ذكرت صحيفة “الأخبار” أن أهالي عكار يستعدّون لخوض الانتخابات البلدية والاختيارية، الأحد 29 أيار، وسط تحوّلات في المشهد السياسي عما كان عليه عام 2010. أبرز هذه التحولات غياب التدخلات السياسية في تسمية المرشحين، في مقابل سيطرة العائلات على تشكيل اللوائح بعيداً عن الاصطفافات السياسية التقليدية، باستثناء بعض القرى المسيحية، في حين يعدّ تيار المستقبل الغائب الأبرز… ظاهرياً.
تختلف الانتخابات البلدية هذا العام عن سابقتها في 2010. عامذاك، كان تيّار المستقبل هو من يشكل اللوائح ويزكّي المجالس البلدية ويسمي رؤساءها. أما اليوم، فيغيب التيار الأزرق تماماً عن المعركة: لا دعم سياسياً أو مادياً لأي من المرشحين.
وعليه، تتفيّأ انتخابات هذا العام في ظلّ العباءة العائلية والعشائرية التي تتحكم بإدارتها وتركيب اللوائح والترشيحات، فيما لم يعد للأحزاب السياسية ولو مجرد “مونة” على المرشحين، ويقف معظم نواب عكار متفرجين، ومتجنّبين تسمية أي مرشح أو دعم أي من اللوائح خشية استفزاز العائلات وتوسيع الشرخ بينهم وبينها. لكن هذا الغياب يثير، من جهة أخرى، مخاوف من أن ترك المعركة حصراً في يد العائلات، قد يزيد من الحماوة الانتخابية، ويؤدي الى إشكالات ترافق عمليات الاقتراع.
“المشهد السياسي العكاري لم يعد على حاله بعدما تغيّرت التحالفات وتبدّلت الاصطفافات، وهذا ما يؤكده تهرب المستقبل من خوض أي معركة علنية”، بحسب النائب السابق وجيه البعريني الذي قال لـ”الأخبار”: “طوال السنوات الماضية لم يقدم المستقبل شيئاً مما وعد به العكاريين. لذلك من الطبيعي تنحّيه عن تسمية أحد بشكل علني، لأنه لا قدرات مالية لديه لفتح أي معركة انتخابية، وحتى لا ينكشف تراجع حضوره الشعبي”. إلا أن البعريني يؤكد أن المستقبل “ليس غائباً تماماً، وهو يدعم لوائح معينة في عدد من القرى والبلدات العكارية متلطّياً وراء العائلات”، مشيراً الى التوافق الذي يجري العمل عليه في بلدته فنيدق “مع عدد من النواب المحسوبين على تيار المستقبل، وهو بات في مراحله الأخيرة”.
ببنين مثالاً
تعدّ ببنين الأكبر بين قرى عكار، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 40 الفاً، ويتعدّى عدد ناخبيها الـ 20 ألفاً موزعين على أكثر من 100 عائلة. ويتنافس في ببنين نحو 100 مرشح على 21 مقعداً بلدياً، و50 مرشحاً على 15 مركزاً اختيارياً.
الأجواء توحي بأن المعركة ستكون قاسية في البلدة التي تتنافس فيها ثلاث لوائح، الأولى برئاسة رئيس البلدية الحالي كفاح الكسار، والثانية برئاسة المحامي مأمون المصري، والثالثة برئاسة محمد الرفاعي. وباستثناء الجماعة الإسلامية التي تدعم لائحة الكسار، تحجم بقية الأطياف السياسية عن إعلان موقفها. نائب المنطقة خالد ضاهر أكّد لـ”الأخبار” أنه في ببنين، كما في بقية قرى عكار، “لن أكون طرفاً مع أي لائحة”، لافتاً الى الخصوصيات العائلية وروابط القربى بينه وبين العديد من المرشحين. وأضاف: “طالما لا توجد منافسة سياسية علنية معي فلا ضرورة للمعركة”. وعن خشية المستقبل من خوض معركة علنية مع ضاهر في ببنين، أجاب: “باب التعاون مفتوح. ربما لو أراد المستقبل خوض المعركة باسمه، لكنا تحالفنا معه إذا أراد، أو نافسناه. ولكن طالما أن ذلك لم يحدث، فإن المعركة ستبقى في الإطار العائلي التنافسي”. ولفت الى أن المستقبل أكد أنه سيبقى على مسافة واحدة من الجميع، “لكن توجيهات صدرت عن قيادة المستقبل لرص الصفوف في عكار ومعظم مناطق الشمال”. وأكد التزامه الى جانب التيار طوال المدة المتبقية من الفترة النيابية، “وعندما تنتهي هذه الفترة لكل منا خياره”.
ومع إغلاق باب الترشيحات في محافظة عكار، بلغ عدد المرشحين لعضوية المجالس البلدية 3040 مرشحاً و689 مرشحاً لمركز مختار، يتوزعون على 128 بلدة. وفيما يرى الكثير من العكاريين أن الفرصة سانحة اليوم لإيصال خياراتهم بعيداً عن أي ضغوط سياسية أو حتى مادية، في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالمستقبل، إلا أن الشائعات المتداولة تشير الى أن المال الانتخابي سيكون اللاعب الأكبر الأحد المقبل