتف” لمكافحة تنظيم “داعش”.
– لبنان يشارك بفعالية في “مجموعة العمل لمكافحة تمويل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش The Counter- ISIL Financing Group ويترأس إحدى اللجنتين التابعتين لهذه المجموعة.
وختم منصور: من هنا، نؤكد أن ورشة العمل هذه تندرج في إطار التعاون اللبناني ضدّ تمويل الإرهاب، وأنها حلقة في سلسلة ورشات عمل مماثلة حول تمويل الإرهاب، انعقدت بالتعاون مع المملكة المتحدة وأوستراليا.