اقيم الاسبوع الماضي لقاء بعنوان “فرص وتحديات المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس – 2016″، في قاعة المؤتمرات في نقابة المهندسين في طرابلس، لمناسبة مرور عام على تعيين مجلس الوزراء للهيئة العامة لمجلس إدارة المنطقة الإقتصادية في طرابلس، برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ممثلا بوزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس، وحضور وزراء ونواب حاليون وسابقون وممثلون لسياسيين، اعضاء مجلس إدارة الهيئة، رؤساء واعضاء هيئات إقتصادية ورؤساء واعضاء مرافق ومؤسسات عامة وخاصة ونقابات مهن حرة ومديري مصارف وفاعليات اقتصادية وأكاديمية وتربوية واجتماعية.
بعيني
استهل اللقاء بكلمة نقيب المهندسين في طرابلس ماريوس بعيني أعرب فيها عن “الإيمان العميق بتقديم الدعم التقني واللوجستي للمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس، وذلك لأهمية دورها الحيوي الإيجابي على المستوى الإقتصادي الشمالي خصوصا والوطني عموما”.
الحسن
من جهتها، قالت رئيسة الهيئة الوزيرة السابقة ريا الحسن: “أردنا أن يكون هذا اللقاء بمثابة عرض كامل لمسيرة تقدم سير العمل في المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس، وذلك خلال سنة مضت على تعيين مجلس الوزراء لهيئة مجلس إدارة المنطقة الإقتصادية، ولنبحث معا في التحديات التي نواجهها، وهو لقاء حواري سنتناول فيه مختلف جوانب مسيرة المنطقة الإقتصادية ومدى فاعلية صيغة الشراكة مع الجهات المتعاونة والداعمة ومدى نجاحنا في وضع طرابلس على خارطة الإنماء والإستثمار”.
أضافت: “إن هذا المشروع كان جامدا لا حياة فيه، على مدى ست سنوات من صدور القانون العائد للهيئة وسلسلة المراسيم التطبيقية المتممة، ولا يسعنا في هذا السياق إلا أن نتوجه بشكرنا الخالص لدولة الرئيس تمام سلام الذي وضع ملف التعيين على جدول الاولويات لدى مجلس الوزراء، والشكر الموصول لمعالي الوزير رشيد درباس الذي شكل رأس حربة في إصدار مرسوم تعيين الهيئة العامة للمنطقة الإقتصادية”.
وتابعت: “لكن بعد سنة من مسيرتنا، تستوجب الإضاءة على الوقائع المحيطة بهذه المسيرة، سواء من حيث رفع الضغوطات عن المجتمع الشمالي، نتيجة لتدفق اللاجئين السوريين، واستنزافهم للبنى التحتية وإرتفاع معدلات البطالة وخلافها، فأمام هذا الواقع بدأ اخيرا الإهتمام الدولي بطرابلس وبدورها على المستويات اللبنانية والعربية والدولية، وبدأنا بدورنا نتموضع لنستفيد من المساعدات الممكنة خصوصا بعدما إنعقد مؤتمر لندن الذي وفر سلة من القروض الميسرة وبفائدة مخفضة وفترة سماح، فالأمل أن نستفيد من تلك القروض لإستكمال مشاريع البنى التحتية للمنطقة. ولكن لا بد من تسليط الضوء على التحديات التي نواجهها، ونحن لا نتراخى في مقاربتنا لحقيقة الواقع القائم، المرتكز على الكثير من تلك التحديات، ولعل أولها يتمثل بالتجاذب السياسي والتوترات التي هي في مكان آخر بعيدة عن متطلبات البيئة الإستثمارية، وبالرغم من ذلك، إستطعنا وبتوازن دقيق الإبتعاد كليا عن أجواء تلك التجاذبات”.
وأردفت: “ما أود التأكيد عليه، هو أننا نعمل على إنجاح المنطقة الإقتصادية الخاصة، وقد اتيحت لي مناسبات متعددة منها فرص اللقاء برجال أعمال وأصحاب مبادرات ومشاريع من القطاع الخاص، وكما تعلمون الديناميكية التي يتصف بها هذا القطاع لجهة إستشرافه للفرص، لا سيما أن غالبية من التقيتهم، ترى في المنطقة الإقتصادية الخاصة حوافز واعدة خصوصا بالنسبة لأطروحة دور طرابلس في إعادة بناء وإعمار سوريا في الوقت الذي تنتهي فيه الحرب الدائرة على أرضها وفتح أسواق جديدة”.
وختمت: “لا يسعني إلا أن اخص بالذكر رئيس غرفة طرابلس ولبنان الشمالي السيد توفيق دبوسي أكبر الداعمين للمنطقة وهيئتها سواء أكان ذلك من خلال إتفاقية التعاون أو من خارجها، وما نتمناه هو دوام التعاون بين الغرفة والهيئة”.
درباس
بدوره، قال درباس: “يسرني أن ألتقي اليوم بهذه النخبة من المجتمع المدني المميز والمنتخب والجدي، حيث أستذكر ما لفتني اليه يوما معالي الأستاذ عمر مسقاوي حينما وصف المجتمع المدني بأنه هو الذي يجلس أفراده وراء طاولاتهم ويمسكون بملفات الإنماء “بعقل بارد وقلب حار” وأحيي بالمناسبة نقابة المهندسين على دورها النشط الذي جعل من قاعة مؤتمراتها ملاذا لمختلف الأنشطة المثمرة التي تنتج الحلول الملائمة من خلال المبادرات والمقترحات بحيث تخرج طرابلس من ثباتها الى اليقظة بجهود أبنائها المخلصين والغيارى وتصبح أرضا يانعة تثمر الثمار الكثيرة الطيبة”.
أضاف: “أود هنا ان أحيي الرئيسة ريا الحسن على همتها العالية وعملها الدؤوب وقد استطعنا أن نردها الى طرابلس لتنعم المدينة بكفاءاتها وخبراتها التي اكتسبتها العاصمة بيروت حينما كانت وزيرة للمال. وأحيي الأستاذ توفيق دبوسي رئيس غرفة طرابلس ولبنان الشمالي السند العضود للهيئة وللمنطقة. كما أنتظر من رئيس مجلس إدارة معرض رشيد كرامي الدولي المهندس حسام قبيطر المبادرة الى بلورة صيغة للشراكة بين المعرض والهيئة”.
وتابع: “تحضرني المراحل التي مررنا بها حتى أصبحت المنطقة الإقتصادية الخاصة أمرا واقعا، فتم التشاور والدراسة المستمرين مع معالي الوزير سمير الجسر بصددها، ومع الرئيس نبيه بري الذي يبدي في كل مناسبة دعمه وتأييده لمشاريع طرابلس الحيوية، ومن ثم واكبت الرئيس فؤاد السنيورة حينما كانت قوانين ومراسيم المنطقة الإقتصادية مجرد مشاريع مدونة على الورق، وإستمررنا في ملاحقتها، ولكن ما لبثت مساعينا أن توقفت في الفترة التي دخلت فيها طرابلس في اتون الصراع والإقتتال العبثي فتحولت الى مجرد نصوص لا حياة فيها، ولكن يبقى الشكر الموصول واجبا للمساعي الحميدة التي بذلها دولة الرئيس سلام وتقديم ما يلزم لتنفيذ مشاريع حيوية لطرابلس ومنها المنطقة الإقتصادية الخاصة”.
وأردف: “المنطقة الإقتصادية الخاصة يجب ان تتكامل مع مرفأ طرابلس وسكة الحديد وهي غير منفصلة بالتالي عن تلك المرافق لكي يتحقق إنفتاح طرابلس تجاريا على العالم وتعيد رونقها الإقتصادي والإجتماعي الذي طالما تألقت به. ولا بد لنا من ان نستفيد الى اقصى الحدود من الدعم الذي ستوفره القروض الميسرة لكبريات المؤسسات المالية الدولية سواء اكانت مجموعة البنك الدولي او البنك الإسلامي للتنمية”.
تقدم سير العمل
ثم عرضت الحسن نبذة عن المنطقة الإقتصادية الخاصة تضمن “المفاصل الأساسية المتعلقة بالمنطقة الإقتصادية الخاصة لا سيما مزاياها الحيوية التي تساهم في إنقاذ أبناء المنطقة من براثن الفقر والبطالة، وكذلك التعريف بالمنطقة وهي عبارة عن رقعة أرض مخصصة لاجتذاب المؤسسات الخاصة، بهدف إنشاء مشاريع إنتاجية أو خدماتية تتوخى التصدير. وتتميز تلك المنطقة أيضا بإعفاءات وحوافز ضريبية وخدماتية وباستثنائها من تطبيق الكثير من القوانين المرعية التي ترتبط بالإستثمار والعمل”.
ولفتت الى أن “المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس انشئت عام 2008، بموجب قانون أصدره مجلس النواب. وفي أيار 2015، عين مجلس الوزراء، رئيس واعضاء مجلس إدارتها. وتتميز المنطقة بموقعها الاستراتيجي، فهي تقع على مساحة 550 ألف متر مربع في البحر قرب مرفأ طرابلس، وستساهم في عملية إعادة إعمار سوريا حين تضع الحرب أوزارها، وفي تنشيط الحركة الاقتصادية في الشمال، وتوفير المئات من فرص العمل للشباب”.
وقالت: “المنطقة تتمتع ايضا بخصائص تفاضلية بفعل الإمتيازات التي باستطاعتها توفيرها للمستثمر اللبناني والأجنبي، والتي من شأنها أن تعود بالفائدة ليس على طرابلس فحسب بل على كل لبنان. لذا وجب علينا أن نزيد من قيمة وأهمية وحجم هذه المنطقة، لأن مردودها سيعود بالنفع على الخزينة اللبنانية، وليس على فئة محددة من اللبنانيين. وتشهد المرحلة الراهنة خطوات متقدمة على طريق إنهاء المرحلة الأولى من ورشة الردميات لمياه البحر من قبل الشركة المتعهدة، وهي ورشة تستغرق فترة طويلة نسبيا وترتبط بخطوات التقدم المتعلقة بالمراحل الأخرى من عملية الردم”.
وأبدت الحسن تحفظها تجاه “المبادرات الهادفة الى إنشاء مناطق إقتصادية خاصة في مختلف المناطق اللبنانية، على إعتبار أن هذا الأمر قد يؤثر سلبا على الهدف الرئيسي من إنشاء منطقة طرابلس”، مشيرة إلى أنه “في حال جرى بالفعل إنشاء تلك المناطق المتخصصة، فعلى الحكومة اللبنانية وضع سياسة موحدة لتلك المناطق حتى لا تتضارب الغايات والأهداف المرجوة”.
وقالت: “الحكومة اللبنانية مدركة تماما لأهمية المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس، لذا من المتوقع أن تضع بين أيدينا موازنة تليق بالخطط المرسومة خصوصا في ظل التنافس الذي سنتعرض له من قبل المناطق الاقتصادية الخاصة الموجودة في المنطقة وغيرها من الدول”.
وشددت على أن “تفعيل تلك المنطقة، يحتاج إلى توافر جو أمني وسياسي وبيئي لا سيما أن مكب النفايات هو بجوار المنطقة الإقتصادية، وأن عدم إدارته وفقا للمعايير البيئية والصحية المطلوبة سينعكس سلبا على البيئة عموما وعلى البيئة المحيطة بالمنطقة الإقتصادية خصوصا، وهذا ما يشكل واقعا بيئيا كارثيا في حال عدم ايجاد الخطط والوسائل الكفيلة بوضع حد للاستهتار بقضايا البيئة وحمايتها، إضافة الى الأهمية القصوى في ضبط الأوضاع الأمنية ليبقى الوضع العام في المدينة مريحا، لأن أي مشكلة أمنية أو سياسية قد تجعل من المستثمر يفكر ألف مرة قبل أن يخوض هذه المغامرة وبالتالي يفضل الإتجاه نحو مناطق الدول الأكثر أمنا”.
وخلصت الى “ضرورة إلتفاف الرأي العام حول المشاركة في إنجاح المنطقة الإقتصادية لأن مسؤولية إنجاحها لا تقع على كاهل هيئة مجلس إدارتها وحسب، وإنما على عاتق كافة المكونات اللبنانية لأنها مشروع وطني جامع”، مجددة شكرها لكل “الجهات الداعمة للمشروع من سلطات رسمية وهيئات دولية ومؤسسات قطاع الخاص”.
نقاش
وقبل ختام اللقاء، دار نقاش شارك فيه عدد من الحضور تم خلاله إستعراض لمختلف جوانب التحديات المحيطة بالمنطقة الإقتصادية وكيفية مواجهتها وضرورة الإلتفاف حولها لدعم إنجاحها.