كتب غسان ريفي صحيفة “السفير”: بدأت ملامح الصورة الانتخابية تتضح في طرابلس التي تتنافس فيها لائحتان مكتملتان الأولى تحمل إسم «لطرابلس» برئاسة الدكتور عزام عويضة مدعومة من تحالف الرئيس نجيب ميقاتي ـ فيصل كرامي والنائب أحمد كرامي، ومن «تيار المستقبل»، والنواب محمد الصفدي ومحمد كبارة وروبير فاضل، إضافة الى «الجماعة الاسلامية» و«المشاريع»، والثانية تحمل إسم «قرار طرابلس» برئاسة المهندس أحمد قمر الدين (عضو المجلس البلدي المنتهية ولايته) مدعومة من الوزير أشرف ريفي. ومن المنتظر أن تكتمل الصورة مع إعلان النائب السابق مصباح الأحدب لائحة «طرابلس عاصمة» التي تضم 18 مرشحا فقط، ولائحة رابعة تضم مجموعة شبابية تحمل إسم «طرابلس 2022».
وفي الوقت الذي جمعت فيه الانتخابات البلدية خصوم الأمس على دعم «لائحة لطرابلس» لا سيما الرئيسين نجيب ميقاتي وسعد الحريري، يبدو واضحا أن المعركة سوف تتخذ صفة تصفية الحسابات الشخصية بين الحريري وريفي، فالأول يسعى الى محاصرة وزير العدل المستقيل الذي يسعى بدوره الى إثبات حضوره السياسي واستقلاليته، إضافة الى إظهار شعبيته في مدينته.
لذلك، فإن أي إنجاز قد تحققه اللائحة المدعومة من ريفي الذي يعمل على شد العصب الطرابلسي بشتى الوسائل، سواء في حجم الأصوات أو في إمكانية الخرق، سيشكل صفعة في وجه الحريري وتياره، قبل أي جهة أخرى داعمة للائحة التوافق. لذلك فان زعيم المستقبل حرص على مغازلة ميقاتي من صيدا، حيث أكد أن التوافق معه يهمه في طرابلس، معتبراً أن «الخلاف السياسي مع ميقاتي بات وراءنا وفتحنا صفحة جديدة».
وترى أوساط متابعة أن الحريري يسعى من خلال موقفه الى دفع قاعدته الشعبية في طرابلس الى طي صفحة الماضي، ووضع كل الاتهامات السابقة في سياق الحرب السياسية والتعاون الوثيق مع قاعدة ميقاتي، وسائر الحلفاء ومن بينهم الوزير السابق فيصل كرامي، وصولا الى منع التشطيب لضمان فوز لائحة «لطرابلس» بكامل أعضائها وخصوصا المرشحين المسيحيين والعلويين، وبالتالي العمل لما فيه مصلحة المدينة.
في غضون ذلك، يسعى التحالف السياسي الداعم للائحة طرابلس الى توفير كل عناصر الفوز لها، وهو نشط في تفعيل ماكيناته الانتخابية، لتكون على أهبة الاستعداد في 29 أيار، بشكل تستطيع معه أن تجمع أكبر عدد من أصوات الناخبين وأن تنهي معركتها بشكل سريع، خصوصا أنه في المقابل لا يوجد سوى ماكينة ريفي الذي بث شريطا مصورا على وسائل التواصل تحت عنوان «النداء الأول» دعا فيه الى مواجهة قوى 8 آذار وأعوان حزب الله.
أما في الميناء، فقد اكتمل المشهد الانتخابي حيث أعلن رئيس البلدية الاسبق عبد القادر علم الدين لائحته «الميناء حضارة» التي تضم كل المكونات وتحترم التوازن والتنوع الطائفي، والتي حظيت بتأييد التحالف السياسي الداعم للائحة «لطرابلس»، في حين أعلنت اللائحة المنافسة «الميناء لأهلها» وهي ضمت بجهود الوزير ريفي أربعة مرشحين للرئاسة هم: يحيى غازي، عامر حداد، عامر عيد وعاطف طبوش.
لكن تشكيل هذه اللائحة لم يراعِ التوازن الطائفي حيث ضمت ثلاثة مسيحيين فقط، في حين أن الحصة المسيحية المتعارف عليها في الميناء هي سبعة، أي ثلث أعضاء المجلس البلدي، وهذا متوفر في لائحة علم الدين، كذلك فان وجود أربعة مرشحين للرئاسة من الممكن أن يعرض اللائحة للتفخيخ حيث من المفترض أن يسعى كل مرشح الى حصد أكبر قدر ممكن من الأصوات لتأكيد أحقيته في ترؤس المجلس البلدي، إلا إذا صدقت النوايا فان اللائحة يمكن أن تشكل منافسة للائحة علم الدين الذي سبق في الانتخابات الماضية أن واجه كل التحالف السياسي ـ البلدي في الميناء ونجح في خرق لائحته.
من جهته، كتب عبد الكافي الصمد في “الأخبار”: “إن الحملات الانتخابية للوائح المتنافسة في طرابلس تشير الى أن غالبية الأطراف السياسية ترى في استحقاق الأحد المقبل ما هو أبعد من كونه محطة أخيرة في الانتخابات البلدية، ومؤشراً الى معرفة كل طرف حجمه ووزنه السياسي وشعبيته، قبل عام من الانتخابات النيابية.
هذه الأجواء زادت من حماوة الاتهامات المتبادلة وفتح الملفات. وكان السبّاق في هذا المضمار وزير العدل المستقيل أشرف ريف الذي بادر الى فتح النار على خصومه، القدامى منهم والجدد. فوصف لائحة «لطرابلس» التوافقية، في رسالة صوتية وجهها إلى مناصريه على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنها «تحالف هجين يشارك فيه حلفاء (الرئيس السوري) بشار الأسد وحزب الله، وبعض رموز الانقلاب على 14 آذار الذين أسقطوا حكومة سعد الحريري بقوة السلاح والقمصان السود»، مؤكّداً أن «لا مكان لـ8 آذار في طرابلس».
ومع أن أحداً من أركان التحالف السياسي العريض في لائحة التوافق لم يرد على هجوم ريفي، إلا أن حملة واسعة شنّت ضدّه في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، منذ الساعات الأولى لإعلان دعمه لائحة «قرار طرابلس».
مصادر سياسية طرابلسية وصفت حركة ريفي بأنها «مقامرة كبيرة، قد تنتهي به رقماً سياسياً مهماً في المدينة وفي الطائفة في ما لو تمكّن من تحقيق نتائج جيدة أو اختراق لائحة التحالف، أو تكون مقدمة لانتحاره سياسياً». وعليه فإنه «أمام مفترق مهم في حياته السياسية القصيرة، خصوصاً أن كثراً، من حلفائه المفترضين ومن خصومه، يريدون إنهاءه سياسياً».
وسألت: «كيف يعارض ريفي دعم الحريري لترشيح النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، فيما تضمّ اللائحة التي يدعمها حلفاء وأصدقاء للبيك الزغرتاوي؟ وماذا يعني بقوله لا مكان لـ8 آذار في طرابلس؟ هل يريد أن يستأصل مؤيدي هذا الفريق على طريقة داعش، أم ينفيهم خارج لبنان، أم سيلقيهم في السجون؟».
مصادر مقرّبة من لائحة التوافق قالت لـ»الأخبار» إن ريفي «يعاني من عجز سياسي وشعبي واضح، واللائحة التي أعلن دعمها أنقذته مؤقتاً وشكّلت رافعة له، وليس العكس».
ولفتت الى أن الماكينة الانتخابية لوزير العدل المستقيل تعاني عطباً بنيوياً واضحاً، إذ إنها تفتقد الخبرات والقدرات المالية والبشرية واللوجستية، لمنافسة لائحة التوافق.
وأشارت المصادر الى أن «مرشحين عديدين ممن لم يجدوا موقعاً على لائحة التوافق، فضّلوا الانسحاب من حلبة التنافس أو الترشح منفردين على الالتحاق بريفي». ومن بين هؤلاء عربي عكاوي الذي أثيرت شائعات حول انسحابه من التنافس الانتخابي، قبل أن يتبيّن العكس، إذ أكّد عكاوي، بعد استبعاده من لائحة التوافق، ترشحه منفرداً وعدم رغبته في الالتحاق بلائحة ريفي أو سواه، منطلقاً من قاعدة شعبية عريضة في منطقة باب التبانة، الخزان الشعبي والانتخابي الأكبر في المدينة.