جيمس ويلسون
عندما تسلم بول رولينسون منصب الرئيس التنفيذي لشركة كينروس جولد قبل أربعة أعوام كانت تلوح في الأفق نهاية أكبر طفرة ذهب في التاريخ – ومعها نهاية بعض من كانوا جزءا منها.
بارتفاعه بنسبة 500 في المائة خلال عشرة أعوام، بلغ سعر السوق للمعدن الثمين ذروته. وفي الاندفاع لاستغلال الطفرة، كانت استثمارات التعدين والتكاليف قد خرجت عن نطاق السيطرة.
المستثمرون في مناجم الذهب، مثل “كينروس” التي أنفقت بسخاء 11 مليار دولار على عمليات استحواذ خلال ستة أعوام وكانت في الأصل تشطب جزءا من ذلك الإنفاق، كانوا في حالة تمرّد. تاي بيرت، سلف رولينسون، كان من بين مجموعة من الرؤساء التنفيذيين في مجال التعدين الذين خسروا وظائفهم.
يذكر رولينسون أنها كانت “نهاية عصر شرب الأنخاب. كل شيء كان يرتفع، ويرتفع، إلى الأبد – وبعد ذلك وصلت إلى النصف الخلفي من الجبل، حيث كان كل شيء ينخفض، وينخفض”.
يقول أثناء زيارة إلى لندن: “هذا كان التحدّي – إدارة شركة أثناء انتقالك من مرحلة واحدة من السوق إلى أخرى”. بعد رحلة طويلة لرؤية المستثمرين في آسيا، هو في طريقه إلى مؤتمر لتعدين الذهب في سويسرا. إنه جدول أعمال مُرهق، لكنه يتطلّع لتناول العشاء في ذلك المساء مع إحدى بناته، التي تعمل في العاصمة البريطانية.
محاولة إدارة الهبوط لم تكن سهلة بالنسبة لروبنسون. في أسبوعه الأول في الوظيفة، أوقف خططا لتوسيع منجم تاسياست التابع للشركة في موريتانيا، الذي يُعتبر بمثابة استثمار رئيس بالنسبة لشركة كينروس. المشروع كان محور عملية استحواذها على شركة ريد باك ماينينج في عام 2010 مقابل 7.1 مليار دولار، وهي أكبر صفقات “كينروس”.
بعد عمليات الشطب اللاحقة في منجم تاسياست، كانت الشركة الكندية أول شركة تعدين ذهب كبيرة تُلغي توزيع أرباح أسهمها. يقول رولينسون بطريقته البطيئة الموجزة في الحديث: “تلك إحدى المرات التي تُصدر فيها البيان وتريد الزحف تحت مكتبك”.
هناك مشروع آخر في الإكوادور، فروتا ديل نورتي، تم بيعه بسعر أقل بكثير من تكلفته خلال أعوام الطفرة. وعندما اندلع التوتر بين روسيا والغرب بسبب أوكرانيا، واجهت كينروس، أكبر مستثمر أجنبي في مجال التعدين الروسي، انتقادات بشأن استراتيجيتها.
واضطر رولينسون أيضا إلى القتال من أجل أن يثبت أن تعيينه هو التغيير الذي كانت تحتاج إليه “كينروس”.
باعتباره الرئيس السابق لشؤون التطوير المؤسسي في شركة التعدين، وقبل ذلك المصرفي الاستثماري الذي كان يقدّم المشورة للشركة بشأن بعض الصفقات، يعترف رولينسون بأنه ربما يبدو في أعين المستثمرين وكأنه أشبه بسابقيه. وقد شارك في بعض القرارات التي انتقدها المستثمرون. بيرت أيضا كان مصرفيا في السابق.
يقول: “على الورق قد تقول: “ها هو مصرفي آخر (…) لم يتغير شيء”. وجدنا لزاما علينا أن نركز كل جهودنا على المهمة التي نحن فيها”.
بعد مرور أربعة أعوام، الانتقال من مصرفي إلى مسؤول تعدين يبدو أنه كان يُناسب رولينسون وشركة كينروس. تضاعفت أسهم شركة التعدين في الأشهر الـ 12 الماضية. وأخيرا في آذار (مارس)، كان رولينسون قادرا على كشف النقاب عن خطة مُحددة لتطوير منجم تاسياست بتكلفة أقل بكثير.
وإشرافه على الإنفاق كان يعني أن “كينروس” تملك النقود لاقتناص بعض الأصول في الولايات المتحدة من شركة باريك جولد، أكبر منافس لها، الأمر الذي كان مفيدا في تقليص تعرّض “كينروس” الشامل إلى البلدان ذات المخاطر العالية.
على وجه الخصوص، رولينسون، الذي يبدو في صورة عامل منجم الصلب، لكنه يتحدث بهدوء، بدأ يحصل أخيرا على بعض الحظ مع سعر الذهب، الذي ارتفع منذ بداية عام 2016. يقول: “من الصعب التصديق أننا جميعا نُهنئ بعضنا بعضا عندما عاد سعر الذهب إلى 1200 دولار للأونصة، لكننا بالتأكيد كذلك، ويبدو أن السعر صامد بشكل جيد”.
رولينسون يحمل جنسية مزدوجة: ولد في المملكة المتحدة، لكنه نشأ في كندا، حيث عمل والده في مجال التعدين. درس الجيولوجيا وبدأ حياته العملية في المساحات المفتوحة الواسعة في كندا. يقول: “كنت أعيش في البرية على مدار العام في خيمة واكتسبتُ بعض التجارب المدهشة. كان حبّي للهواء الطلق هو ما أدخلني إلى هذا المجال في المقام الأول”.
لكن الأمر المهم في حياته المهنية ربما كان مواد العلوم المالية التي درسها عندما كان يُنهي دبلوم الدراسات العُليا في هندسة التعدين. بعد التخرّج، دخل مجال الخدمات المصرفية للتعدين وحياة مهنية في سلسلة من المصارف الاستثمارية. قدّم المشورة لشركة كينروس قبل أن يُطلب منه بيرت الانضمام إلى شركة التعدين في عام 2008.
يقول: “دائما ما كانت نيتي هي العودة إلى التعدين (…) هذا في النهاية هو المكان حيث يوجد شغفي”.
وما ساعده أثناء عمله في “كينروس”، كما يقول، هو أنه جاء من الخدمات المصرفية إلا أنه كان يملك أيضا الكثير من المعرفة الفنية في مجال التعدين. وبحسب تعبيره: “أستطيع التحدث بعدة لغات – الجيولوجيا، التعدين، الشؤون المالية المؤسسية”. وكثير من المسؤولين في مجال التعدين لم يعودوا ينتبهون إلى أساسيات التعدين، مثل أهمية جودة الأصول، أثناء الأعوام الجيدة. يقول رولينسون إنه جلب 70 موظفا فنيا إلى “كينروس”، مُضيفا أن جانبا كبيرا من وظيفتهم هو الجدال لماذا لا ينبغي القيام بالمشاريع، بدلا من الاندفاع فيها بأسرع وقت ممكن.
ويضيف: “أنا أدعوهم المُدمّرين. في كل مرة تنظر فيها إلى فرصة – إنها مثل مكعب الثلج. في اللحظة التي يلتقطها أولئك الرجال، تبدأ بالذوبان. تجدهم يقولون: “انس الأمر – استبعد هذا – هذا عدائي”… أولئك هم الأشخاص المهمون”.
توقف الأشياء كان بمثابة ميزة كبيرة في شركة كينروس في عهد رولينسون. فهو يصف المشروع الأصلي لتوسيع منجم تاسياست كأنه خطة لمنزل كان من الصعب على نحو متزايد تحمّل نفقات بنائه: مشروع اليوم هو مشروع أصغر وأرخص. يقول رولينسون “بدلا من بناء مشروع جديد، نحن نُجدد المشاريع”.
المشروع الأصلي كان من الممكن أن يُلحق الضرر بالشركة. “ما أثار خوفي هو أننا كان من الممكن أن نبني نصفه فقط في تلك البيئة المحمومة، وتجاوز الميزانية، وقد نُعرّض أنفسنا لبعض الخطر”. إن عدم تعريض الكثير للخطر كان “درسا مهما جدا بالنسبة لي”.
درس آخر كان تجربة شركة كينروس في روسيا التي جلبت رولينسون على مضض إلى الساحة السياسية. في ذروة التوترات مع موسكو بشأن أوكرانيا في عام 2014، حاولت حكومة كندا إقناع رجال الأعمال، بمن فيهم رولينسون، بعدم حضور منتدى اقتصادي في سانت بيترسبيرج.
يقول رولينسون: “ذلك كان صعبا لكن كان علينا القول: نحن لدينا موظفون، نحن لدينا أصحاب مصلحة، نحن لدينا مساهمون، نحن لا نريد الانخراط في السياسية، ومع الاحترام نحن نعتزم المشاركة. وقد فعلنا”.
“كينروس” تملك مقعدا في المجلس الاستشاري للاستثمار الأجنبي في روسيا، جنبا إلى جنب مع أمثال بريتش بتروليوم وسيمنز. يقول رولينسون، مع الإشارة إلى أن مناجم “كينروس”، في الشرق الأقصى من روسيا، هي جغرافيا أقرب إلى تورونتو مما هي إلى موسكو: “نحن في روسيا منذ أكثر من 20 عاما (…) نحن شركة روسية بنسبة 98 في المائة. نحن نوظّف ونُدرّب الروس”.
بعد إدخاله على مضض في مجال الحديث عن صفقات “كينروس” الماضية، ودوره فيها، يقول رولينسون إن كثيرا منها نجحت بشكل جيد ويُشير إلى أن الصفقة الأكثر انتقادا، وهي عملية الاستحواذ على ريد باك ماينينج، تم التصويت لها من قِبل المساهمين.
الآن يُفضّل التطلّع إلى الأمام. استحوذت “كينروس” في العام الماضي على منجم أمريكي في نيفادا من شركة باريك، أكبر شركة لإنتاج الذهب من حيث الحجم في العالم، والبريق في عين رولينسون يُشير إلى أنه يعتقد أنه حصل على صفقة جيدة. يقول إن هذا، إلى جانب حل ملحمة توسع تاسياست، يجعل “كينروس” تكتسب الآن “زخما جيدا”. “الناس يشعرون الآن بالارتياح بخصوص الشركة. كانت تكدح في أعمال مملة، لا أستطيع أن أقول إنها لم تكن كذلك – لقد كان عملا شاقا. لكن الناس يشهدون الآن ثمار جهودهم. ما يتعين علينا عمله هو أن نحافظ على تركيزنا ونواصل العمل بجد”.